وجدان .. يا حلما ورديا تلاشى ... انقضت عليه وحوش الظلام فودع عالمنا المكفهر وراح إلى عالم من نقاء حقيبتك المدرسية بما تحتويه .. تسأل : أينك ؟ فما اعتدت أن تهجرينى بهذا المدى الزمني الطويل .. أينك؟ وما علمت بأنك غادرت عالمنا البشرى ورحت إلى عالم من نقاء. قتلوك يا وجدان ولكنهم ما قتلوا اسمك وما قتلوا الوهج الذي يفيض به اسمك وما قتلوا الألق النابض شعاعا في عينيك قتلوك .. وما قتلوا الاحساس بالألم في نفوس من عرفوك .. ومن رأوك رأوك حقيقة قبل الرحيل .. قبل الوداع الأخير .. رأوك.. صورة هادئة صافية باسمة على صفحات الصحف قتلوك .. وما قتلوا فيك أحساسك باللذة والحب والأمان وأنت في عالمك الغيبي الذي يحفل بمالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قتلوك .. فأهدوك بقتلهم الحرية والجمال والفرح وتركوا لنا الحزن والدموع والألم وجدان يا دمعة الوطن الشفافة ... يا عاكسة كل ألوان الطيف الشمسي الجميلة تعكسينها علينا سبعة ألوان نقية حالمة بريئة .. وهي في جوهرك لون واحد أبيض كالثلج، ناصح كالشمس ،نقي كالمطر كان معجم الأمثال العالمية يقول : (إن جيشا من الظلام لا يستطيع أن يطفيء شمعة واحدة) ومن قال هذا المثل السائر يعلم أنه سيأتي عصر ستنقلب فيه الحقائق فيتحرك الساكن ويسكن المتحرك في لحظة واحدة فيهزم الجهل العلم .. ويخاف أصحاب القلم من حملة الكبريت والبارود والرصاص وتتراجع الحقائق وتتقدم الخرافات والخزعبلات وبذلك يستطيع الظلام / مهما قل .. أن يطفيء الشمعة ..بل يطفيء شموعاً كثيرة وجدان .. يا وجدان أمتي ووجدان وطني ووجدان من يحب الحب ويكره الكره يا من أحببت السلام .. وربيت وأطعمت الحمام .. وطرت طيران اليمام في لحظة ... خرجت وفررت من قيد الزمان لحظة أخذتك معها أو أخذتها معك .. وبقينا على ساحل الذكرى ورصيف الحزن ننشج العبرات ونذرف الدمعات يحاول كل منا أن يجد له من يعزيه ويمسح دمعته .. ولكن من أين وكلنا ثاكل .. ذابل .. ماحل ... آه يا وجدان .. يا وردة أحرقتها النيران وأحرقت قلوب أهلها وصديقاتها وأحبابها أحرقت مشاعر أقلامها وكراساتها وكرسيها وطاولتها في المدرسة أحرقت الطفولة النقية البريئة الكل يبتلع مرارة الفراق ويقاوم حرقة الوداع وليته قادر: يا كوكبا ما كان أقصر عمره .. وكذا تكون كواكب الأسحار الهمنا الله واهلك الصبر والسلوان .. وأبدلك أهلا خيراً من أهلك في دار الجنان ورحم الله غربتك ... وآنس وحشتك وحفظ الله بقية اترابك من هذا العنف الأخطبوطي المتوحش.