قدم مصدر عراقي مطلع رواية عن اعتقال صدام حسين تختلف عن تلك التي قدمتها القوات الأمريكية بعد إعلان اعتقاله في 13 ديسمبر الماضي، وقال ان جماعة عراقية هي التي اعتقلت صدام وسلمته للأميركيين لقاء مائة مليون دولار وأن الاستخبارات الخارجية الروسية وأطرافاً عربية كان لها دور في هذه العملية. ووفق رواية صحيفة المستقبل اللبنانية الخميس نقلا عن هذا المصدر، فإن مدير مكتب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي اي ايه) في احدى العواصم العربية أفاد رؤساؤه بأن جماعة عراقية استطاعت إلقاء القبض على صدام، ولكن هذه الجماعة تريد رفع المكافأة من 25 مليون دولار إلى 100 مليون، وهي تقطن مناطق غرب العراق وبالأخص الفلوجة والرمادي وتطلب التفاوض للتسليم والاستسلام بمعنى استلام المبلغ المطلوب وتسليم الهدف الرقم واحد للقوات الأميركية في العراق. وتوالت البرقيات، فجاءت برقية من محطة "سي اي ايه" في العراق تشير إلى ان الجهاز الاستخباراتي التابع لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني استطاع ان يحصل على معلومات من مصادر عراقية تزعم القبض على صدام، وهي تريد التفاوض، وتطلب 25 مليون دولار مقدماً و75 مليوناً لحظة التسليم. وبدأت الأمور تأخذ منحى آخر للتدقيق في الأمر، لتتواصل المفاوضات التي دخل فيها وسطاء عرب في عاصمة الدولة العربية التي وردت منها البرقية الأولى. ولأن الموضوع بحاجة إلى ضمانات متقابلة من جانب طرفي التفاوض فقد استمرت المفاوضات نحو 20 يوما. وفي هذه الأثناء تسرّب الأمر إلى الاستخبارات الروسية الخارجية التي دخلت على الخط بدورها. وكان للاستخبارات الروسية دور سابق في محاولة الوصول إلى صفقة حول إلقاء القبض على صدام يعود إلى أوائل ابريل من العام الماضي، وذلك عقب زيارة يفغيني بريماكوف الوثيق الصلة بالاستخبارات الروسية أثناء الحرب الأخيرة ولقائه صدام من دون ان ترشح أي معلومات عن اللقاء، وأعقب ذلك لقاء مستشارة الأمن القومي الاميركي كوندوليزا رايس يوم 6 إبريل 2003 مع مسؤول روسي رفيع المستوى في واشنطن عندما بدا واضحاً للجميع ان كل شيء قد انتهى. وبعد 9 إبريل بدأ سباق بين الاستخبارات الروسية من جهة والاستخبارات الأميركية والبريطانية من جهة أخرى. الأولى تريد ابرام صفقة للقبض على صدام، والثانية تريد إلقاء القبض عليه بدون صفقة، وجرت اتصالات عدة خلال الشهور الماضية بين موسكووواشنطن استخدمت فيها قنوات سرية جدا ومحدودة، الا ان هذه الاتصالات توقفت إلى حد ما بعد تلاشي الآمال في القبض على صدام. لكنها تجدّدت بعد ورود البرقيات وبدء المفاوضات بين الجماعة العراقية عبر وسطاء عرب والجهات الأميركية، إذ اختارت الاستخبارات الخارجية الروسية ان تدخل على الخط، وتكشف انها تعلم بأن جماعة عراقية من عشيرة البو نمر قد استطاعت ان تلقي القبض على صدام. وعندئذ لم يكن امام المسؤولين الأميركيين الا إبرام صفقة محورها ان يتم إخراج عملية إلقاء القبض على صدام على انها انتصار أميركي مقابل عدم المساس بالرئيس العراقي.وكانت عشيرة البو نمر تريد الانتقام من صدام لإعدامه اللواء الطيار محمد الدليمي آمر قاعدة كركوك في التسعينات من القرن الماضي.. ووفقاً للصفقة جرى إخراج عملية إلقاء القبض على الطريقة الهوليوودية. 600 جندي أميركي وعشرات الدبابات من فرقة المشاة الرابعة يهاجمون موقعاً قرب منطقة الدور في تكريت لإلقاء القبض على شبح. وبذلك استطاع الرئيس الأميركي جورج بوش ان يستعيد بعض شعبيته المنهارة وتمكنت دوائر البنتاغون والاستخبارات المركزية من إظهار كفاية وحدات النخبة الاستخباراتية والسرية الأميركية سواء وحدة القوة 20 أو الثعالب الرمادية، فضلاً عن إظهار الجندي الأميركي حامل لقب (شخصية العام) بحسب استطلاع مجلة (تايم) يسحب الهدف الرقم واحد من قبوه في قرية الدور، في حين ان الحقيقة تشير إلى ان لا الاستخبارات الأميركية ولا البريطانية ولا فرقة المشاة الرابعة لها علاقة بالموضوع من بعيد أو قريب. أما بالنسبة لمظهر صدام فقد طلبت الاستخبارات الأميركية من الجماعة العراقية أثناء فترة المفاوضات إبقاءه طيلة فترة اعتقاله في غرفة مظلمة وبدون غسيل لوجهه أو جسمه، وأدى ذلك على ما يبدو إلى حالة الذهول والوضع البائس الذي ظهر فيه عند اعتقاله. وبحسب المصدر العراقي الذي روى هذه الرواية والذي يزعم انه كان طرفاً في المفاوضات حول صفقة القبض على صدام ، فإن الجهاز الاستخباراتي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني قد تسربت لديه المعلومات عن إلقاء القبض على صدام من خلال بعض عناصر الحماية الخاصة بصدام نفسه والتي أمكن مؤخراً القبض عليها بعد ان ألقي القبض على صدام من الجماعة العراقية، الا انه لم يكن يعلم على وجه التحديد من هي الجماعة التي تضع يدها على صدام. جندي أمريكي يخرج من القبو.. تمثيلية! هل ذلك اخراج المسرح على طريقة هوليود