أثار حضور الشعر التقليدي ممثلا بأعضاء رابطة الأدب الإسلامي في الأمسيات الشعرية المصاحبة للمهرجان الوطني للثقافة ردود أفعال متباينة من البعض اذ رأوا ان الشعر غاب وحضرت الخطب الحماسية والوعظية. أما كتاب الأدب الإسلامي فاعتبروا أن القصائد كانت قمة الشعر وحققت ما يصبو اليه الشعراء. وحول هذه الآراء كان لنا هذه الوقفة مع البعض من الطرفين. د. سلطان القحطاني: لا مانع من حضور رابطة الأدب الإسلامي ومن المفترض أن تتاح الفرصة لكل الأطياف... ونحن لا نريد ان نحكر المجال على شيء او ان نكون ضد شيء.. لأن الجنادرية مهرجان عام ومن المفترض ان ينسق فيه لكل شيء لا أن يكون لحساب أحد على حساب آخر.. ولا أن يكون ذلك على حساب الشعراء.. فبلادنا مليئة بهم فأين هؤلاء الشعراء؟ هل وجهت لهم الدعوة ولم يأتوا؟؟ أو أن الدعوة لم توجه لهم أصلا؟ ويتساءل القحطاني مرة أخرى هل وجهت الدعوة للمراكز الثقافية؟ للجامعات؟ للأندية الأدبية؟ للأمسيات الشعرية؟ للصالونات الأدبية؟ هل وزعت عليهم استبانات؟ هل طلب منهم ترشيح أحد؟ هل نشر في الصحف مثلا انه سيقام مهرجان كذا وكذا فعلى من يجد في نفسه القدرة ان يتقدم ويقدم بعد ذلك الى لجان, حيث تقوم هذه الجان بفحص القصائد وترى ان كانت صالحة؟ بشرط ألا تكون لجان مؤدلجة. وأضاف القحطاني: وهناك مشكلة أخرى.. وهي أن الأسماء التي جاءت للمهرجان هي أسماء غير معروفة.. وهذا لا يعنينا بحد ذاته.. نعم.. قد يكون هناك اسم غير معروف لم يحصل على فرصته في بلده لفرض ما.. لكنه ربما يكون قد أثبت وجوده هنا, لكن المشكلة ان الذي جاء وهو مغمور ليس له اسم في بلده نجد انه قد نظم او جهز قصائد خاصة بالمناسبة وهذا ليس من الإبداع في شيء فاذا كان العمل معد مسبقا لينقل ويكتب بالطريقة السكرتارية فهذا ليس إبداعا. أسماء مكررة وأضاف القحطاني: إننا نبحث عن الإبداع ولسنا في حاجة للبحث عن المبدع ولكننا بحاجةالى ان نهيىء الفرصة للمبدع.. وهناك أسماء كثيرة للمبدعين قد تصل للعشرات والمئات فأين مشاركات هؤلاء؟ فاذا كانت الدواوين تملأ الأسواق والمكتبات والجرائد يوميا.. فهل تكون هذه الأسماء غير معروفة؟ يبدو لي ان هذه الأسماء معروفة ولكن للأسف الشديد لم تتح لها الفرصة للمشاركة في هذا المهرجان, فاللجان لا تجهل هذه الأسماء ولكنها مقصرة والتقصير هنا واضح.. فما السبب الذي جعل الوجوه تتكرر كل عام والأسماء تتكرر كل عام ثم تأتي أسماء غير معروفة. وأسماء موجودة لم تدع للمشاركة..او أسماء تدعى للمشاركة وهي أسماء متكررة في السنوات والأمسيات الشعرية وكأنه لا يوجد سواها في هذه البلاد. الشعراء الجدد وأكد القحطاني: أن البلد مليئة بالشعراء والجامعت والمهتمين بالبحث العلمي على استعداد لتزويدنا بقوائم.. وأنا شخصيا من الممكن ان أزودهم بقوائم ولدي الآن بحث في مؤتمر الشعر السعودي في جدة في محرم.. وربما وصلت أسماء الشعراء الجدد الى أكثر من اثنين وستين اسما حتى الآن ومن المهم جدا تقديم الشعراء الجدد في مؤتمر وفي نشر نتاجهم لاعطائهم الفرصة. الشعر الإسلامي يحرك القلوب وقال د. خالد الحليبي: استمتعنا بأمسية رائعة جدا.. وقد استطاعت ان تعطي النواحي الفنية حقها كما أعطت النواحي الموضوعية حقها.. وهناك تنوع واضح: فهناك شعر غزل ونسيب وغيره, ومن الطبيعي ان يطغى الشعر الإسلامي لأن جميع الذين شاركوا شعراء إسلاميون وأي قلب لا يتحرك وشارون يقيم كل يوم مذبحة لإخواننا في فلسطين؟ سقط هذا اليوم سبعة شهداء ومجموعة من الجرحى.. وهدم حوالي أربعين بيتا.. وفي كل يوم يحدث مثل ذلك فالقلوب التي لا تتحرك هي قلوب جامدة متحجرة. فنية عالية وشعر سليم وأكد الحليبي ان المستوى الفني كان رائعا جدا في معظم ما قيل وان كان هناك بعض القصائد التي قد لا ترقى حتى عند الشعراء الى المستوى الذي كانوا يتطلعون اليه ولكنها قليلة.. كان هناك إبداع حتى في الإلقاء.. فمن انخفض أسر قلوبنا بخفض صوته, ومن رفع صوته جلجلت كلماته في آذاننا. مشيرا الى انهم وفقوا كلهم في اختيار قصائد مثلت تجربتهم الشعرية وان كان الوقت سيفا مصلتا عليهم جميعا فقد تمنى كل شاعر منهم ان يعطى نصيبا أوفر من الوقت من أجل ان يمثل تجربته الشعرية بشكل أوضح وأكبر.. ولكن في الواقع وفقت الجنادرية فعلا في اختيار شعراء لهم روعة وجمال. مشاركات شبابية متميزة ويضيف الحليبي: ان من حق الشباب الذين مثلهم الاستاذ عيسى جراد أن يمثلهم في كل عام ولو واحد منهم على الأقل من أصحاب التجارب الجديدة ليثبت وجوده شاعرا حيث انه نال اعجاب الجمهور بشكل واضح جدا بالرغم من انه أصغر سنا بالنسبة لكل الذين شاركوا.. وجاء الدكتور الرجاوي بأشعار رائعة وسمير فراج كان شاعرا مبداعا في النواحي التصويرية والتعبير بالصورة وكان للدكتور شهاب تجارب شعرية جيدة. اما الشعراء الحداثيون فلم يمثلهم أحد.. مؤكدا أنهم أعلنوا إفلاسهم وقالوا ان مشروع الحداثة فشل وقد أعلن هذا مجموعة منهم. أدونيس غير صالح للحضور وأضاف الحليبي: لقد كنت حاضرا على طاولة المشورة حين اختير هؤلاء الشعراء.. وكان مجموعة من شعراء القصيدة الحديثة موجودين وطرحوا أسماء أخرى.. للحضور لم اجد لحضورها معنى او أهمية على سبيل المثال أدونيس حيث ان له قصائد كثيرة لا تتسق مع مبادئنا وعقيدتنا فمن الأولى ألا يحضر.. وعلى الرغم من حرص البعض على إحضاره الا اني أرى انه لم يكن اسما جيدا للحضور والمشاركة. مقاييس غير صحيحة أما الشاعر عبدالله الصيخان فيرى أن أسماء المشاركين من المملكة لم تكن تمثل المشهد الشعري السعودي على حقيقته.. فمن جهة غلب على هوية المشاركين في الأمسيات أنهم ينتمون الى رابطة الأدب الإسلامي ونحن نعتبر كل من يكتب في هذا البلد انه مسلم.. ونتفق كثيرا في ان الإخلاص هو للشعر وان القيمة الفنية هي للشعر.. ويبدو ان الاحتكام في اختيار هؤلاء الشعراء تم بمقاييس آخرها الشعر وأولها انتمائهم للرابطة المذكورة. ويضيف الصيخان قائلا: ومن جهة ثانية لم يكن هناك تغليب للموهبة الشعرية ولم يكن هناك محاولة لتجسيد المشهد الشعري السعودي في هذه الأمسيات متسائلا عن الأسماء الكثيرة من أجيال جاءت بعدنا فيها شعراء بارزون مبدعون فلماذا ننساهم؟! 1ذاكرا بعضهم بقوله: أين عبدالله السميح؟ أين احمد السيد عطيف؟ أين عبدالمحسن يوسف؟ هاشم الجحدلي؟ هلال الطويرقي؟ عبدالرحمن موكلي؟ هذه كلها أسماء لشعراء جاؤوا بعدنا ولهم وجود على الساحة الشعرية يتعدى خمس عشرة سنة وقد أثبتوا وجودهم وجدارتهم ولهم خصوصيتهم وبروزهم كشعراء مكتملين.. فلماذا لم يقدم لهم مهرجان الجنادرية المنبر ومن الذي سيقدم لهم المنبر بعد ذلك؟ وتساءل الصيخان مرة أخرى بنبرة حزن: مما سمعت اليوم لا شك في أننا استمعنا الى شعراء من المغرب العربي ومن مصر وان كانوا ينتمون للرابطة نفسها.. نحن نهتم بماهية الشعر بماهية الموهبة ولي الموقف الأيدولوجي لشاعر معين هو الذي يفرض ان يوجد في المهرجان. إقصاء متعمد وأضاف الصيخان: كانت للقصة والرواية وجود في الجلسات النقدية في السنة الماضية وان كان محور هذه السنة (إصلاح البيت العربي) محور مهم جدا إلا اننا نعتبر ان الشعر نشاط منبري واننا حينما نقدم شعرنا السعودي يجب ان نقدم من يمثل هذا الشعر ومنه يجسده مؤكدا قوله انا لا أبخس الشعراء الذين استمعنا لهم اليوم فموهبتهم الشعرية عالية ولكن يجب ان نمازج بين التيارات الموجودة بالساحة.. لقد شعرت اليوم ان هناك اقصاء متعمد للبعض. وأكد الصيخان ان الذين مثلوا الحركة الشعرية هم أعضاء في رابطة الأدب الإسلامي وهم يقولون بأنهم محرومون من الإعلام وبأنهم مغيبون وما كان مهرجان اليوم إلا فرصة ومجهودا لإعادة الشعر التقليدي. وأضاف الصيخان قوله: إيمانا بحرية الحوار وحرية التعبير التي أقرها مركز الحوار بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. ان أحد الأسباب التي قادتنا الى الفكر المنحرف لدى البعض جاء من شعراء اطلقوا على أنفسهم (شعراء الأدب الإسلام). وحاولوا ان يستقطبوا الطلبة في مدارسهم وفي معاهدهم العلمية وفي جامعاتهم ولدينا الندوات في من الممكن أن يطرح الأدب الإسلامي ويناقش ماذا قدم؟ وماذا عرض وماذا فعل لنكتشف ما فيه.. ماذا كسبنا؟ وماذا خسرنا؟ الصيخان: هناك اقصاء متعمد للآخر تشريح الأدب الإسلامي وفي معرض حديثه عن الأناشيد أكد الصيخان ان كل الأناشيد التي كتبها شعراء الأدب الإسلامي والتي كانت تدرس في مدارسنا الحكومية والأهلية والتي حاولت ان تشوه براءة الأطفال بمواضاعات مغايرة يجب ان يوضع لها حد.. يجب ان نفرز المرحلة ونقدم كل ما قدمته على مائدة التشريح وبهذا نستطيع ان نكسب شيئا يفيد مجتمعنا.. مع إيماني التام بالحوار ولا اقصد من ذلك اقصاء الآخر وان أول من كرّس الحوار وثقافة الأختلاف من الشعراء الجدد والمثقفون وكان هناك تيار آخر يحاول الإقصاء ما أمكن ويحاول تغييب الرأي الآخر وتكفيره واستخدموا لذلك المنبر الإعلام والمسجد والمدرسة. وعن رأيه في طرح أدونيس كاسم للحضور قال الصيخان: التقيت بأدونيس عام 1982م في صنعاء باليمن وقد أحرجني الرجل وأنا المسلم أمامه بما يحفظ من آيات قرانية مؤكدا ان هذه مجرد ملاحظة أهديها للذين رفضوا أدونيس. نجاح الأمسيات وقال د. عبدالقدوس أبو صالح.. رئيس رابطة الأدب الإسلامي ان الأمسيات كانت ناجحة وان كانت الأولى أعلى من من الناحية الفنية وتميز بعض الشعراء بالجودة الفنية والصورة الشعرية, ومال بعضهم الى نوع من الشعر الخطابي الجماهيري. وتميزت الأمسية الثانية بمداخلة من الدكتور عبدالرحمن العشماوي. وتابع ابو صالح: انه تمت دعوة عدد من شعراء قصيدة التفعيلة والقصيدة الحديثة مثل فاروق شوشة, والشاعر احمد الصالح (مسافر) وقد اعتذروا عن الحضور.