هواة الصيد يتدفقون على الكورنيش لممارسة هوايتهم، خاصة أن جدة تشهد هذه الأيام أجواء مشجعة على ارتياد البحر، ومنهم من يتجه لممارسة هوايته في الشعيبة، وآخرون لا يروق لهم الصيد إلا في أماكن معزولة في عرض البحر ولكنهم يواجهون حرس الحدود الذي يمنعهم من التوغل بعيدا حد إرغامهم على العودة من حيث أتوا، والسؤال الآن ما الذي يدفع بهؤلاء للصيد؟ وما العقبات التي تواجههم؟. متأثرا بوالده يندفع ريان حسن غفوري (21 عاما) لممارسة هواية الصيد متأثرا بوالده الذي يقضي معظم وقته في صيد السمك، «والدي من محبي الصيد وليس لديه مانع من قضاء اليوم بكامله أمام أو داخل البحر في الصيد إلى أن زرع في نفوسنا ونحن أطفال عشق البحر». وكانت أول مرة يمارس فيها ريان هواية الصيد مع والده وهو في سن السابعة، إلا أن مشاغل الحياة والدراسة والعمل تمنعه من الذهاب إلى البحر بصفة دائمة، ولكنها لا تمنعه في عطلة نهاية الأسبوع من جلب صندوق عدة الصيد والمكوث أمام البحر، إلا أن المشكلة التي تواجه ريان وزملاءه هو عدم وجود مكان قريب خاص بهم في الشاطئ يستطيعون من خلاله ممارسة هوايتهم، إذ كل الأماكن مخصصة للعوائل والزوار، فضلا عن دبابات البحر والجت بوت واليخوت، مشيرا إلى أنها عوامل منفرة للسمك ومقلقة لهم، ولذلك يضطر وكثير من الشباب لشد الرحال لمنطقة الشعيبة حيث الشاطئ هناك رائع ونظيف وليس فيه ما يعكر صفو استمتاعهم بصيد السمك، سوى أنها منطقة مقطوعة بعض الشيء. وأضاف ريان: من المواقف الطريفة أنني كنت وإخواني ذات يوم بصحبة والدي في رحلة وسط البحر ب «الجت بوت» الذي استأجرناه خصيصا لهذا الغرض، وحالفنا الحظ في ذلك اليوم واصطدنا سمكة كبيرة تكفي لعشرة أشخاص، وأثناء تنظيف والدي لها فلتت من يده إلى عرض البحر فذهب كل تعبنا هباء، بل إننا في أحيان كثيرة يصيبنا الإحباط، فقد نقضي الساعات حتى نحصل على سمكة. جزر لهواة الصيد أما فؤاد محمود عارف مهندس الطيران الذي أمضى نحو 15 عاما في صيد السمك فلا يستطيع المجيء كل يوم لممارسة هذه الهواية الممتعة، مشيرا إلى فوائدها الكثيرة «الصيد يعلمك الصبر، ويريح أعصابك ويجعلك في حالة سكون، وهو متعة لا يشعر بها إلا من يمارسه، ومهما تحدثت عن هذه الهواية لا أستطيع إيصال الشعور الرائع الذي أشعر به الآن». وتابع: صديقي وزميلي في العمل هو من علمني أصول الصيد، فقبل 15 عاما كنا كثيرا ما نتردد على البحر، وكلما هممت بسؤاله عن سر تعلقه بالصيد أشعر بالحرج خوفا من ردة فعله إلى أن تملكتني الشجاعة وسألته عن سر انشغاله بالبحر في كل إجازة، فقال: تعال معي وسوف ترى ما أضيع فيه وقتي، فكانت البداية في عشقي لعالم الصيد ومنذ ذلك الوقت لم أنقطع عن البحر، وكل ما يلزم هو صندوق صغير بمعدات الصيد وسنارة جيدة وصندوق آخر لكي تضع فيه ما اصطدته في يومك، ولكن في كثير من الأحيان لا يحالفني الحظ ويعكر صفونا عدم وجود أماكن مخصصة للصيد، أضف إلى ذلك كميات الوقود الذي تخلفها دبابات البحر والسفن واليخوت، ما يؤثر سلبا على الثروة السمكية، لذلك أرجو من الجهات المعنية توفير أماكن للصيد ولانشات صغيرة وبأسعار رمزية لنقل محبي الصيد إلى الجزر القريبة لممارسة هوايتهم المحببة. نحن ممنوعون وعلى العكس، يروق لكل من سعيد وبندر وأحمد عوني الصيد في عرض البحر أو الأماكن شبه المعزولة، ولكن حرس الحدود يمنعهم ويجبرهم حسب قولهم على الذهاب إلى أماكن قريبة من الشاطئ، بينما سمك الأعماق والأماكن المعزولة أفضل من القريبة. وأضافوا ومنذ كنا صغارا ونحن نستفيد من كل يوم نقضيه في عالم الصيد. وعن أطرف المواقف التي