صوته وخطوات قدميه مميزة، إنه محمد الذي يباشر موظفيه بابتسامة مليئة بالحب والتحفيز المعنوي والعلاقة الإنسانية عندما يزورهم في مكاتبهم أو يقابلهم في ردهات الشركة، لذلك يفتقدونه عندما يسافر في مهمة للشركة بينما يشعرون بالضيق والمعنويات المتدنية عندما يباشرهم نائبه حسام بعبوس وكبرياء، وعندما يلاحقهم بالتعليمات المتتابعة ليبرز من خلالها شخصيته المتسلطة أثناء غياب رئيس الشركة. فنائب مدير الشركة من الذين يحبون التحكم والسلطة التعسفية والقوة في تعامله مع الموظفين بينما يجذبهم رئيسها للعمل بنظرته الإنسانية الثاقبة التي تستحوذ على ولائهم وحبهم للعمل. وما هذان النموذجان إلا لتوضيح بعض الجوانب القيادية التي تدير الشركات نحو النجاح أو الفشل. وهذه المقدمة توضح لنا أنه يمكننا تصنيف المديرين إلى نوعين رئيسيين حسب توجهاتهم وخصائصهم الشخصية التي تؤثر في تفضيلهم واختيارهم نمطا إداريا على آخر. الصنف الأول من المديرين يحقق أهداف شركته من خلال التعامل الإنساني الحساس اللطيف مع الموظفين بينما يطغى الجانب الميكانيكي الآلي على الصنف الثاني الذي لا يضع للجانب الإنساني اعتبارات لتحقيق أهداف شركته، حيث يعتقد أن أهداف الشركة تتحقق بالتسلط واستخدام القوة. الإنسان بطبيعته مخلوق اجتماعي يحب الانتماء والاحترام والاعتبار من قبل الآخرين، لذلك نراه يتفاعل مع الأسلوب الإداري الإنساني بشكل إيجابي بينما يتفاعل مع الأسلوب المتسلط بالعناد والمقاومة والرفض لأن ذاته تتعرض للإهانة حسب اعتقاده، وبخاصة عندما يسيطر شعور نشوة السلطة على عقل وسلوكيات رئيسه الذي يستخدم مركزه الوظيفي بتعسف لتحقيق أهداف شركته. ويعتقد البعض أن الأسلوب الأمثل في التعامل مع الموظفين يزيد من ولائهم ومشاركتهم في تطوير أداء شركاتهم. لا شك في أن المدير الذي يدرك أهمية التواصل الإنساني يجني ثمرة سلوكه الطيب سواء كان متواجداً في شركته أم خارجها. ويجب ألا نستغرب عندما تحقق المعاملة الجافة المتسلطة نتائج مؤقتة لأن ذلك ناتج عن رهبة لا رغبة، لكنها تختفي بسرعة عند غياب المدير المتسلط عن موظفيه لأنهم لا يكنون له الولاء بسبب سوء تعامله معهم وتعسفه الإجرائي. وهذا لا يعني أن يكون التعامل مثالياً مع الجميع لأن المعاملة القاسية قد تصلح لبعض الموظفين الذين لا يتأثرون إيجابياً بالمعاملة الحسنة والأسلوب الإداري الإنساني المرن. ولكل حالة الطريقة المناسبة للتعامل معها، لكنني أعتقد أن حسن المعاملة يحقق نتائج إيجابية بشكل عام. وقال أحد المهتمين بأداء الشركات السعودية: المديرون يتأثرون بالمجتمع الذي يعيشون فيه، ويكتسبون صفاتهم الإدارية منه. هذا كلام صحيح مما يجعلني التمس العذر لهم على تعسفهم، بل أضيف إلى ما أشار إليه غيري بالقول إن مجتمعنا يشجع قسوة المدير في تعامله مع موظفيه لأنه مجتمع يميل لثقافة القوة والسلم الهرمي التقليدي والفصل بين المدير وموظفيه في الشركات من حيث المكان والمركز الوظيفي، حيث نجد مدير الشركة السعودية محفوفاً بطبقات كثيفة من مديري المكاتب، بل ان بعض مديري مكاتب المديرين في بعض الشركات كون لنفسه طبقة أخرى من المديرين. يقول أحد المهتمين بالتصميم الوظيفي إنه أصبح لمدير مكتب الشركة مدير مكتب يدير شؤونه، بحيث لا يستطيع الموظفون الوصول إلى مدير الشركة إلا بعد اختراق هذه الطبقات البيروقراطية الكثيفة. وخلاصة هذه المقالة تشير إلى أهمية المدير الإنساني الذي يحقق أهداف شركته ويشبع الرغبات الإنسانية لموظفيه لأن التعامل الإنساني الطيب ينتج عنه الأداء الإيجابي الذي يخدم أهداف الشركة وموظفيها. * أستاذ الإدارة الإستراتيجية والتسويق المساعد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن