أجمع خبراء وسياسيون عرب على أن قمة بغداد مطالبة بقرارات جذرية لإرضاء شعوب سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان، موضحين أن القمة تأتي في وقت يموج فيه الوطن بثورات سياسية وحلم التغيير وسقوط أربعة أنظمة. وطالبوا بضرورة اتخاذ قرارات بشأن سوريا وإنقاذ شعبها الأعزل من بطش نظام بشار الأسد، موضحين أن القمة ستكون ساحة صراع بين بشار الأسد ومن يساندونه من جهة وبين القادة العرب الذين هالهم ما يجري في سوريا. ويرى سياسيون عرب أن القمة العربية ستفشل لأن العراق لا يزال مريضا بسبب الاحتلال الأمريكي ويعيش وضعا أمنيا وسياسيا وإقليميا متأزما في ظل سيطرة إيرانية على القرار العراقي. رؤية عراقية النائبة العراقية ندى الجبوري قالت : انه لا يخفى على اهل الحكمة والمسؤولية طبيعة التحديات التي يمر بها العراق في هذه المرحلة، خاصة بعد انسحاب القوات الامريكية، فحجم المسؤوليات قد تضاعف وازدادت التحديات، موضحة ان المعطيات الجديدة في المنطقة الاقليمية اضافت مسؤوليات اخرى إلى القرار العراقي. لذلك يسعى العراق بجدية لتأسيس افضل العلاقات المتوازنة مع الاشقاء العرب على اسس الاحترام والمصالح المتبادلة. واشارت إلى أنه على الرغم من الخلافات السياسية بين الكتل فإن العراق يعيش حالة من المخاضات العسيرة ومرحلة انتقالية جديدة نحو بناء الدولة وتثبيت دعائم الديمقراطية فيها، ولا شك بأن سعينا لبناء الدولة لا يمر فقط من خلال تهدئة الاجواء السياسية المحلية في العراق وتقريب وجهات النظر بين كافة الاطراف المؤثرة في الخارطة السياسية والاجتماعية وانما يمر ايضا من خلال مد جسور التعاون مع كافة دول الاقليم والعالم العربي وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي وتقوية العلاقات بيننا وبينهم لنتمكن من عبور هذه المرحلة الحرجة في بناء الدولة واعادة الاستقرار للمنطقة العربية. وقالت : ان العراق يقدر مواقف بعض الدول العربية التي قد يأخذ عليها عراقيون ترددها في إقامة علاقات كاملة مع العراق بعد العام 2003، وذلك لفجاعة ما كان عليه الوضع في العراق بعد الحرب والاحتلال من فوضى وعدم استقرار وضبابية في المشهد السياسي. ورأت أن «اليوم الوضع تغير ونثمن دور القادة العرب الداعم للعراق بعقد القمة في بغداد» مبينة أن ذلك خطوة ايجابية ستساعد على اعادة العراق الى حاضنته العربية بعد غياب طويل. واضافت «ونسعى لأن تكون هذه القمة البداية نحو اقامة علاقات متينة بين العراق والدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي بمختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والثقافية والتربوية والاجتماعية والصحية». وفيما يتعلق بالمسألة السورية أشارت الجبوري إلى مبادرة للحكومة العراقية لحل الازمة السورية وخطورة هذا الملف على المنطقة، مبينة أن «ما عاصره العراقيون ساسة وشعبا فى ظل هذه السنوات التسع اغنى تجربة التغيير والربيع العربى الذى نتكلم عنه انطلاقا من العراق .. ورغم ان تداعياته كانت كبيرة لكن العراق الآن يستطيع ان يعطي الرأى بما يحدث من صراعات اقليمية بالمنطقة». وقالت ان قضايا مثل الارهاب ومكافحته ستكون على