عزيزي رئيس التحرير في اسبوع المرور الخليجي الذي وافانا هذه الأيام أود الحديث عما يدور في نفوسنا جميعا ونحن خلف المقود على الطريق.. فلا شك ان ما تشهده طرق السفر الرئيسية والطرق السريعة داخل المدن في بلادنا الحبيبة من تحسين وتطوير له تأثير ملموس على جعل السفر متعة اكثر مما هو عناء، ويكفينا أن نعرف أن اكثر من 45000 كلم من شبكة الطرق قد رصفت أو خضعت لتحسينات فعالة خلال السنوات الماضية بتكلفة تزيد على 130 مليارا كما ذكر في تقرير سابق في أحدى الصحف المحلية وكل هذا يجعلنا ننعم بسفر آمن ومريح، على أن طول بعض طرق السفر لدينا وقلة الاستراحات الحديثة عليها والتي ربما يكون مردها الى الظروف المناخية القاسية والطبيعة الصحراوية ربما تحد من متعة السفر بالسيارة ولكن هناك شيئا آخر هو ادهى وأمر الا وهو سلوكيات قادة السيارات لدى البعض منا، فان ثلة كبيرة من السائقين وخصوصا الشباب تنطوي تحت ما يسمى بقيادة السيارة الاستفزازية التي من اهم سماتها السرعة المتهورة غير المبررة اطلاقا وعدم الاعتراف باشارات تغيير الاتجاه والتشنج الغريب عندما يبدي سائقو السيارات التي امامهم ادنى درجات التأني في الابتعاد عن مسارهم، يضاف الى ما سبق اخلاقيات لا تليق بمن هو مأمور باعطاء الطريق حقه مثل رمي اعقاب السجائر المشتعلة او المخلفات في وجه السيارات التي خلفهم بلا ادنى مبالاة لشعورهم وسلامتهم. انك لتحتار حقا عندما تقود سيارتك في طريق ذي مسار مفرد وامامك شاحنة بطول سيارتك عدة مرات وفي المسار الآخر من الطريق يصطف رتل من السيارات القادمة، واذا بالأنوار العالية للسيارة التي خلفك تسطع عدة مرات وكأنها تطالبك اما بالتنحي عن الطريق او تنطح المركبات على المسار الآخر او الخيار الاصعب وهو القفز بسيارتك فوق الشاحنة التي امامك، وعلى الطرق المزدوجة المسارات يمهلك هؤلاء ثواني قليلة للتنحي او قل الانزلاق الى المسار المجاور سواء أكان خاليا او حتى غاصا بقاطرات لا تعرف المزاح هي الاخرى، وان لم تكف تلك الثواني القليلة يكون العقاب بالانوار العالية التي لا ابالغ ان قلت انها سبب رئيسي لظاهرة البقع الضوئية التي يعاني منها البعض او بأصوات الأبواق التي تنم عن اللامبالاة بشعور الآخرين أو الاقتراب المفزع حتى أنك تخال ان السيارتين قد التحمتا أو حتى بالتجاوز المميت الذي يذكرك بالمطاردات في الافلام الغربية، وربما كان السبب في مغامرتهم هذه هو التأخر عن لعبة جماعية او حتى بلا سبب وهذا لعمري هو منتهى العجب، وبعض السائقين لا يلتزم مسارا معينا فتراه مترنحا بين مسارين كأنما جعل الخط الفاصل للآخرين وليس له فهو غير ملزم به واتساءل احيانا ماذا لو كانت الخطوط الفاصلة غير موجودة، اذا لاستحال انتظام حتى سيارتين في مسار واحد، ويشارك بعض السائقين هداهم الله الجمال السائبة في طريقها لعبور الطرق السريعة غير المجهزة بحواجز مانعة حيث يكونون بانتظارك حتى اذا ما اقتربت منهم على وجل قفزوا بسياراتهم الى الطريق وهذه ظاهرة غير مفهومة حقا ولا أجد لها تبريرا. ويزيد الامر غرابة أن تتكرر هذه المشاهد حتى اثناء القيادة في الظروف الجوية القاسية كالضباب الشديد والامطار الغزيرة فما هو السبب يا ترى؟