ترى ماهو ذاك الشعور العامر والغامض الذي يختلج ضمائرنا لحظة ان تقع اعيننا على صورة قديمة لنا ونحن صغار سيبدو الامر لمن يقرأ ذلك الشعور في اعيننا لحظتها كما لو اننا ننظر بعين الشوق لشخص نعرفه حق المعرفة ونحبه ويحبنا وقد فرقت بيننا وبينه السنون فلا يرجى لنا تلاق وكأني بالزمان يقف عندها متأملا في نظراتنا الى تلك الصورة والتي تنطق بالكثير كأنما اضحت كل نظرة صفحة من كتاب الذكريات وكأنما هي تثرثر بحديث الاشواق مع جزء منا فرقت بيننا وبينه الايام فلا ثمة امل باللقاء طفولتنا ذلك الجزء من حياتنا الذي لانفتأ تحملنا اليه نسائم الحنين بصفائه من كدر المشاعر وبراءته التي يزينها قلب خلي لم يعهد شيئا مما ترسمه الايام على وجوهنا من هموم ذلك الجزء الذي نحارب صروف الزمان كيلا تنتزعه منا ومن ذكرياتنا فتبعدنا عنه فلا نعود بعده نتذوق من مشاعر السعادة الا بقدر ما نتجرع من الخوف ان نفقدها. في لحظات كهذه اجدني لا اقاوم الاغراق في الاجابة بمخيلتي على تساؤل جدلي ربما يبدو غريبا واحمقا لاول وهلة ولكنه يحمل لباب الحكمة في حقيقة الامر ماذا لو قدر لنا ان يعود بنا الزمن او نعود نحن بالزمن ثم نخير في لقاء شخص التقيناه وعرفناه من قبل والتحدث اليه ولكن للحظات فقط حتما سيختار الاذكياء منا الالتقاء بانفسهم صغارا ومنا من سيوجز مازرعته الايام من حكمة في نفسه بكلمات ليزرعها هو في عقل ذلك الصغير اظن البعض يتمنى لو كان باستطاعته ان يهمس في اذني ذلك الصغير بأن يكون قويا وحازما في لحظة معينة من عمره هي بالتحديد لحظة قرار ما فحياة اغلبنا مبنية على لحظة قرار فان كان فيها ضعيفا ومشوشا بقي حياته يتجرع مرارته ومعاتبا ذاته على لحظة ضعف وان وفق لحظتها بالحزم والثقة والارادة ظفر بما تمنى او على الاقل لم يقض بقية حياته لنفسه لائما هناك قرارات جد هامة في حياتنا نتخذها في مقتبل العمر فاختيار شريك العمر وتخصص الدراسة او العمل بل وتحديد الاهداف الرئيسية التي سنقضي السنين في سبيل الوصول اليها كلها قرارات مصيرية وحتمية في نفس الوقت ويجب ان تحدد ولما يكتمل بعد فهمنا للحياة اذا فلنعلم اولادنا كيف يستطيعون اتخاذ قراراتهم بالقليل من العاطفة والكثير من التفكير ولنزرع الثقة وقوة الارادة فيهم حتى لا يقعوا ضحية للحظة ضعف في لحظة قرار فهم لن يمنحوا ابدا فرصة ليتحدثوا الى انفسهم صغارا.