طاولة القمة العربية، و«هذا الموضوع من البنود التي طلب العراق إضافتها» إلى جدول الأعمال. الجامعة ستتراجع تحت القيادة العراقية عضو المجلس الوطني السوري الدكتور صادق الموصلي اكد ان الجامعة العربية بمكوناتها الحكومية بدأت تجد نفسها مجبرة على التحرك والتعامل مع قضايا لم تكن تحلم كوادرها بالتعامل معها في الماضي، مما يضعها أمام موقف صعب لان التوازنات الموجودة داخل الجامعة ومحددات العمل العربي غير معرفة عمليا وإنما نظريا على الورق فقط، مما يجعل حركة أي سياسي داخل أروقة الجامعة مرتبطة بقدرتها على التعامل مع الشخصيات الموجودة والتي تخضع بدورها للحكومات التي تتبع لها. موضحا انه في ظل الظروف الراهنة وما اجمع الإعلام على تسميته بالربيع العربي تزيد التحديات التي تواجهها الجامعة العربية ومن يقوم على رئاستها. واضاف : من المعلوم ان العراق الجريح هو المرشح لرئاسة الدورة السنوية القادمة، ولكن هل تستطيع الحكومة العراقية بتركيبتها الحالية والتحديات الداخلية أن تقود عربة العمل العربي للعام المقبل؟. ولاحظ الموصلي أن قطر قدمت نشاطا مميزا وبدعم من دول الخليج في العام المنصرم، وخاصة في الشأن السوري وكانت الرئاسة القطرية مؤثرة في عمل الجامعة، والسؤال المطروح هنا الآن : هل سيكون للعراق بحكومته - دور في قيادة العمل العربي على الوجه الأمثل؟. وأجاب على تساؤله بقوله «اشك في ذلك، لأن العراق منقسم داخليا وسياسات حكومته الحالية في حد ذاتها عرضة لتجاذبات إقليمية أو دولية، وبهذا فان العراق سينقل الكثير من هذه التجاذبات إلى الداخل العراقي وبالعكس، وسيفسر العمل في القضايا المطروحة الآن على خلفيات السياسة العراقية الداخلية وبالذات من رئيس الوزراء الحالي المالكي. وقال الموصلي ان من أهم القضايا المطروحة الآن هي الثورة السورية والموقفان العربي والدولي حيال هذا الحراك الشعبي المنقطع النظير والذي ما زال بعد عام من القمع لم يكل ولم يمل بل يزداد يوما بعد يوم. وقال ان المتابع لمواقف بعض الدول من هذه الثورة وخاصة العراق يعرف أن هذا الأمر (القيادة العراقية لقمة بغداد) لن يكون بأي حال من الأحوال في مصلحة السوريين، حتى بعد تصريح وزارة الخارجية العراقية بعدم دعوة بشار الأسد إلى القمة، ونحن لا نرى في ذلك إلا تحركا سياسيا لإبداء بعض من حسن النية تجاه السوريين، ولكن لا ضمان أبدا في ان يلتزم بذلك القائمون على السياسة الخارجية العراقية. ورأى الموصلي ان «القمة العربية التي تنعقد في وقت يذبح فيه الشعب العربي السوري من الوريد إلى الوريد تحت مرأى ومسمع العالم الذي ما زال يفكر بالتحرك المجدي السياسي والذي أضحى اليوم في رأي السوريين أبعد من أي وقت مضى اضحت محملة بقرارات جذرية لحل الاشكالية». وشدد على أن «العرب أصبحوا مطالبين بالتفكير اليوم بمنظار آخر ومن زاوية جديدة يرون فيها حركة الشعوب ومطالبها، والعاقل يعلم أن الشعوب هي التي تبني الدول وليست الحكومات المؤلفة من بضعة أشخاص، تغيرت المعطيات على الأرض العربية وأصبح للشعوب صوت مسموع ومن الحكمة الإنصات لهذا الصوت». وتوقع الموصلي أن يشهد دور الجامعة العربية تراجعاً باستلام العراق لرئاستها