السؤال هنا قبل الدخول في موضوع مقالي، هل تنحصر (القيم) الأخلاقية بمنظومة الدولة ؟ أم أن القيم هي حصيلة الأعراف والقيم الاجتماعية وهي التي تتفاعل تحت مظلة قوانين الدولة بمساهمة المجتمع المدني ؟ هناك تحولات مريرة تمر بمجتمعاتنا العربية اليوم أكثر من السعودية ، وهي تعكس حالات غياب أخلاقيات التعامل التي كنا نلمسها في الماضي ، فهل هي نتيجة فوضى في تكنولوجيا المعلومات وسرعة الفضائيات أم أنها بسبب تنافس الميديا المعاصرة ؟ حسناً لقد شرح ذلك كل من الدكتور عبدالعزيز الملحم من وزارة الثقافة والإعلام والدكتور فايز الشهري في لقاء ما بين الغرفة التجارية بجدة مع جامعة الإمام محمد بن سعود ، ولكن في وجهة نظري فقد استطاع وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة من خلال الموقع الاجتماعي (face book) ان يفرض على المجتمع المدني السعودي المساهمة بمحاربة الفوضى الإعلامية ، بأن ترك الأمر كل حسب إمكانياته وطاقاته وموقعه للتصدي لمواجهة هذا الانفلات الأخلاقي والثقافي الذي يهدد النسيج الاجتماعي السعودي . بالطبع هناك تجاوزات بسيطة من شباب المجتمع ، ولكن عبدالعزيز خوجة وجد أن هناك طاقة إيجابية وقدرة رائعة في جيل سعودي صاعد على الانترنت ورأى بأنهم « أكثر قوة وأفضل تأثيراً» من الحكومة بمراقبة المخالفات الحكومية والعادات الاجتماعية وبقدرتهم على مراقبة الفضائيات الهابطة وبمحاربة مواقع الانترنت المعادية للوطن ، لذلك ترك لهم مساحة من الحرية للتفاعل لخلق فكر خلاق في المنتديات الالكترونية والشروع بالعمل التطوعي على عمل ندوات ومحاضرات في توعية المواطنين ، ليكون المجتمع المدني مسؤولاً عن حقه التوعوي وفي حقه في الحصول على المعلومة والرسالة الملتزمة والنقية من الشوائب. إن شباب الانترنت السعودي هم من الاوئل الذين وضعوا (مواثيق الشرف) على مواقع الانترنت والتي تعتبر احد أهم الأسس الإعلامية للارتقاء بوعي الإعلاميين نحو المجتمع المدني والتي تعمل على تأسيس مصداقية الوسيلة الإعلامية ورصانتها وجديتها ونهجها وتحدد مدى انضباط أفرادها والتزامهم بقواعد السلوك المهني ، والمساهمة بعودة المثقفين والمبدعين والمستنيرين والمحدثين من كتاب وشعراء وفلاسفة ورجال قانون ومفكرين الى المنتديات. ومع ان تعدد الأنظمة والمحاكم في الخليج عموماً التي خلقت نوعاً من التخوف والتوجس لدى (الإعلاميين) ولدى (المجتمع المدني) من تغليظ العقوبات التي دكت (الديمقراطية ) بالفوضى القانونية ، والتي نعتقد بأنها ساهمت بنوع من كبت لحريات المجتمع ومن معيار لميزان الشفافية ومن الطرح الجريء ، من خلال سن قوانين تراعي أطرافاً حكومية وشخصيات نافذة ضد المصلحة العامة ، خاصة وأن المعايير القانونية الإعلامية أصبحت فضفاضة ، وكأن المقصود منها محاربة العدالة والحقيقة مثل جهد اللجنة الإعلامية في جامعة الدول العربية التي وضعت «ميثاق شرف للعمل الإعلامي العربي» التي يعتبرها النقاد عودة الرقيب العربي المتمثل في الحكومات العربية ووزارات إعلامها. انتهيت من الوضع العام الإعلامي العربي ، حتى انتقل الى الوضع الخاص بحقوق الصحفي والذي يماثل دوره العملي أمام المجتمع المدني مثل المحامي أو المدعي العام في توضيح الحقوق العامة للمجتمع المدني ، وأقول بأن أنظمتنا الإعلامية السعودية لم تتضمن بشكل صريح ما يحفظ حقوق الصحفي أو الإعلامي ، بالرغم من أننا وفي مقارنة للنظامين القديم والجديد في السعودية تتضح حداثة النظام الجديد التي وضع بعض الاشتراطات والضوابط التي تساهم في تعزيز المحررين الصحافيين ولكنها لم تكن كافية لحقوق الصحفي والإعلامي . ولعل ذلك يضعني وفي عجالة قانونية أن أنتقل مع القارئ الكريم الى موضوع المشاركة العامة من الصحفي أو الإعلامي أو المواطن في الانترنت ، حيث نجد أن المشرع قد وضع بعض العقوبات للجرائم المتعلقة بالنظام الالكتروني وذلك حماية للحقوق العامة والخاصة ، حيث جاء في الفقرة (الخامسة) من المادة (3) التي حدد فيها التجاوزات التي يعاقب عليها النظام الالكتروني وهي : «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة، وهذا البند تدخل فيها الصحافة الالكترونية وهو ما تم توضيحه في البند (9) من المادة (1) في نظام جرائم المعلومات بنصه التالي: الموقع الإلكتروني: هو مكان إتاحة البيانات على الشبكة المعلوماتية من خلال عنوان محدد، وهنا وبالعودة إلى الصحافة الإلكترونية السعودية نجدها تناولت موضوعات وقضايا جديدة وبلغة جريئة، فضلا عن إتاحتها الفرصة للتعبير عن وجهات النظر المختلفة للمواطن بين الطرح السلبي والإيجابي. ختاما إن اللقاء الأخير للوزير عبدالعزيز خوجة في صحيفة عكاظ يجعلنا نعرض أمام وزيرنا الخلاق العقبات التي تواجه الشباب في الصحافة الإلكترونية في السعودية ومن أبرزها: 1. عدم قدرة الصحافة الإلكترونية السعودية حتى الآن على التأكيد على حضورها المستقل ميدانيا وقانونيا، نظرا لغياب الغطاء الشرعي الذي يمكنها من مناقشة قضاياها مع الجهات الرسمية، فضلا عن أن هناك حالة من عدم الثقة والاطمئنان تسود هذه الجهات إزاء هذه الصحافة. 2. صعوبة التواصل مع مصادر المعلومات الرسمية خاصة مع الجهات الأمنية، نظرا لغياب الدعم الرسمي للحصول على المعلومة، وهي صعوبة قد لا تواجهها بنفس الحدة مواقع الصحافة الرسمية.