ان يقدم الانسان على ايذاء الآخرين.. نهبا للمال او هتكا للعرض.. او قتلا او تدميرا.. كل ذلك يشكل خروجا على مقتضيات الشريعة الاسلامية السمحة.. وعلى القانون الالهي الذي حرم قتل النفس والاعتداء على الآخرين دون وجه حق.. ودون الاحتكام الى الشريعة المعمول بها تحت مظلة السلطة القضائية.. وسلطة ولي الأمر المخول لإحقاق الحق وردع الباطل وحماية افراد المجتمع أمنا وسلامة وحقوقا. ان ارتكاب هذه الجرائم بحق الانسان الآخر.. مهما كانت الدوافع والمبررات هو نتيجة اتجاهات فكرية منحرفة.. ونزعات شريرة.. وميول عدوانية لاتقيم وزنا للحق ولا اعتبارا للقيم والمبادئ الدينية والانسانية.. بل هو انحراف الفطرة التي فطر الله الناس عليها. الفطرة الانسانية التي فطر الله الناس عليها فطرة خيرة.. وطبيعة زكية.. وهي كالأرض الطيبة.. اذا عني بها انبتت باذن ربها الزروع والثمار الطيبة.. وعلى العكس اذا اهملت من العناية او اسيء استخدامها.. وهكذا فان تربية الفطرة الانساينة والعناية بها وتوجيهها يجعلها صالحة نقية خيرة.. قادرة على الصمود أمام تيارات الفساد.. واذا اهملت الفطرة من التربية والعناية والرعاية.. تغلبت عليها عوامل الخبث والشر فوجهتها نحو السلوك المنحرف وارتكاب الجرائم قولا وعملا.. بحق الناس الابرياء وبحق الوطن.. دون رادع من ضمير.. ذلك لان الضمير الخالي من القيم والمثل العليا المتفق عليها انسانيا والتي جاءت بها الشريعة الاسلامية.. والأديان الاخرى.. غير مؤهل لضبط سلوك صاحبه.. وغير قادر على توجيهه نحو الخير والبر والتقى.. فيصير آلة تدمير.. زاعما لنفسه الحق في تكفير الآخرين والحاكميةعليهم.. بكل ما تسول له النفس الأمارة بالسوء.. اتباعا لأوامر الاشرار ممن يسعون في الارض فسادا. والبيئة بأبعادها الجغرافية والانسانية والثقافية.. وبوسائطها التربوية: الاسرة والمدرسة والمجتمع تؤثر في الفطرة إما تأثيرا ايجابيا صالحا.. او تأثيرا سلبيا فاسدا. يقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه) فاذا كان التأثير ايجابيا ينسجم مع القيم والمثل العليا الفاضلة فانه يعزز الفطرة الخيرة ويعليها ويسمو بسلوك صاحبها.. واذا كان التأثير سلبيا فانها تنحرف بسلوك صاحبها نحو الشر، ويصبح الانسان ضحية الهوى والتطرف الفكري.. ويكون مسلوب الارادة.. ضعيفا أمام تأثير العناصر الشريرة.. ويصير آلة في ايديهم ينفذ اوامرهم في ارتكاب أبشع الجرائم بحق الابرياء.. فلا العقل يدرك الحق ولا الضمير يردعه عن الشر. وحتى نصون الفطرة الانسانية الخيرة ونسمو بها في اولادنا بنين وبنات.. ونرتقي بسلوكهم عن حمأة الشر والجريمة.. فانه من الاهمية بمكان ان نوفر لهم تربية سديدة في اسرة مستقرة اجتماعيا وعاطفيا.. تربطها علاقات حب مشبعة لافرادها.. لأن الحب من اهم الحاجات الاساسية للانسان. ومن شأن ذلك ان يعزز في نفوسهم الدوافع الانسانية الخيرة. اما اذا تزعزع كيان الاسرة وتفسخت علاقات الحب والانتماء بين افرادها.. فان الفطرة تكون ميالة للشر.. متمردة على القيم والمثل العليا.. ويكون الانسان اميل الى السلوك المنحرف.. واتباع من يغويه. ولكي نصون الفطرة الانسانية في اولادنا.. فان الحاجة تبدو اكثر الحاحا الى مناهج تعليمية سديدة.. في بيئة مدرسية راقية.. يقوم عليها مربون يتم اختيارهم بعناية فائقة من المشرفين والمعلمين الذين يمثلون نماذج متميزة بأخلاقهم وعلمهم وحسن تعاملهم، الذين يغرسون في ابنائنا وبناتنا القيم والمبادئ الفاضلة.. وينمون فيهم الميول والدوافع الانسانية الايجابية.. ويربونهم على السلوك القويم.. والادراك السليم.. والتفكير السديد.. ومن شأن ذلك تسليحهم وتحصينهم ضد المؤثرات الفكرية المنحرفة. وقد قيل: (ان وراء كل امة عظيمة نظام تربوي سديد). وان القارئ الكريم لاينقصه الوعي بالدور الذي تلعبه الاسرة والمدرسة في بناء شخصية الانسان فضلا عن المجتمع بمقوماته ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية.. وان واجبنا جميعا ان نحمي انفسنا واولادنا وبلادنا ومقومات حياتنا الاجتماعية والاقتصادية من الجريمة والمجرمين بالابلاغ عنهم وعدم التستر عليهم.. فلم يعد الصمت بنافع اذا جاء الخطر ووقعت الحوادث الارهابية وازهقت الارواح ودمرت الديار.. بل ان واجبنا كمواطنين يقضي بالتعاون على منع ذلك بكل الوسائل، واتخاذ التدابير الحازمة لمساندة السلطات الامنية بالمعلومات عن المجرمين حماية لنا ولافراد المجتمع من الخطر، والله يحفظ بلادنا ومقدساتنا من المعتدين.