وذلك لان العراق الجار المباشر لإيران والذي لا يخفى على احد النفوذ الإيراني فيه بالإضافة إلى المصالح المشتركة بين الحكومة العراقية الحالية والنظام السوري، مبينا ان النظام السوري سيعمل على تمييع الحراك السياسي العربي الضاغط عليه. ورأى أن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة الانقسام على مستوى الدول العربية بين داعم ومعارض للحراك الشعبي السوري. سوريا تعاني من جنون حاكمها المحلل السياسي وائل الشايجي قال : ان مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في بغداد، سيصادف انعقاده ذكرى مرور عام على بدء الثورة السورية التي انطلقت في 16 مارس 2011 وهو العام الذي شهد سقوط عدد من الديكتاتوريات في العالم العربي، منها من سقط بعد هروب رئيسها، ومنها من سقط بعد أن تنحى وسجن، ومنها من سقط وقتل، ومنها من سقط بعد اتفاق سياسي، ولم يتبق من هذه الثورات العربية إلا سوريا التي تعاني من جنون حاكمها وحبه المفرط للدم وتفنن باستباحة دماء شعبه وإذلالهم ظنا منه أن السلطة ستدوم له وسيبقى في حكمه أبد الآبدين. واوضح ان القمة العربية تنعقد بعد عجز كامل لجامعتها عن اتخاذ موقف موحد تجاه هذا النظام الأرعن، فمنهم من يهادنه، ومنهم من يعاونه على استباحة دماء شعبه، ومنهم من يعلن له العداء واتخذ خطوات فعلية لإسقاطه وإنقاذ ما تبقى من شعب، والمحافظة على وحدة الشعب السوري وأراضيه، ولكن الغريب أن القمة تعقد في دولة تساعد النظام الأرعن في قتل شعبه، ففتحت الحدود لبعض مليشياتها الشيعية لنصرة العلويين في سوريا، وإمداد النظام بالأسلحة التي يتم تهريبها من إيران عن طريق العراق محتضنة القمة العربية، مبينا ان جميع قرارات القمة ستكون (شو) اعلاميا «لزوم البروتوكول»، ومن ثم سيصدر بيان يشهد خلافا حول صياغته، ومن ثم سيكتب بتبسيط للوضع السوري وكأن ما يجري فيها من أحداث هي مواجهة بين جيشين متساويين في العدد والعتاد، وأن الخسائر من الطرفين، وليست إبادة جماعية لشعب أعزل. إدانة التدخلات الإيرانية الدكتور عبدالله الغانم استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت يرى ان انعقاد القمة العربية في بغداد يحمل ابعادا عديدة من حيث ارتباطها بحساسية المكان والزمان والملفات المطروحة، مبينا ان المفارقة الحقيقية ان تنعقد القمة في بغداد لبحث كيفية التعامل مع نظام عدائي ضد الشعب السوري وهي التي كانت عام 1990 مقرا لنظام بعثي آخر مارس سلوكا عدائيا ضد شعب عربي آخر بالغزو وهو الكويت. وقال : اما بالنسبة لاهم الابعاد التي يمكن ان تعكسها تلك القمة فتكمن اولا باستكشاف قدرة الحكومة العراقية في استضافة وتأمين انعقاد قمة شديدة الحساسية من حيث مستوى الممثلين، وهو ما يعني تحديا امنيا كبيرا للحكومة العراقية خاصة بعد انسحاب القوات الامريكية والتي كانت طوال سنوات ماضية تلعب دورا جوهريا في دعم الاستقرار الامني في الداخل العراقي، موضحا ان نجاح بغداد في تنظيم وتأمين القمة سيعطي لبغداد الضوء الاخضر في عودة العراق لممارسة دوره المفقود في ان يكون مقرا هاما لاستضافة المؤتمرات الاقليمة الهامة مستقبلا وذلك بعد ان جمد هذا الدور