حين افتتحت أنيتا روديك مؤلفة كتاب (العمل المغاير) أول متجر لأدوات الزينة لها في العام 1976، كان دافعها الأول لذلك هو أن تكسب قوت يومها هي وعائلتها. وكانت قد تعلمت من أسفارها الكثيرة في مراحل مبكرة من حياتها كيف تستخدم الثقافات المحلية (الأعشاب والنباتات والأغذية) في تنظيف وتلميع وحماية الشعر والبشرة. ولذلك فقد اختارت مجال أدوات التجميل بعد أن أزعجها افتقار صناعة التجميل للاهتمام الكافي بالحاجات الفعلية لزبائنها علاوة على المغالاة غير المبررة في أسعار أدوات التجميل. واليوم تملك أنيتا أكثر من 1700 متجر زينة تخدم أكثر من 84 مليون زبون بأربع وعشرين لغة مختلفة. وما زالت أنيتا وأدوات تجميلها مشهورة ومعروفة بسبب المسحة الأخلاقية والاعتقادات الحالمة في التجارة العادلة والوعي بالبيئة وحماية الحيوان واحترام حقوق الإنسان والحملات الاجتماعية. كتاب (العمل المغاير) يرصد في تسلسل زمني الأحداث التي مرت بها الشركة طوال العقد المنصرم، ويقدم دليلا إرشاديا لرجال الأعمال المغامرين، ويضع جدول أعمال حالمًا لمنشأة تجارية عالمية مؤسسة على قيم العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان واقتصاد المجتمعات المحلية، والقيم الأخلاقية، والسمة الإنتاجية للروح البشرية. وطبقا لأنيتا، فإن معظم الشركات في العالم لا تفهم معني كلمات مثل المجتمعات المحلية أو الفقر الاقتصادي، أو العدالة الاجتماعية، أو الأخلاق، أو الرعاية أو الأمور الروحانية. وهناك عدد أكبر من الشركات التي أخفقت في إدراك أهمية الاقتصادات الصغيرة واقتصادات الفقراء. إن العمل التجاري يتسم بحرية الحركة والتنقل، ويعمل في أماكن كثيرة من العالم، أماكن لا تطؤها أقدام أغلب قادة الشركات. بوسع المؤسسات والأعمال التجارية أن تطوف من بلد لآخر دون قيود تذكر، بحثًا عن أدنى الأجور، وأكثر اللوائح البيئية حرية، وأكثر الناس بحثًاعن العمل وأكثرهم قابلية للانقياد والتعلم. إن البضائع المعروضة للبيع في الاقتصاد العالمي عادة ما تكون من إنتاج أفقر الناس وأشدهم عوزًا (ومنهم أطفال) يضطرون إلى السخرة والكفاح في مؤسسات تعطيهم أجورًا متدنية وتشغلهم في ظروف عمل سيئة. والنتيجة هي تدمير هائل في سبل المعيشة وفي الثقافات وفي البيئة. واحدى المشاكل الأساسية في عالم الأعمال هي أن الطمع أصبح مقبولا من الناحية الثقافية. إنه طمع بلا كابح قانوني أو أخلاقي، يمكنه أن يدمر كل شيء ذي قيمة في هذه الحياة. وفور أن يشيع هذا الطمع في المجتمع، فإنه يقود إلى وحشية اجتماعية مثل أن يقتل الأطفال بعضهم بعضًا. والقضية هي أن النظام التجاري العالمي، الذي يشرف عليه كل من منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يغلق عينيه على هذا النوع من الظلم. ومع تقلص سلطات الحكومات، فإن هذا النظام يعمل كما لو كان حكومة العالم الجديدة غير المنتخبة التي لا تخضع للسيطرة من أحد وتتمتع بصلاحيات إلغاء القوانين المحلية أو لوائح السلامة والأمان كلما ظهر أن هذه القوانين واللوائح تتعارض مع حرية التجارة. يجب أن يقيس مجال الأعمال نفسه على معيار مختلف. فلا بد أن يحترم ويعين المجتمعات والأسر وأن يضمن سلامة البيئة. ويجب أن يشجع الحكومات على تعليم أطفالها، وأن تداوي أمراضهم، وأن تثمن عمل المرأة، وأن تحترم حقوق الإنسان. ويجب على الشركات أن تعيد تعريفها لمفهوم الأرباح، وأن تقيسه بمقدار التطور البشري لا بإجمالي الناتج القومي. ولا بد أن تكون القيم الروحية أحد أوجه هذا المقياس الجديد لأن البعد الروحي للحياة هو المقصد النهائي. ولا نعني هنا أن نطبق الدين بحذافيره، لكن لا بد من وجود اتجاه يرى الحياة بوصفها أمرًا مقدسًا وتعبيرًا عن وحدة روحية واحدة. لا بد للمؤسسات التجارية أن تطور رؤية عالمية جديدة تحافظ على الفكرة البسيطة التي تقول ان جميع ما في الطبيعة مرتبط ببعضه البعض ومعتمد على بعضه البعض. وهكذا، فإن أي برامج أعمال دراسية في المستقبل لا بد أن تتضمن النص على مبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان واقتصادات المجتمعات المحلية والأخلاقيات أو القيم المحلية، علاوة على إنتاجية الروح البشرية. ولابد لكليات الأعمال أن تصبح أماكن تتقاطع فيها القيم الشخصية والمنافع الاقتصادية. ولتحقيق هذه الغاية، اتبعت معظم المنشآت انتهاج مبدأ (العمل كالمعتاد) فيما نحت أنيتا منحى آخر وكانت طرفًا في حركة مغايرة حاولت وضع المثالية من جديد على جدول الأعمال. Business as Unusual The Triumph of Anita Roddick By: Anita Roddick 304 pp. Thorsons Publishing