، ان من يجرب منا قيادة السيارة في بعض البلاد يدرك أننا نعاني ظاهرة غير مألوفة بالنسبة لقيادة السيارات اذ ترى هناك كيف أن صفا طويلا متحركا من السيارات على أحد الطرق الرئيسية يمكن أن يخفض سرعته بكل سلاسة ليسمح لسيارة واحدة قادمة من طريق فرعي بالولوج الى مسارهم، ويلفت انتباهك ايضا الاستخدام الدائم والموثوق لاشارات تغيير الاتجاه اثناء تبديل المسار وترك المسافات الكافية بين السيارات وغير ذلك من الممارسات والآداب في قيادة السيارة والتي نفتقدها نحن بشكل كبير. وفي اليابان مثلا وحدت أن اكثر السائقين احتراما لقواعد المرور واداب القيادة هم سائقو سيارات الأجرة وهذا مناقض تماما لما نعاني نحن منه حيث يفاجئنا سائقوا سيارات الاجرة دوما بتغيير مساراتهم وتوقفهم والسرعة الرهيبة التي يقودون بها. وانه ليثير الدهشة حقا أن يمر عليك أسبوعان في احدى المدن الصناعية اليابانية ولا تسمع صوت بوق عال الا مرة واحدة اذ تتذكر أن اصوات الابواق المزعجة سمة في قيادة السيارات لدينا. وعادة ما يرجع البعض الفروق بيننا وبين غيرنا الى حقيقة أنهم سبقونا زمنيا في التطور العلمي والعملي أو لاختلاف الظروف الاجتماعية والمناخية والعادات وهذا أمر لا ينكر ولكن في هذه الجزئية لا أدري كيف نفسر تفوقهم. وهذا غيض من فيض فالمشاهدات الاخرى التي نتشارك في رؤيتها كلما امتطينا الطريق لتصرفات السائقين الاستفزازيين كثيرة جدا ولا حصر لها. وعلى الرغم من الجهود الهائلة المبذولة في سبيل توعية السائقين بضرورة التحلي بآداب القيادة ووضع العقوبات الصارمة الا أن ظاهرة السائق اللامبال والاستفزازي تتفاقم بشكل كبير بل هي عائق في وجه الكثير من الافكار التطويرية والتي تهدف الى جعل قيادة السيارة لدينا اكثر امانا واقل مجلبة للقلق. فمثلا لا شك أنه قد خطر في بال أحدكم لماذا ننتهج اسلوب تجاوز السيارات من المسار الأيسر فقط وأن التجاوز من المسار الايمن هو امر مخالف للقانون على خلاف النظام في العديد من الدول الاخرى حيث بامكان السائق تجاوز السيارة التي امامه بتغيير مساره الى أي جهة شاء بعد اعطاء اشارة باتجاهه والتأكد من خلو ذلك المسار من سيارات قريبة، وهذا ولاشك يجعل من السائق المتأني أكثر راحة ويجعل السائق الذي في عجلة من أمره غير مضطر الى خفض سرعته كلما اراد التجاوز وايضا يجعل توزيع الحمل متساويا على كل المسارات حيث أنه من المشاهد ان المسار الايمن في طرقنا هو دوما الاسوأ بسبب سلوك الشاحنات له باستمرار. اذا ما الذي يمنع المسئولين المختصين من حتى التفكير في هذا الامر وبحث جدواه. انه السائق اللامبالي الذي لا يعترف بالاشارات ويقود بسرعة مخيفة تجعل من كل تجاوز يقوم به على الطريقة المعمول بها في تلك البلاد مخاطرة لا تؤمن عواقبها وبالتالي يكون التغيير غير مجد بل هو مجلبة لمشاكل أكبر. نعم هناك الكثير من السائقين الوقائيين والذين يتمتعون بأرقى آداب القيادة ولكن هؤلاء يجدون أنفسهم ضحية على الدوام للضغط النفسي الذي يسببه لهم السائقون الاخرون بسلوكياتهم الاستفزازية، والمحير في الأمر أن هذه السلوكيات المشار اليها ليست ديدن أصحابها عندما يترجلون من سياراتهم اذ تجدهم يتمتعون بدماثة الخلق والعقل الراجح، اما خلف المقود فهم استفزازيون. @@ المهندس ممدوح محمد ابن شمسة