على أرصفة الكلام.. حين تهطل أمطار الألم.. لتغسل طرقات الجرح.. ينفك عقد الصمت.. وتنفرط الكلمات.. أمي.. لماذا تنام مدينتي بلا أجفان..؟؟!! لماذا تغادر أزمنة الحلم.. مبكرة..؟؟!! فتنمو الطفولة بلا دمى ولا أطياف.. أمي لماذا كلما أغمضت عيني.. طار شعاع من صدري.. وكأن الأحلام تنتفض مذعورة.. لماذا نبتهج بالموت وكأننا نحتفل بالحياة..!! تهدهده تحاول أن توقف تدافع أسئلة اليأس في عقله الصغير.. نم.. نم يا صغيري!! أمي.. هل تذكرين أخي أدهم..!! تتحشرج الكلمات.. وكيف أنساه وفراقه جرح ينزف في قلبي؟؟ يشير إلى السماء.. انظري يا أمي إلى تلك النجمة التي تتوهج.. إنها أخي أدهم.. هو أخبرني بذلك ذات ليل.. حين سألته عن أبي الذي خرج يوماً إلى الطريق فابتلعه الطريق ولم يعد.. قال لي أنظر إلى تلك النجمة وأشار إلى نجمة كبيرة كانت تتوهج بنور جميل.. انظر إنها أبي لقد خرج ذلك اليوم ليتحول إلى نجمة تضئ فضاء ليلنا الحالك بالألم.. أصر أن ينتصر للحقيقة فتحول إلى نجمة مضيئة أما هذه النجمة فهي فادي وتلك نادر ابن خالتي.. و.. كل أولئك الذين خرجوا ولم يعودوا تحولوا إلى نجمات ذات يوم كان يحمل حجارة تشتعل غضباً بين يديه كالتي حملها والدي حين خرج سألته.. هل ستعود مبكراً..؟! فقال لي:انتظرني يا صغيري عند المساء قد أعود وقد اتحول إلى نجمة تضيء سماءك كان يتكلم وعيناه تتطلعان نحو الأفق الحزين..!! وأنا متى اتحول إلى نجمة؟!. شىء ما بداخله انتفض..لا..لا.. أيها الصغير لا تفكر في ذلك كن أنت الحياة التي تنعش هذه الأرض عندما تعود.. وستعود يوماً.. فالنجمات بحاجة إلى أرض تضيئها فكن أنت الحياة التي تنعش الأرض..! قبلني.. ومضى.. مضى يسلك الطريق الممتد الذي اجتازه أبي يوماً..!! وضجيج التحدي اسمعه في صدره وهو يبتعد وأغمضت عيني انتظر المساء.. وأتى المساء.. لكن أدهم لم يأت.. خرجت أبحث عنه سألت حجارة الطريق التي يعشقها والوجوه المرهقة بالألم..!! ولكن لا شيء عدا رياح الصمت..!! ثمة أصوات تعبر الطريق وتهتف بمفردات وكلمات.. "لا إله إلا الله.. والشهيد حبيب الله.." وشخص ما.. محمول أنه يشبه أخي أدهم ينام في هدوء كم هو جميل رغم اللون الأحمر الذي يصيغ ملامحه..! اقتربت سألت من الشهيد..؟! وأين أخي أدهم..!! لكن من يسمع كلماتي الصغيرة التي تلاشت وسط الضجيج الثائر..! شعرت حينها بيد تجذبني كان ماجد ابن عمي الذي حملني بين ذراعيه وضمني إلى صدره.. يدفن دموعه في شعري ويقول.. لقد استشهد أدهم يا صغيري غادرت روحه لترقد في مثواها الأخير.. لا.. لا وانفلت من بين يديه رافضاً.. لا.. لقد أخبرني أنه ذهب ليتحول إلى نجمه..!! أخبرت كل من رأيت لكن الجميع كان يبكي حتى أنت يا أمي لم تسمعيني حين أخبرتك أنه تحول إلى نجمة بل ضمتني وحشرجة البكاء تكاد تخترق صدرك.. وأولئك النسوة من حولك المتشحات بالسواد كن يطلقن الفطاريف من بين الدموع يتحدين الآلم..!! خرجت ولم أجد أمامي إلا جارتنا سناء.. سناء التي كانت تحلم بالثوب الأبيض وهي تزف إلى أدهم كانت تسقي ورودها التي ذبلت رغم أنها كانت تسقيها ذلك اليوم دمعاً حزيناً صافياً من عينيها إلا أنها أصرت أن تنحني في انكسار حزين وكأن الحياة قد غادرتها..!! شعر بدمعة طهر تنسكب على جبينه الصغير..!! أمي.. تبكين.. الا تزالين لا تصدقيني.. بلى يا حبيبي أصدقك وهأنا أنظر إلى أخيك أدهم نجمة مضيئة بالأفق لا تطفئها رياح الغدر..!! لم يا حبيبي.. وذابت الأحلام لمدينة حين تغفو أجفانها تأخذ معها كل أسراب الحياة.. وقد هاجر الطير حزيناً وجناحاه مثقلان بوجع الحنين..!! @@ نسيمة طاهر عبدالله من المحرر: يمكن لنا أن نقول يا نسيمة أن هناك قاصة تتشكل عبر ما لمسناه في مشاركتك فهناك راه ( ضمير المتكلم)، وحدث واسترجاع ومع بعض العمق وبالخبرة سيتأكد كل ذلك في سردك.