لاكثر من عقدين من الزمن. واضاف : من ناحية اخرى فان حضور العرب الى بغداد برغم الشكوك المحيطة بامكانية بغداد تأمين الاوضاع الامنية هو بمثابة دعم عربي رسالته هو عودة الثقة العربية بالحالة الامنية العراقية. ولذا سوف تكون نسبة حضور الوفود العربية ومستوى التمثيل معيارا اساسيا في تحديد مصداقية هذا الدعم وهو ربما ما دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لزيارة الكويت في منتصف الشهر الجاري للحصول على دعم الكويت في رفع مستوى التمثيل الخليجي بتلك القمة من حيث الكم والكيف، مبينا ان البعد الآخر الذي يمكن ان يحمله انعقاد تلك القمة العربية في بغداد هي محاولة الحكومة العراقية اثبات هويتها السيادية العربية للعراق وانه لا يزال يمارس دوره العربي لتنفي ما يدور عن سقوط العراق تحت الهيمنة او النفوذ الايراني. اما عن اهم الملفات التي يجب ان يحملها جدول الاعمال قال الغانم «لا شك ان الاحداث في سوريا ستكون مطروحة بقوة على طاولة المباحثات باعتبارها اهم الاحداث الجارية سخونة كونها اشد الملفات حساسية من ناحية الانقسامات والتجاذبات السياسية من حيث اصرار دول مجلس التعاون الخليجي على اتخاذ تدابير اشد تجاه النظام السوري من جانب، في حين ترى دول اخرى ومنها العراق ترى اتخاذ اجراءات اقل صرامة. وطالب الغانم القادة العرب بضرورة اتخاذ خطوات عملية بارسال فريق من المراقبين العرب للتحقيق في الاوضاع السورية. وطالب بأبعد من ذلك كأن تتبنى الجامعة قرارا بتسليح المعارضة والجيش السوري الحر، «على الرغم من ذلك في نظري بعيد المنال»، او ما هو ابعد من ذلك كالخيار العسكري وذلك في حال استمرار تعنت النظام السوري في عدم الاستجابة للقرارات الدولية الداعية الى ايقاف ممارسة العنف ضد شعبه، وسيكون دور دول مجلس التعاون الخليجي هو المحور الاهم وليس جامعة الدول العربية في الدفع تجاه الحل غير السلمي اذا ما فشلت الحلول الاخرى. واوضح ان الملف النووي قد يكون هو الآخر محل تباحث ليس في جانبه التقليدي وهو البرنامج النووي الايراني ولكن ايضا في التطورات الجديدة المتمثلة في تزايد التدخلات الايرانية في الشئون المحلية لدول مجلس التعاون الخليجي كما الحال مع الحالة البحرينية مبينا انه يرى اصرارا من دول مجلس التعاون الخليجي على توجيه ادانة واضحة لايران ودعوتها لعدم التدخل بالشئون المحلية لدول مجلس التعاون الخليجي ولذا فقد لا تقتصر القرارات الصادرة من قمة بغداد في الشأن الايراني على اطارها التقليدي في دعوة الجمهورية الايرانية للتعاون مع الجهود الدولية في حل اشكالية الملف النووي بل ايضا دعوة ايران للكف عن التدخل في الشئون الخليجية واحترام سيادتها. مساندة العراق للطاغية بشار نائب الرئيس السوري الاسبق عبدالحليم خدام اشار الى ان انعقاد مؤتمر القمة العربية يثير التساؤل والشك والريبة لأن الحكومة العراقية تساند الطاغية بشار الأسد في عدوانه الدموي على الشعب السوري، موضحا ان هذا المؤتمر سيكون ساحة صراع حاد بين بشار الأسد والذين يساندونه من جهة وبين القادة العرب الذين هالهم ما يجري في سوريا وما يشكل ذلك من أخطار على سوريا وعلى دول المشرق العربي