لقد اصبح سوق العقار لعبة الكبار، فهم الفاعلون، وهم المسيطرون، وهم.. وهم. في المقابل نجد الصغار يرزحون تحت انين الحاجة، يتطلعون للخروج من المعركة بأقل الخسائر. حينما قفزت الاسعار، وصارت عند حد لايطاق، وجدنا انها مضاربة و(مزايدة) بين الكبار، فالاراضي والمخططات والعمارات شبه بكرة القدم يتلاقفونها فيما بينهم، وكل واحد يفرض سعره الذي يريده، سائرين وفق منطق حركة السوق. فهم وضعوا مستوى الطلب في مخططات كانت مريضة عليلة، فابتلوا بأراضيها التي باتت مخزونة ضمن قوائمهم المؤجلة، التي تنتظر يوما ما ان يفرج عنها، بقدرة قادر، وبذلك رفعوا اسعارها وابعدوا اي طموح لأي طرف صغير او عنصر ضعيف لأن يدخل هذه المعادلة. ولأنهم امتلكوا السيولة، وما ادراك ما السيولة؟!، لذلك فهم يتنقلون في رحاب بلادنا الطيبة، يشترون (ولا يبيعون) واذا باعوا فهم اشبه بمجموعة شريطية السيارات، أو قل هم قريبو الشبه ببعض مؤسسات تعليب الروبيان، يشترونها في الموسم بأبخس الاثمان لتباع بأضعاف ثمنها. في كل مكان في العالم، وفي كل قطاع انتاجي نجد ان المستهلك النهائي يفرض ذوقه العام على السلعة، ونوعية الانتاج، ويتم مراعاته والحرص على مصالحه، فهو الذي يقرر في كثير من الاحيان. الا ان هذا الامر لاينطبق على سوق العقار في المملكة، فآخر ما يحرص العقاريون على مصالح المستهلك النهائي، الذي بات منتهكا لايراعي احد له موقعا في معادلة العقار الصعبة. فالمخططات العقارية تقدم للمستثمرين، والزبائن من كبار العقاريين، وملاك المخطط هم اول زبائنه، يبيعونه على بعضهم، او يتقاسمونه، واذا جاءت الدورة او النوبة على المستهلك النهائي فان الاسعار هي الحاكمة، والتي يتحكم فيها الكبار ايضا، فهم يرفضون البيع اذا شاءوا، ويقرون السعر حسب رغبتهم، وقلما يقتنع عقاري بتحقيق ربح اقل من 20 في المائة، اذا لم يكن 20 ما بعد المائة. واذا جئنا الى المساهمات العقارية، فان مشترى الاسهم في الغالب هم الكبار، بل ان مجموعة المساهمات التي طرحت في السنوات الاخيرة لاتلبي رغبة الطرف الضعيف، الذي لا رأي له في هذا الامر، عليه ان يجمع تحويشة العمر كي ينعم الكبير اياه بمستوى لائق من الربحية. وحين اقيمت (موضة) المعارض العقارية، كان التساؤل الابرز اين المشروعات التي تلبي حاجة الاطراف الضعيفة؟ ولعل المقارنة المؤلمة في سوق العقار هو ما حدث خلال فترتي الثمانينات والتسعينات حين قرر الكبار الابتعاد عن السوق، وتوجهوا الى الاسهم، مر السوق بأحد اسوأ فتراته، وراحوا يتطلعون الى يوم ينهض من كبوته، وما ان جاءت تلك اللحظة حتى انقضوا على الكعكة بصورة مزعجة مؤلمة! @ ألم نقل انها لعبة!