مدينة البتراء الاردنية الاثرية الواقعة في منتصف المسافة بين البحرين الميت والاحمر هي أكثر الاماكن جذبا للسياح في المملكة الاردنية بيد أن الحروب والصراعات في البلدان المجاورة تركت بصماتها عليها. كان نحو ثلاثة آلاف زائر يمرون يوميا عبر الطريق الضيق بين المنحدرين الصخريين المؤديين إلى البتراء. وكانت السلطات الاردنية تحاول خفض عدد زوار المنطقة بفرض تذكرة دخول قيمتها 26 يورو للفرد الواحد. الان انخفض ثمن هذه التذكرة إلى النصف ومع ذلك فإن عدد زوار المدينة لا يزيد على ما يتراوح بين 20 إلى 30 زائرا يوميا. ويحصل الطلاب على تخفيض ولكن هذا أيضا فشل في اجتذاب مزيد من الزائرين. اكتشفت آثار البتراء وهي واحدة من أكثر المدن الاثرية الساحرة في العالم قبل مئتي عام. وتتنوع هذه الاثار بين معابد وأماكن لتقديم القرابين ومدافن ومسرح منحوت في الصخور. كان الباحث السويسري يوهان لودفيج يوركهارت الذي يتردد أنه دخل المنطقة متخفيا باعتباره شخصا مسلما عام 1812 أول أوروبي كتب عن البتراء. وقد دون ملاحظات أدت لتوقيفه ثم ترحيله على وجه السرعة. بدأت أزمة السياحة قبل نحو ثلاث سنوات مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في الاراضى المحتلة. ثم وقعت هجمات 11 سبتمر عام 2001 في الولاياتالمتحدة وحرب أفغانستان والعراق. ولا يستطيع سكان البتراء أن يفهموا أن الحروب في الدول الاخرى هي سبب عدم مجيء السياح. فلا يزال السياح من الخليج يحضرون إلى الاردن حيث توفر لهم عمان شيئا من الراحة ومن الحرارة على ارتفاع 800 متر عن سطح البحر. لكن قلة منهم تتوجه إلى البتراء. وينظر إلى الاردن بشكل عام على أنه بلد آمن ولا يعرف هجمات المتطرفين الاسلاميين على الاجانب. كما ينظر إلى الشعب الاردني على أنه شعب ودود ومضياف. فلا ينبغي لسائح أن يدهش إذا ما وجد أردنيا يعرض عليه دفع ثمن تذكرة الباص أو أن صاحب مطعم يصر على عدم أخذ مقابل لوجبة العشاء كنوع من الكرم. ويقول لك إنك ضيف على بلدنا. يقول المثل الاردني إن المسافرين يحلون ضيوفا لمدة ثلاثة أيام. بيد أن دخل الاردن من السياحة لايزال ضعيفا. فنوادي الغوص التي تنتشر في العقبة بمحاذاة البحر الاحمر والمناظر الخلابة في البتراء لاتزال غير معروفة نسبيا في أوروبا. وأنشئت عشرات الفنادق والنوادي الجديدة. وجرت خصخصة نادي الغطس الملكي في العقبة قبل عامين. كما سيفتح في نهاية العام مركز جديد للغطس يضم حانة وبوتيكات وحمامات للسباحة وأماكن للاقامة. وفي غضون نحو ست سنوات سينتهي العمل في منتجع خليج طالا الذي يضم عددا من الفنادق الضخمة ودور السينما وميناء لليخوت. والاردنيون واثقون أن السنوات الثلاث العجاف ستعقبها سبع سنوات سمان. وثمة مشروع سياحي آخر مقام على بعد 200 كيلومتر شمال العقبة وأن كانت أهدافه أقل تواضعا من سابقه. والمشروع يقع في قرية دانا الجبلية التي ترتفع لمسافة 1.600 متر عن سطح البحر ويمكن الوصول إليها عبر طريق المملكة والطريق الصحراوي. يسكن هذه القرية نحو 500 بدوي وسجل أنصار البيئة 25 نوعا من الحيوانات النادرة وأكثر من مئة موقع أثري. بدأ المشروع قبل نحو عشر سنوات بدعم من عدد من السيدات من العائلات الثرية في عمان. وكان من الصعب إقناع السكان المحليين بمزايا السياحة الوادعة وكان كثيرون يرون أن الحماية الطبيعية تشكل تهديدا لاسلوبهم في الحياة. ولم يقبلوا به إلا بعد أن لمسوا مزاياه. اليوم يوجد في دانا مركز للزوار وموقع لاقامة المخيمات ومنزل ضيافة. والوظائف مخصصة للسكان المحليين وفي نفس الوقت تم إيجاد 55 وظيفة جديدة من خلال بيع التحف وغيرها من السلع.