مرت بهم، يقول بندر: كثيرا ما تلفت الأسماك من بين أيدينا وأحيانا نتعرض لخطر جسيم ربما يودي بحياتنا، ولكن رغم ما نواجهه من مخاطر ففي الصيد متعة كبيرة وهو أفضل من ضياع الوقت في أشياء تافهة. ويضيف سعيد أن أكثر ما يعكر صفونا في البحر انقطاع السنارة، ولكن نحن لها بالمرصاد فالاحتياطي موجود، وأنصح الشباب بممارسة هواية الصيد ولو لمرة واحدة في الأسبوع وسوف يشعرون بالفرق. عدة الصيد أنصار علي (عامل في محل لبيع جميع مستلزمات البحر والصيد في جدة) يقول: كثير من الشباب يرتادون المحل خاصة في هذه الأيام فالأجواء مواتية للمكوث ساعات أمام الشاطئ، وهو ما يجذب عشاق البحر حتى ولو لم يكونوا من محترفي الصيد، ونحن نوفر جميع مستلزمات الصيد، وهي ليست غالية فالعدة كاملة تبدأ لدينا من 150 600 ريال، وكلما ارتفع سعر العدة فهذا يدل على جودتها ومدى قوتها وجاهزيتها للصيد، أضف إلى ذلك أن عدة الصيد ليس مستهلكة بشكل يومي، بل تستمر لمدة طويلة دون تغيير كما أنها لا تحتاج إلى صيانة. وعن أدوات الصيد، يوضح أنصار أنها تتكون من أشياء أساسية وهي ماكينة السنارة فكلما كان سعرها مرتفعا كلما كانت جودتها أفضل، بالإضافة لعصا السنارة فالأثقال والعوامة التي تساعد في تحديد مكان السنارة بلونها الأحمر المميز، إضافة للخيط أو الوتر أو الحبل، فكثيرا ما يطلق الهواة عليها أسماء، ولكن جميعها متداولة ومعروفة لدينا. صائد أسماك القرش الصدفة وحدها التي جعلته واحدا من أمهر صيادي الأسماك، فعندما امتدت يده لسنارة أحد أصدقائه خلال رحلة بحرية قبل عدة سنوات وجد أن السنارة تحتاج لمهارات خاصة يجب أن تتوافر فيه حتى يستطيع الصيد، فقرر عبدالرحمن الدقل حينها التحول لصيد السمك، فاشترى سنارة ليبدأ رحلة إثبات الذات. يقول الدقل: توجهت فورا بعد شراء السنارة إلى البحر وهناك بدأت أتابع حركات الصيادين وعرفت أن الطريق ليس سهلا لتحقيق ما أصبو إليه، ولكنني في كل نهاية طلعة بحرية أجد نفسي وقد قطعت شوطا لا بأس به لتحقيق حلمي. ويضيف: أول سمكة تمكنت من اصطيادها كانت بمثابة الانطلاقة الأولى في عالم الصيد حتى تمكنت من معرفة العديد من أسرار البحر وعالمه الخفي، ليتطور بي الحال لمعرفة أصعب الطرق لصيد كافة أنواع الأسماك البحرية، ومنها «القرش» الذي أخذت أتفنن في طريقة اصطياده ومعرفة أماكن تواجده وأوقات صيده، فكان أن تمكنت من صيد أول قرش قبل عدة أعوام وآخره قبل أيام وبلغ وزنه 40 كلغ، ولكن لصيد القرش طريقة خاصة لا يتقنها إلا من يعرف البحر جيدا فيما يحتاج القرش للوقوع في الطعم أن يكون طعمه سمكة كبيرة، كما يستغرق صيد القرش وقتا أطول بعد رمي السنارة، حيث يظل الطعم في الماء في حين يتردد القرش كثيرا في التهامه. وحول أماكن وجود القرش وتحين وصوله، يوضح أن الصياد يبقى على الشاطئ، فيما يسحب أحد ممارسي رياضة الدبابات البحرية الخيط ورميه إلى أبعد مسافة عن الشاطئ وبعدها يظل الصياد منتظرا لحين شد الخيط، وما إن تهتز السنارة يتبين أن القرش قد وقع في الطعم بحكم أن السمكة كبيرة ولن يلتهمها إلا قرش. ولم ينس الدقل العديد من المواقف الطريفة التي مرت به ومن بينها الجمع الغفير من الفضوليين الذين يتجمهرون حوله حينما يحتدم الأمر خلال شد الخيط، فيعرف أن الصيد «قرش» فيتجه العديد من الشباب لالتقاط صور معه. ومن خلال رحلاته الكثيرة في مختلف المدن الساحلية، يؤكد الدقل أن الشعيبة من أغنى السواحل البحرية التي يتكاثر فيها سمك القرش، مشيرا أن هناك رحلة بحرية من عدة دول لاكتشاف العديد من أسرار المحيطات والبحار التي تختلف عن البحر الأحمر.