في رحلة صيد الأسماك سوف تعرف كيف تتذوق الجمال.. وكيف تسبح في عالم من الاستغراق الكامل والتأمل في جمال الطبيعة.. جمال النهر.. أو البحر حينما نضع في السنارة ونلقيها نلقي معها همومنا ومتاعبنا.. ولو ليوم واحد، نخرج فيه إلى الطبيعة.. لقد وجدنا المحل مزدحماً. فقد كان موسم الصيد على أشده، البعض يشتري البوصة أو الفيبر وهناك من يشتري السنارات الصغيرة أو الهلب والبعض يصطف في جمع ليس بالقليل ينتظر بائع الطعم الذي يأتي به من المناطق الريفية ليبيعه للصيادين أو للمحل نفسه. حقيبة الصيد اقتربنا من أحدهم.. هو.. عم خليل.. موظف بوزارة الصحة ما أن ينتهي من عمله اليومي.. حتى يذهب ليشتري الطعم ويحمل عدة الصيد.. ويذهب إلى شاطئ النيل يقول: هذه طلعة صيد صغيرة بمعنى ممارسة هوايتي في صيد الأسماك بعد انتهاء عملي كموظف. أما إذا كانت طلعة كبيرة.. فربما تستمر ليومين أو أكثر.. وهذه الطلعة تتطلب المزيد من الاستعداد.. تتطلب أولاً تجهيز حقيبة الصيد ذات الحجم الكبير.. وهي حقيبة لها مواصفات خاصة تتكون من عدد كبير من الجيوب وأن تكون متينة جداً ومقسمة إلى عدة أجزاء مكان لوضع أدوات الصيد.. وآخر يحمل الموقد.. وآخر لبعض الأشياء اللازمة للاسعافات الأولية.. ومكان للمكن الخاص بالصيد بمختلف أحجامه. يضيف عم خليل: هذه هي أول خطوة إعداد حقيبة الصيد وهي تشبه أو تمثل المنزل الصغير الذي يحتوي على كل الأدوات والإمكانيات الضرورية التي تجعلك تعيش يوما أو يومين خارج منزلك أو في العراء على شاطئ النيل أو البحر دون أن تتعرض لأي مشاكل. يقاطعنا سعيد عصفور مأمور ضرائب وصديق عم خليل.. ويقول: نحن فريق عمل أو فريق صيد أسماك نخرج سويا أو مع العديد من الأصدقاء.. لأن هذه الهواية تكون أجمل وأمتع عندما تكون مع أصدقائك.. ونادراً ما يخرج الإنسان للصيد بمفرده.. إلا إذا كان يرغب في الاختلاء بنفسه ولو لبضع ساعات. وعن الأماكن التي يقوم بالصيد فيها قال عصفور: نحن نقوم بالصيد في أي مياه.. النيل.. أو البحر الأحمر.. أو في البحر المتوسط أو في البحيرات المنتشرة في مصر.. والصيد في نهر النيل يفضل أن يكون في الصباح الباكر.. لأن الرزق يكون كبيرا ووفيرا بالرغم من أن البعض يفضل الصيد في ساعات متأخرة من الليل للاستمتاع بالسكون والهدوء حيث توافر الأسماك كبيرة الحجم.. ونصطاد في النيل بالطعم ديدان الأرض الحمراء ويتميز بأنه يصطاد معظم أنواع الأسماك وهناك نوع آخر من الطعم الريم وهو اصطياد نوع سمك البلطي كبير الحجم وهناك أنواع كثيرة من الطعم.. وهناك من يخترع طعما خاصا به.. ولا يعرف تركيبته إلا من اخترعه وعرف تركيبته.. وكل صياد وله طريقة وغالباً لا يطلع سره إلا للمقربين منه. السيد حنفي تاجر إكسسوار يقول ان الصيد في المياه المالحة يختلف كثيراً عن صيد المياه العذبة نهر النيل. يختلف في نوع السنارة وحجمها.. ويختلف في سمك الخيط الخاص بالصيد.. ويختلف كل الاختلاف في نوع الطعم. فالصيد في المياه المالحة يحتاج لطعم من نوع السمك المجزأ إلى أجزاء صغيرة.. أو أن تضع في السنارة حتى تتحرك في المياه.. فيلقطها أو يبلعها السمك الكبير.. ولأننا نسكن بعيداً عن البحر الأحمر بأكثر من 150 كيلو فإن طلعة الصيد في المياه المالحة تكون طلعة كبيرة تستغرق أكثر من يومين وتحتاج إلى إمكانات كبيرة أيضاً وأيضاً إلى المزيد من النفقات فقد نستأجر مركبا وندخل لأكثر من 10 كيلو مترات داخل البحر.. ونبدأ الإبحار