ولذلك فمن المحتمل ألا يشارك قادة هذه الدول في هذا المؤتمر. واوضح خدام ان الاحتمال الثاني الضعيف أن تكون قد جرت اتصالات بين دول الجامعة تشير الى أن مثل هذا المؤتمر سيشكل ضغطا على الطاغية بشار الأسد ليقدم تنازلات في المؤتمر لا ترقى الى مستوى انهاء الأزمة وانما الى المناورة للخروج من الحصار الذي يعاني منه الطاغية بشار وهذا الحل مرفوض من الشعب السوري وبالتالي ستستمر الأزمة وسيستمر الخطر على سوريا وعلى المنطقة، مبينا أن بشار الأسد المتورط بجرائم القتل والمدعوم من ايران ومن روسيا لن يقدم على خطوة جدية من الخطوات التي أقرتها جامعة الدول العربية، مؤكدا في الوقت نفسه ان عدم اتخاذ قرارات عربية ودولية لتشكيل ائتلاف عسكري لانقاذ الشعب السوري سيدفع المنطقة الى مزيد من التوتر. جرائم العصر المراقب الجزائري انور المالك قال : ان انعقاد القمة العربية في بغداد جاء استثنائيا على مستويين أساسيين، الأول يتعلق بالظروف التي تنعقد فيها القمة، والخاصة بمدّ الربيع العربي الذي سيحط رحاله لاحقا بدول أخرى بعدما أسقط أنظمة كانت تعتقد نفسها في دائرة القوة والمناعة، وفي ظل الثورة السورية التي تصنع الحدث الدولي بامتياز، من جهة انتشارها وجرأتها، ومن حيث طبيعة الجرائم التي يقترفها نظام بشار الأسد في حق الشعب السوري والتي تستحق أن توصف بأنها جرائم العصر التي فاقت في نوعيتها وأسلوبها ما فعله هولاكو من قبل. وقال ان الثاني يتعلق بمكان انعقادها حيث ان العراق لا يزال مريضا بسبب الاحتلال الأمريكي ويعيش وضعا أمنيا وسياسيا واقليميا متأزما، فلا يمكن أن يكون العلاج في مكان موبوء، كما أنه تحول من جبهة مناهضة للمدّ الفارسي إلى بلد يحكمه بيادق إيران حيث تحركهم كما تريد وحيثما تشتهي. واشار مالك الى انه بين هذا وذاك نجد أن البلد المضيف العراق، يلعب دورا بارزا في الأزمة السورية لأسباب طائفية بحتة تجلّت كثيرا في مواقف متعددة منها رفضه للخطة العربية ودوره الاستخباراتي في مهمة المراقبين العرب حيث أرسل وفدا لعب دورا قذرا لصالح الاستخبارات السورية، كما سبق وأن حاول لعب دور لحلحلة الأمور غير أنها باءت بالفشل، والسبب هو هوى حكام العراق الذي يتناغم مع إيران ومخططاتها الفارسية في المنطقة العربية، هذا الهوى الذي صار يخير الشعب السوري ودول المنطقة بين النظام العلوي في سوريا أو حرب إقليمية مدمرة ضررها يمس الجميع. واوضح ان الأمور اصبحت أعقد بكثير خاصة وان سوريا مجمدة في هياكل الجامعة ليس بسبب كامب ديفيد بل بسبب جرائم إبادة يرتكبها النظام في حق شعبه، ومصر شبه مغيبة عن المشهد لأسباب داخلية مما أثر على صيرورة الأحداث في العالم العربي لما تمثله هذه البلاد من ثقل وهي رأس حربة حقيقية في بلورة المواقف بسراديب الجامعة، مبينا ان الأمور ستنتهي بالتشرذم لأنه يوجد أطراف عربية تطالب بالتدخل العسكري لإنقاذ المدنيين وهذا الذي سترفضه العراق حتما والتي لن يكون سقف مطالبها كما كان في 1978 بل سينزل إلى أدنى الأدنى. واكد مالك أن القمة فاشلة بصفة مطلقة إذا لم تصل إلى إتفاق جدّي بتشكيل قوة عسكرية عربية تتدخل في سوريا كما جرى من قبل في لبنان، أو في أقل