ليس جديدا أن نتحدث عن الأمن الغذائي في دولنا العربية عامة، والخليجية خاصة، لكن هموم المواطن العربي في هذا المجال تتزايد كلما ظهر في الأفق ما ينذر بتهديد هذا الأمن وتعريض حياتنا بالتالي للخطر. ففي السنوات الأخيرة ظهر العديد من الأمراض التي تهدد الإنتاج الحيواني والزراعي في العديد من دول العالم، وآخرها مرض أنفلونزا الدجاج الذي بات هما مؤرقا لكثير من بلدان شرق آسيا، ولا يستبعد أبدا أن ينتشر في مناطق أخرى من العالم، أو أن يتطور إلى وباء أشد فتكا بالثروة الحيوانية وأكثر تهديدا لها. وهنا نتساءل: كيف يمكننا تحقيق أمننا الغذائي في ظل هذه الأمراض والأوبئة التي تحيق بالدول المنتجة للغذاء والتي نستورد منها طعامنا؟ ومتى سنفكر جديا في إنتاج وتصنيع غذائنا بأنفسنا حتى لا نظل مهددين من قبل من بيدهم مفاتيح هذه الموارد والصناعات؟ إنه سؤال من اليسير طرحه لكن من العسير جدا الإجابة عنه، فالاستثمار في المجال الزراعي والحيواني يحتاج إلى إمكانيات كبيرة قد يتقاعس عن توفيرها معظم المستثمرين المتعطشين للربح الوفير والسريع، فالمستثمر ليس لديه الصبر لانتظار جني الأرباح مدة طويلة، وبالتالي فإن الاستثمار في هذه المجالات يحتاج دائما إلى دعم حكومي من دولنا حتى يمكن تحقيق النجاح فيه، تماما كما فعلت المملكة العربية السعودية الشقيقة التي وفرت دعما منقطع النظير في المجالين الزراعي والإنتاج الحيواني، ولهذا فقد حققت اكتفاء ذاتيا فيهما، بل وأصبحت تصدر إلى دول الجوار ما يغطي نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية. هذا النجاح يمكن تكراره في العديد من مناطق عالمنا العربي والإسلامي، لكن الأمر يحتاج إلى مستثمرين يعون طبيعة التحديات المستقبلية التي تنتظرنا إذا ظل فقرنا الغذائي على ما هو عليه، وإذا بقينا أسرى لمن يمدنا بالغذاء من دول العالم الأخرى، كما يحتاج الأمر إلى تخطيط استراتيجي من مراكز صنع القرار في دولنا، سواء في الحكومات أم البرلمانات المنتخبة من الشعوب، فالجميع معني بالأمر لأنه يتعلق بحاضرنا ومستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة. فمتى تتحركون يا من بيدكم تحقيق أمننا الغذائي؟!