غالباً بعد العصر.. لنصل إلى أماكن الصيد قبل المغرب بقليل.. ونبدأ في تجهيز أنفسنا وإعداد أدوات الصيد والتأكد من صلاحيتها وعدم وجود أي معوق أو شيء متروك للصدفة , وأيضا نتأكد من صلاحية الطعم ونبدأ بعدها في ممارسة هوايتنا المجتمعة. وعن اكبر سمكة تمكن من صيدها .. يقول: إنها من النوع الدارج وكانت من الحجم الثقيل اكثر من 15 كيلو جراما .. واستغرق صيدها اكثر من 20 دقيقة .. ويضيف انها تحتاج لخبرة وثبات أعصاب وتحتاج في بعض الأحيان لقوة بدينة وجرأة حتى تستطيع التعامل معها وتتمكن من اصطيادها لأنك إذا أخفقت في اتباع التعليمات الصحيحة .. فلن تتمكن من إتمام عملية الصيد بنجاح , فقد تستطيع السمكة لأي سبب مثلا تقم بقص الخيط بأسنانها القوية الحادة .. أو أن تتمكن من الهرب والإفلات إذا لم تتعامل معها بكل ثبات وحرص. وهواية صيد الأسماك من الهوايات العجيبة التي تجمع عدة مستويات اجتماعية مختلفة فقد ترى أن هناك طبيبا أو مهندسا على صداقة وطيدة .. بأحاد الحرفيين البسطاء .. وهذا شائع جدا في هذه الهواية الجميلة. وهذا ما يؤكده عم محمد (الترزي) يقول أصدقائي منهم من يعمل ضابطا ومنهم الصحفي ومنهم الحرفي فهي هواية تضم جميع الحرف .. وجميع الأعمار .. نخرج جميعا للصيد وكلنا أمل في قضاء يوم ممتع أو عدة أيام بعيدا عن الإرهاق والتعب نخرج مثلا للصيد في(وادي الريان) الذي يبعد عن العاصمة 150 كيلو مترا تقريبا . وكان هذا المكان قديما منذ عشرة أعوام تقريبا هو المكان المفضل لكل هواة الصيد في مصر بل ان هناك بعض الأجانب يعرفونه جيدا ويأتون معنا أو بمفردهم لممارسة هواية الصيد فيه. كان هذا المكان (وادي الريان) أو كنا نطلق عليه (وادي الأفيال) لضخامة الأسماك فيه فلا تتخيل حجم الأسماك هناك لدرجة إننا كنا نضع سمكة كاملة وزنها اكبر من كيلو جرام. وكنا نقوم بصيد اسماك (قشر البياض) الذي يصل حجم الواحدة منها اكثر من 49 كيلو جراما ولا يستطيع الصياد بمفرده من صيدها ألا إذا كان يساعده ثلاثة أو أربعة صيادين .. ولكن دوام الحال من المحال فقد تحول هذا المكان إلى ما يشبه الصحراء .. وهربت منه الأسماك الكبيرة ولم يتبق منها إلا القليل فعمليات الصيد الجائر وتلوث البيئة قد قضى على معظم تلك الأسماك .. ولم يتبق منها إلا الأحجام الصغيرة فقط. أدوات الصيد وعن أدوات الصيد وأسعارها يقول حمدي السيد (صاحب محل صيد الأسماك) ان التجارة في أدوات الصيد تجارة مربحة وأيضا الهواية مربحة في بعض الأحيان أقوم ببيع جميع أدوات الصيد السنارة والماكينة وجميع أنواع الخيوط وجميع مستلزمات الصيد .. من طعم وخلافه .. فمن الممكن أن يبدأ سعر السنارة بلوازمها 25 جنيها وليس هناك حد أقصى للسعر فأدوات الصيد الجيدة مرتفعة الثمن لأن (الشيء لزوم الشيء) فأدوات الصيد في النيل (المياه العذبة) تختلف في أسعارها عن أدوات الصيد في المياه المالحة لأن الأسماك كبيرة الحجم في هذه المياه .. فماكينة الصيد في المياه المالحة تختلف أيضا عن المياه العذبة فقد يصل سعرها أكثر من 500 جنية وكذلك ثمن (البوصة) قد يصل أيضا لنفس السعر ولذلك فهذه الهواية تحتاج لمصاريف كبيرة لأنها رهيبة تستحوذ على الإنسان وتسيطر عليه كاملة فقد يهمل في عمله ويذهب لممارسة هوايته وقد ينفق أموالاً كثيرة في سبيل ذلك وفي الغالب لا يكون العائد من الصيد مقنعا وغير ذي جدوى لكنها في النهاية هواية جميلة وممتعة اذا تمت ممارستها عن وعي .