الملف العراقي يقف على رأس الملفات التي سوف تبحث في القمة العربية الدورية بتونس في أخريات الشهر الجاري، ويطمع العرب في خروج قادتهم بقرارات حاسمة حيال أزمة العراق حفاظا على سيادته ووحدته الوطنية وكرامة اهله، فلا ينبغي تغليب اي خلاف هامشي في القمة المرتقبة على مصالح الشعب العراقي وهو يبحث عن الوسائل المأمونة لاستقراره وأمنه، فالصوت العربي إزاء هذه المحنة لابد أن يتجانس ويتوحد لمواجهة التهديدات الخطيرة التي يواجهها العراق، وهي تهديدات يمكن أن تمتد بخطرها المحدق على سائر الأقطار العربية، فامتلاك القدرة العربية على انتشال العراق مما هو فيه من محن، وكذلك امتلاك القدرة على تفادي التهديدات المحتملة، هما مسألتان حيويتان لابد من بحثهما بجدية ومسؤولية في قمة تونس، فالملف العراقي كما يتضح للعيان هو الأكثر إلحاحا لبحث مستجداته وتداعياته، فهو ملف يؤكد بالفعل اختبارا عمليا للقدرة العربية على فعل ما يمكن فعله لانقاذ العراق من أزمته الحالية، وفي هذا السياق فان بامكان القادة العرب التشبث بالثوابت العامة تجاه تلك الازمة بشكل ربما يدفعهم لاطلاق مبادرة يمكن بمقتضاها اعادة الملف العراقي الى بيئته الطبيعية، أي اعادة بحث الأزمة عبر قنوات الأممالمتحدة، وتلك مبادرة ان اطلقت في القمة فربما يكون لها وقع على اكثر من مستوى ، لاسيما في الظروف الحالية التي تمر بها الأزمة بعد فضائح التعذيب التي مورست في سجن أبو غريب وما أحدثته من مأزق سياسي خطير تعاني منه الولاياتالمتحدة وبريطانيا الأمرين، اضافة الى فشل احتواء بؤر التمرد في العراق، فمن شأن اطلاق تلك المبادرة أن تحظى باهتمام دولي واسع لاسيما أنها ستكون متزامنة مع الاعداد لنقل السلطة الى العراقيين، ولاشك ان الظروف الصعبة التي تعيش في أتونها الأمة العربية تستدعي بالضرورة الاهتمام بالملف العراقي ليس من منطلق التضامن فحسب بل انطلاقا من أهمية العمل على تفعيل استقرار المنطقة بشكل عام وابعادها عن موجات التوتر والاضطراب، فلابد من التحرك عربيا لمشاركة فاعلة ومؤثرة في الشأن العراقي، وترجمة المواقف العربية عبر القمة المقبلة الى صوت مسموع لحلحلة الأزمة العراقية وتسويتها.