تقدير دعم الجيش الحرّ بالسلاح والعتاد لإيقاف آلة الموت الذي عجز لحدّ الآن في إيجاد مخرج دولي له، فالرهان على حلّ سياسي للأزمة السورية هو كمن يريد أن يدخل الجمل في سمّ الخياط، فالنظام البعثي استعمل آخر أوراقه وهي سياسة الأرض المحروقة في الداخل والآن يراهن عليها إقليميا في إطار مخططات الهلال الشيعي الفارسي حتى ينجو من حبل المشنقة، فلا يمكن أبدا الوصول معه إلى أي حلّ يمكن أن ينقذ البلاد من الدمار النهائي بالرغم من أن ما جرى لحدّ الآن لا يمكن وصفه سوى أنه خراب لا مثيل له. وقال ان الرئيس السوري انتهت شرعيته في اليوم الذي أمر باستعمال السلاح لقمع المتظاهرين المطالبين بالاصلاحات، ولا يمكن أبدا أن يتنحّى بمحض إرادته لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن المسألة تتعلق بأبعاد طائفية وأخرى ترتبط بصراع القوى الكبرى التي للأسف الشديد جاءت على حساب العزّل والمدنيين في بابا عمرو وحمص وادلب وغيرهم. القضية الفلسطينية اما السياسي الفلسطيني حسن عصفور فيؤكد على ان القمة العربية في بغداد ستكون لها طابع خاص في ظل سقوط اربعة انظمة عربية في مصر وتونس وليبيا واليمن، واشتعال الصراع في سوريا الى حد الحرب الاهلية بين نظام بشار الاسد والمعارضة السورية، مشيرا الى أن القضية الفلسطينية تأتي فى أولويات جدول أعمال القمة العربية، خاصة وان ترتيب القضية الفلسطينية فى جدول أعمال القمة متقدم، ويأتى مباشرة بعد تقديم أمين عام الجامعة العربية تقريره حول العمل العربى المشترك وتطورات الأوضاع فى المنطقة، وتطوير منظومة العمل العربى المشترك. وقال ان القمة ستبحث مختلف أبعاد المواضيع المتصلة بالقضية الفلسطينية، ومن ضمنها قضية القدس والاستيطان، ودعم موازنة السلطة الوطنية، ووضع اللاجئين الفلسطينيين، مؤكداً أن القادة العرب سيبحثون خلال القمة أيضا تطورات عملية السلام في ظل التعثر فى التسوية الناجم عن التنكر الإسرائيلي، موضحا انها يجب ان تناقش موضوع أسلحة الدمار الشامل، والموقف العربى يقوم على أساس الحق بامتلاك الطاقة الذرية للاستخدامات السلمية، وضرورة إلزام إسرائيل بتفكيك أسلحة الدمار الشامل والانضمام لمعاهدة منع الانتشار النووي. مطالبا بضرورة ان تتطرق إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلى للجولان العربى السورى وأجزاء من الأراضى اللبنانية، وأنها ستناقش تقديم الدعم للصومال واليمن والسودان، وسبل مكافحة الإرهاب. إخلاء المنطقة اما المحلل السياسي الاماراتي الدكتور عبد الخالق عبدالله فاوضح ان القمة ستبحث 10 قضايا رئيسية اهمها القضية الفلسطينية ومستجداتها، والوضع في الجولان العربي المحتل، والتضامن مع لبنان ودعمه، وتطورات الوضع في سوريا، وكذلك تطورات الوضع في اليمن والدور العربي لتعزيز استقراره، والوضع في الصومال، ومتطلبات إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها السلاح النووي، وبنود حول الإرهاب الدولي وسبل مكافحته، النظام الأساسي للانتقال الى مرحلة البرلمان العربي الدائم، بالإضافة إلى الوثائق الخاصة بمشاريع القرارات المرفوعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي. واوضح