وأكد أبوصالح انه لم يكن لرابطة الأدب دور في ترشيح الشعراء وهو عضو في اللجنة. مغالطة وحول ضعف المستوى الفني للأمسيتين قال ابوصالح: هذه مغالطة وكما قلت هناك شعراء وقصائد تميزت بالشعر الجيد من الناحية الفنية وهناك قصائد خطابية ولكنها لم تنزل عن المستوى الفني وقد عبرت عن هموم الأمة. أصحاب القصائد الحديثة وتابع أبوصالح: لكن مشكلتهم أنهم يلحون على الذاتية وان الاهتمام بالمضمون, والشعر شكل ومضمون وهم يظنون بأن الأدب الإسلامي يقبل بالنص الهابط, فالنص الإسلامي في مضمونه اذا قصرت الناحية الفنية فإنه يكون حجة على الأدب الإسلامي وليس له.. وحتى يؤثر النص في المتلقى يجب ان يعتمد على الفنية وإلا فلن يؤثر. مضيفا قوله: أقول للصيخان ومن يتهم الشعر الإسلامي بالتحريض على العنف اذا كان التحريض على الجهاد ومؤازرة القضية الفلسطينية هل هذا يسمى تحريضا على العنف؟! فهناك شعراء الأدب الإسلامي ومن رابطة الأدب الإسلامي من كتبوا قصائد ضد المخربين والتحريض.. وفرفضوا العنف وهم د. عبدالرحمن العشماوي ود. خالد الحليبي والشاعر عيسى جرابة ونشروا قصائدهم فكلام الصيخان مردود. الشاعر: عبدالله السميح.. بدأ مداخلته بهذه الأبيات الشعرية للشاعر حسين سرحان:==1== لا تتهمني ياأخي في شرعتي==0== ==0==اني أدين بشرعة الإسلام أوما درى الجهال أني مؤمن==0== ==0==الله ربي والكتاب إمامي لكنني في كل شيء باحثا==0== ==0==ببلاغة فاضت من الإلهام فكرت في الأوهام كيف تكونت==0== ==0==فينا وكنت أدين بالأوهام==2== وقال الشاعر عبدالله السميح ان الأدب الإسلامي مصطلح خطير.. ولو نظرنا للتاريخ لم نجد هذه التصنيفات: العصر الجاهلي, صدر الإسلام, الأموي والعباسي مستدركا قوله لم يقل احد ان الأدب الأموي يجب ان يكون الأدب الإسلامي ومضامينه إسلامية وكان السلف أولى بالحرص على العقيدة. خطاب متخلف وأكد السميح: هذه تصنيفات بائسة والأدب الإسلامي يؤسس لخطاب منغلق يكرس الأحادية وسلطة الإلغاء. وأكد الشاعر السميح انه يتفق الى حد ما ان بعض الأدب الإسلامي يحرض على العنف لانه ينظر بعين الشك والريبة ويحاكم النوايا ويتمظهر بأسلحة الأدب وهل ثمة ما يدعو لذلك؟! فكلنا أبناء ثقافة إسلامية واحدة. وأضاف السميح ان المشكلة انه يؤسس لدولة الأدب الإسلامي في داخل دولة الثقافة الإسلامية ولا نستغرب من مصادرة الآخر وتغيب الأصوات الإبداعية وهذا ما يؤكده أصحاب التوجه للأدب الإسلامي ومن ضمنهم د. عبدالقدوس ابوصالح، عجزوا عن جماليات الشعر ويريدون تعويضه بقصائد المنابر والخطب والوعظ. وتابع السميح: أن عبدالقدوس ابوصالح يتناقض مع نفسه فمرة يقول: ان الحداثيين أصحاب خطاب منغلق في الوقت الذي يوجهون لهم الدعوة للحضور. منظومات كرتونية وأكد السميح على ان الأدب الإسلامي من العوامل المؤثرة على الثقافة السعودية.. فلو أخذنا فترة الرواد حمزة شحاته وحسين سرحان السباعي والأنصاري كان هناك ثراء في الأدب رغم قلة الإمكانات ورغم الخلافات لم يتم الإتهام في النوايا. وتابع: يلاحظ غياب أسماء إبداعية متميزة لها تاريخها الإبداعي مثل. عبدالقدوس بوصالح نفسه. والمشكلة الأخرى ان الأصوات المبدعة لا تسعى ولا تقتحم. أما أعضاء رابطة الأدب الإسلامي فهم يقتحمون كل مكان ويحاربون للحضور فقط فكأنهم منظومات كرتونية لا تمت للأدب بصلة. عبدالله السميح عبدالله الصيخان