عزيزي رئيس التحرير بين التأديب والايذاء فرق لايراه كثير من المربين, آباء وامهات ومعلمين. التأديب: تريبة, والايذاء: اعتداء. وحين يكون المؤدب طفلا, فان تجاوز الوسائل التربوية معه واستخدام وسائل الايذاء بديل يعني وضع الطفل في واحدة من اشد ازمات حياته, خاصة حين يصدر الايذاء من المسؤولين عن تربيته..! ومن الجانب الآخر.. ليس المطلوب من الآباء والامهات ان يكونوا ملائكة في رعاية ابنائهم, انهم بشر, يصيبون ويخطئون. وقد يفقد احدهم اعصابه فيصرخ في وجه طفله, او يتلفظ بكلمات جائرة وقد يفيض الانفعال ضربا.. وكل هذه الوسائل غير مقبولة تربويا, وحدوثها بين مدة ومدة خطأ سلوكي يتصدى له التربويون بجدية، لكن الاستمرار على هذه الوسائل يجعل منها نوعا من الايذاء الخطير الذي ينعكس على بقية حياته. انها مشكلة متفشية في جميع المجتمعات. لافرق بين مجتمع ومجتمع, ولا اثر للمستوى الاقتصادي والثقافي في تفشيها, بل هي شائعة. من ناحية اخرى.. نرى ان من قائمة الاطفال الاكثر تعرضا للايذاء, هم الاطفال الرضع الذين يبكون كثيرا, والمعاقون, وذوو المزاج الصعب, والمضطربون في التعليم. وفي معظم الحالات يعاني هؤلاء الذين يتعرضون لسوء المعاملة او الاهمال من مشكلات عاطفية اكثر مما يعانون من مشكلات بدينة. وتتركز هذه الاثار في عدم القدرة على حب الآخرين والثقة فيهم, وتدني احترام الذات, وصعوبة التحصيل الدراسي, والاحباط. امام هذه الحقائق والمخاطر يتجه اللوم الى الاشخاص الذين يمارسون الايذاء بطبيعة الامر. وتبرز الاسئلة البدهية: لماذا الايذاء؟ بعض الاجابات تفيد بوجود مشكلة اخلاقية لدى الأب او الام, او مشكلات عقلية او نفسية لدى احدهما.. فبعض الآباء والامهات لايتمتعون بالنضج الكافي للتعامل مع متطلبات الاطفال, او مواجهة ضغوطهم او يفتقرون الى المهارات الاولية التي تجعلهم قادرين على احتضان احتياجات الاطفال، او انهم يتعرضون احيانا لبعض المشكلات الحادة التي تسبب لهم ضغوطا فينعكس الامر ضجرا وعنفا وضربا مبرحا للصغار. هنا نرى انه مهما كانت الاسباب والخلفيات, فان الكبار مسؤولون عن الصغار، والرعاية الكريمة, والمعاملة الحسنة, والاحتضان العاطفي.. كل ذلك واجبات لامفر من الالتزام بها بدقة شديدة بصرف النظر عن خطأ الطفل او ظروف الاسرة. واذا كان الغضب سببا من الاسباب في مواجهة مخالفة ارتكبها الطفل مثلا, فان هناك وسائل من الضروري اتباعها حين يجد الاب نفسه على وشك القيام بسلوك من شأنه ايذاء الطفل. لاتعاقب طفلك او تؤدبه وانت غاضب, بل الجأ الى طرق تنفس غضبك، وتذكر ان ابنك طفل وانت رجل بالغ.! @@ ناصر مطلق الدعجاني الظهران