ان العمل العربي المشترك والدراسة الخاصة بتطوير الجامعة العربية والقضية الفلسطينية وتطوراتها والوضع في سوريا والصومال واليمن وما يتعلق بنزع السلاح النووي وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الإرهاب، مبينا ان الجميع يقدم الدعم منذ بداية المبادرة العربية لحل الأزمة السورية سلميا وفي إطار حوار وطني يؤدي إلى تشكيل حكومة وطنية جديدة، ومازلنا حتى اليوم كعراق من أكثر الدول المتحمسة للحل العربي وساهمنا في بعثة المراقبة والدعم المادي لمهمتها، والآن الجامعة العربية ارتأت ضرورة إشراك مجلس الأمن والأمم المتحدة في قرار الوصول إلى تسوية للأزمة السورية وأرسلت المبعوث الأممي العربي المشترك الخاص بسوريا كوفي عنان، ونحن بدورنا ندعم هذا المسار. تمادي النظام السوري في عناده في حين يري الدكتور حماد وادي سند الكرتي مدير المركز الإفريقى للعدالة ان القمة العربية في بغداد فائقة الأهمية لدول مجلس التعاون الخليجي الست أولاً، لعودة العراق إلى الحضن العربي، وثانياً، لجهة تأثير سياسة العراق نحو سوريا في التناول الدولي للمسألة السورية والمسألة الإيرانية، موضحا ان روسيا والصين اتخذتا مواقف جديدة نوعياً نحو النظام السوري بموافقتهما على بيان رئاسي لمجلس الأمن صدر بالإجماع وألقى المسؤولية الأمنية والعسكرية على دمشق ودعم انتقال السلطة من حكم الحزب الواحد إلى نظام سياسي «ديمقراطي وتعددي»، مبينا في الوقت نفسه أن موسكووبكين تراقبان عن كثب تطوّر العلاقات الخليجية - العراقية لما لها من انعكاسات على تلك المنطقة المهمة نفطياً واستراتيجيا. وقال ان قمة بغداد ستكون محطة مهمة، فهي القمة العربية الأولى في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين، بالاضافة الى ان تدفق القيادات الخليجية إلى قمة بغداد لها دلالات سياسية وأمنية واقتصادية واستراتيجية ثنائياً وإقليمياً ودوليا، مشيرا الى انه لا بد من التدقيق في أسباب التغيير الذي طرأ على الموقفين الروسي والصيني، خاصة وان أولى محطات الاستنتاج أن موسكووبكين شعرتا بأن الإهانة، هذه المرة، لم تأتِ من مجلس الأمن الدولي بل من الرئيس السوري بشار الأسد الذي استمر في تصوير المسألة على أنها معركة الحكومة السورية مع زمرة إرهابيين في إنكار للأمر الواقع على الأرض. ثم أتت الرسائل الإلكترونية بين الأسد وعائلته ومستشاريه وأصدقائه لتبيّن مدى التمادي في عدم أخذ الأمور بالجدية اللائقة فيما آلاف السوريين يسقطون قتلى وجرحى. واوضح ان ثاني الأسباب يكمن في تمادي النظام السوري في عناده على مواقفه وفي تباهيه بالدعم الروسي والصيني وكأنه أداة حصانته من المحاسبة والعفو عن أخطائه، خاصة وان الصين حاولت ان تفهم أركان الحكم في دمشق بأن مصالحها تقتضي أن يُغيّر النظام من مواقفه وأساليبه، ولكن أركان الحكم فشلوا في فهم اللغة الديبلوماسية الصينية وأفشلوا المبعوث الخاص الذي قام بمهمة نادراً ما تقوم بها بكين، مشيرا الى ان لروسيا نصيبها من الإفشال بسبب تمادي دمشق في الاطمئنان إلى أن موسكو ستحمي ظهرها مهما فعل النظام. حارس أمن يجري تفتيشاً في اطار الاجراءات الأمنية في بغداد