انتخب حزب المؤتمر الهندي امس سونيا غاندي الايطالية المولد زعيمة لنواب الحزب في البرلمان مما يعني فعليا انها ستتولى رئاسة الحكومة في الهند التي تعد اضخم ديمقراطية في العالم. واخذ نواب حزب المؤتمر المنتخبون حديثا يدقون الطاولات في القاعة المركزية بالبرلمان عند اعلان انتخاب غاندي بالاجماع زعيمة للكتلة البرلمانية للحزب. ولم تحضر غاندي الجلسة. وقبل اسابيع لم يكن احد يرى اي فرصة في ان تصبح سونيا غاندي الايطالية المولد زعيمة حزب المؤتمر الهندي المعارض الرئيسة القادمة لحكومة اكبر دولة ديمقراطية في العالم. لكن ارملة راجيف غاندي رئيس الوزراء الذي اغتيل تحدت جميع استطلاعات الرأي والخبراء وتستعد الآن لشغل أعلى منصب في البلاد. وتعززت فرص غاندي ابنة عامل البناء من تورينو بايطاليا التي تزوجت من أكبر عائلة في الهند قبل 30 عاما في الفوز نتيجة موجة غضب بين ملايين الفقراء في الريف صوتوا ضد حكومة القوميين الهندوس لاحساسهم بان الازدهار الاقتصادي لم يشملهم. وقال المعلق السياسي بران تشوبرا: الفضل كله تقريبا يرجع الى سونيا غاندي لحملتها التي لم تكل والجماهير التي جذبتها وشعبيتها... من الواضح انه لم يكن لاصلها الاجنبي تأثير على الناخبين. ولم يتوقع سوى قليلين ان تنخرط سونيا في هرج ومرج السياسة الهندية عندما اغتيل زوجها في مؤتمر سياسي بعد اعوام قليلة فقط من اغتيال امه رئيسة الوزراء انديرا غاندي بالرصاص على ايدي حراسها. وكانت غاندي /57 عاما/ قالت في مقابلة اجريت معها مؤخرا: ذلك جزء من حياتنا السياسية فوالدة زوجي وزوجي عاشا وماتا من اجل البلاد. ولا اظن انهما كانا يرغبان في ان يموتا باي طريقة اخرى. وواصلت زعيمة حزب المعارضة الرئيسي تجوالها خلال الانتخابات التي استمرت ثلاثة اسابيع تلقي الخطب في مؤتمر تلو الآخر لدعم فرص حزب المؤتمر. واستبعد كثير من المحللين السياسيين غاندي وحزب المؤتمر الذي تتزعمه قبل الانتخابات لكن في النهاية كان سحر العائلة السياسية ناجعا. في البداية كانت غاندي متراجعة كثيرا عن منافسها رئيس الوزراء اتال بيهاري فاجبايي زعيم حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي. لكن المد السياسي تغير بفضل الحملة القوية لعائلة غاندي وسونيا على وجه الخصوص التي جذبت حشودا غفيرة على طول الطريق من القلب الزراعي في شمال الهند حتى ولاية اندرا براديش الجنوبية. وساعد دفع ابنها راهول وابنتها بريانكا في الحملة الحزب لكن في النهاية كان لحملة سونيا التي لا تكل الفضل في انتشال الحزب رغم هجوم الحزب الحاكم الذي لا يتوقف والذي ركز في حملته على أصلها الاجنبي لكنها أصرت على هنديتها.ولم تدخل سونيا غاندي عالم السياسة الا في عام 1998 بمناشدة من الحزب بعد هزيمة ساحقة في الانتخابات. وتضمن معظم خطاباتها اليوم باشارات مثيرة عن عائلتها خصوصا والدة زوجها وزوجها الذي اغتاله انتحاري فجر نفسه معه في ولاية تاميل نادو في عام 1991. وخلال مؤتمر انتخابي مثير في ولاية تاميل نادو في هذه الانتخابات قالت غاندي انها مستعدة لان تلقى المصير الذي لقيها زوجها. وقالت: بينما اقف على هذا التراب الذي تشرب بدماء زوجي اقول انني لن اتردد في ان اشاركه في الشرف الذي ناله. وتبعد الهند آلاف الاميال عن مسقط رأس سونيا ابنة عامل البناء في بلدة اوبرسانو القريبة من تورينو بايطاليا. وعندما بلغت 18 عاما ذهبت الى كمبردج بانجلترا لتتعلم الانجليزية. وهناك التقت براجيف الذي كان يدرس في جامعة كمبردج، وتزوجت منه رغم اعتراضات اسرتها في حفل هندوسي وكان عمرها 21 عاما وقامت بدورها كزوجة ابن مطيعة لامه التي كانت رئيسة للوزراء آنذاك. وعندما انخرط زوجها الطيار في السياسة بعد مقتل شقيقه في حادث طيران في عام 1980 قاومت سونيا هذه الخطوة بقوة. وكتبت سونيا في كتاب عن زوجها حاربت بشدة كنمرة من اجله ومن اجلنا ومن اجل ابنائنا. من اجل الحياة التي صنعناها معا... وصداقتنا السلسة غير المعقدة وقبل كل شيء من اجل حريتنا. وتابعت تقول: كنت غاضبة ومستاءة من نظام ارى انه يريده كساق يمكن التضحية بها. نظام سيسحقه وسيدمره كنت متأكدة تماما من ذلك.