كتب الله عليّ أن أنام في مستشفى الملك فهد بالهفوف 7 أيام، إثر الأنيميا المنجلية، حيث أصبت بنوبة حادة، أرقدتني السرير الأبيض، وهي المرة الأولى التي أنام فيها في مستشفى، رغم أنني أعاني هذا المرض منذ طفولتي، ولكراهيتي النوم في مستشفى كنت حذرا وبعيدا عن كل ما يسبب لي نوبات حادة، من سوء تغذية، أو تناول أصناف معينة من الأكل، أو التساهل في اللبس أيام الشتاء، إلا أن فجر ذلك الخميس أحدث لي مفاجأة وآلاما حادة في الظهر ومفاصل القدمين، أعاقتني عن الوقوف والمشي، عرفت منذ الدقائق الأولى أنه لابد من العلاج في المستشفى، وأن ( مغذي واحد لا يكفي)، ولا يمكن الاعتماد على علاجي الخاص في البيت. أتاح لي وجودي في مستشفى الملك فهد الفرصة الكاملة للتعرف على هذا المستشفى، وما يتردد عنه من سلبيات وأخطاء طبية وتقصير وتشخيص طبي خاطئ، أودى بحياة كثير من المرضى. فكانت الأيام السبعة كافية لرؤية الصورة واضحة عن هذا الصرح الطبي المليء بالكفاءات الطبية من أطباء وممرضين سعوديين وعرب وأجانب والأجهزة الطبية الحديثة، إلا أن ما يحتاجه هذا المستشفى هو المراقبة والإدارة الناجحة والمتابعة اليومية، فهو لأهالي الأحساء كافة، ومن حقنا أن تكون خدماته متكاملة. تعرفت بنفسي من خلال عيش تفاصيل يومية، وكنت أتعمّد أن اسأل بشكل غير مباشر من يزورنا من المرضى، أو من نزورهم عن الخدمات في غرفهم، وعن توافر المياه في دورات المياه، وعن تعامل الأطباء والممرضات معهم، لم يمنعني مرضي من ذلك، وبعد ما شاهدت وعشت رأيت أن واجبي الصحفي يحتّم عليّ أن أنقل مشاهداتي وأضعها على طاولة المسئول أولا، ثم للقارئ، من خلال سرد لتفاصيل وأحداث مرت عليّ طيلة 7 أيام، فرأيت أن أكتبها على شكل كتابة اليوميات، بعيدا عن الانتقادات المباشرة. الجمعة لم يستقر جسدي على كرسي السيارة، من شدة الألم، ومن قوة المطبات والحفر التي لا يخلو منها شارع من شوارع الأحساء، وقبل السادسة صباحا كان الأخ ناجي قد وضعني على الكرسي، وأدخلني الإسعاف، حملت أوراق زيارتي أمس معي، كي يسهل على الطبيب معرفة حالتي، ويرى نتيجة تحليل الدم، فقد جئت أمس للإسعاف بنفس الحالة، ولكن لم يتم تنويمي، وأعطيت علاجا بشكل سريع، وأذن ليّ بالخروج، رغم توقعي البقاء في المستشفى، وتسبب ذلك في مضاعفة ألمي، مرة أخرى اليوم أراد الطبيب إجراء تحليل للدم، لمعرفة نسبة الهموغلوبين، ونوع مرض الدم الذي أحمله، أعطيت إبرة مهدئة خفيفة، وانتظرت إعطائي جرعة أكبر، إلا أن الطبيب ينتظر نتيجة التحليل، الذي تأخر كثيرا، بينما كنت أتلوى على السرير من شدة الألم، عرفت فيما بعد أن تأخر ظهور نتيجة التحليل كان بسبب تعطل الكهرباء، سمعت مريضا بالربو يتحدث بمشقة أنه جاء إلى الإسعاف، لأن الكهرباء في الغرفة التي ينام فيها تعطلت، فأمره الطبيب بالصعود مرة أخرى. انتقلت من الإسعاف إلى الطابق الخامس. الغرفة التي سأنام فيها، كانت تحوي 5 أسرة، أحدها يرقد عليه رجل عجوز تجاوز عمره 100 عام، وهو عبارة عن جلد على هيكل عظمي (حجّي محمد)، ورجل لم يبلغ الستين (أبو صالح)، وحسين ومحمد لم يتجاوزا ال 16 عاما، وكان يحملان مرض التكسّر، موقع سريري مقابل لسريرين، أحدهما للرجل العجوز، فكان وجهه يقع تحت نظري مباشرة، فأخذت أبعد عيني عن النظر إليه، فأنا بحاجة إلى نفسية تعينني على حالتي الصحية، خلعت نظارتي حتى لا تكون رؤيتي واضحة، بعد انتهاء زيارة العصر والعشاء المبكر (السادسة والنصف) تنافس المرضى في الغرفة على النوم، سألت نفسي هل سينامون من الآن؟ وبقية الليل كيف سيقضونه؟ إلا أن بعضهم واصل نومه حتى الساعات الأولى من الصباح. في العاشرة ليلا جيء بمريض عجوز آخر، استبدل بأحد مرضى التكسّر، فهذا المريض العجوز (عبدالله) يحتاج إلى عناية ورعاية خاصتين، لأنه يتناول غذاءه وشرابه من فتحة خارجية، ويحتاج بين كل ساعة إلى شفط البلغم، الموجود في حلقه عن طريق جهاز خاص، فتقوم الممرضة بذلك. في الساعة الحادية عشرة ليلاً بدأت الحفلة، بدأت عملية تنظيف الأرضية للممر المجاور لغرفتنا، جهاز التنظيف بصوته العالي وصوت قرقرة العمال المتواصل، الذي لا ينقطع ولا يتوقف دقيقة، وصوت الممرضات، فبدا الأمر أشبه بحفلة، واستمر التنظيف حتى ما بعد الساعة الثانية صباحا، وكان العمال يرفضون مرور الجميع أثناء عملية التنظيف، حتى يتم الانتهاء تماما، أضأت ضوء المنبه كثيرا لاستدعاء الممرضة كي تفصل مصل المغذي عنّي، كي أذهب لدورة المياه، أو تحضر لشفط البلغم من فم العجوز، ولكن دون جدوى، عند الثالثة تقريبا جاءت الممرضة. السبت في السادسة والنصف صباحا أبلغت مدير المدرسة بتنويمي في المستشفى. عملت لي أشعة للصدر، وأخبرني الطبيب بأن النتيجة سليمة وأن نسبة الهيموغلوبين ممتازة جدا أكثر من 12. في آخر النهار جاءت اتصالات من بعض زملاء المدرسة، بين فترة وأخرى يتحدث أبو صالح مع حجّي محمد بقصد (الغشمرة) وتمضية الوقت وطرد الملل، حجّي محمد رجل عجوز لا يعاني من أي مرض، سوى كبر السن الذي أقعده، فقد بصره ومقدرته على المشي والحركة، سوى تحريك يديه ببطء، ذاكرته سليمة جدا وسمعه مرهف، يهذي دائما، ويتخيّل أن أحدا بجانبه يستمع لما يقول، ينادي بين فترة وأخرى على ابنته (عرفت فيما بعد أنه لم ينجب غيرها)، وعندما تقوم الممرضة بإعطائه الطعام كان يظن أن ابنته هي التي تقوم بذلك، جاء طبيب أبو صالح فأخبرناه أنه في الأسفل لعمل الأشعة، فذهب الطبيب ولم يرجع للكشف على أبو صالح في وقت آخر. جاءت ممرضة سعودية، يبدو أنها مسؤولة، عاتبت الممرضات على إهمال حجي محمد، وعن عدم الاعتناء بنظافة الغرفة. تكلمنا عن إصلاح الحمام، لكن يبدو ان الكلام (ضايع)، ليس به ماء حار والسيفون معطّل، ضغطت المنبه لحضور الممرضة، جاءت بعد ثلث ساعة. الزوار يباركون لتغيير الأسرة، الأسرة حديثة كهربائية ومريحة، قلت هذا أحسن ما في الأمر، وعلى الأقل تعويض للنواقص الأخرى. الأحد أخذ الألم يخفّ، ربما ساعد على ذلك كثرة الضحك مع (أبو صالح) وهو يسرد لنا مواقف كثيرة مرت عليه في حياته، من خلال عمله كسائق شاحنة وحافلات ونقله للبضائع أو الركاب داخل المملكة وخارجها، أما الآن فهو سائق تاكسي، يطلّ على سيارته بين فترة وأخرى من الطابق الخامس حيث تقف في مواقف المستشفى. أجري لي تصوير تلفزيوني، جاء دوري بعد الانتظار ساعة كاملة، بعد النظر في النتيجة قال لي الطبيب أن( كل شيء سليم، ولكن يبدو أن لديك حصى بالكلى)، بعد ساعة جاءني طبيب الكلى، وبعد الفحص قال أن (كل شيء تمام لا توجد حصى). طلب أبو صالح من الطبيب أن يأذن له بالخروج، ولكن الطبيب قال له لابد من عمل أشعة مقطعية أولا، وأن موعد الأشعة سيكون يوم الثلاثاء. بدأت أشعر بتشقق جلدة جبهتي، وأسفل رقبتي، ورغبة شديدة في الاستحمام. جاء طبيب حجي محمد وسأله (إزيّك يا حق، كل شيء تمام) أجابه حجي محمد بصوت منخفض وضعيف الحمد لله، قال الطبيب الحمد لله، وانصرف، كلمات الأطباء معدودة ودقائقهم محسوبة، لا يأتون إلا وهم في عجلة دائمة، لا يمكثون أكثر من 5 دقائق، وينزعجون من أسئلة المريض، وتكون إجاباتهم مختصرة ومبتورة، ولا يوضحون له حالته الصحية، ربما لأنه مطالب بالكشف على الكثير من المرضى بالإضافة إلى عمله في العيادة. جددنا الطلب بإصلاح الحمام، ولكن (ما حولك أحد). الاثنين استجمعت قواي وسبحت مع خوفي من رجوع ألم المفاصل إليّ بشكل أقوى، خرجت من الحمام ودفنت جسمي في البطانية، كي لا تصل ليّ نسمة باردة فتهزمني، شعرت بتحسن حالتي الصحية، فقلت سأطلب من الدكتور أن يأذن لي بالخروج. ضربات متواصلة، ظنناها أنها لعمال في أسفل المستشفى، ولكنها ضربات العجوز عبدالله بيده على حاجز السرير، فهو لا يستطيع الكلام أبدا، وينام على ظهره دائما لا يتحرك، ضغطت المنبه لحضور الممرضة، ولكنها تأخرت كثيرا، بعد نصف ساعة نقلوه إلى العناية المركزة. التعامل مع الممرض السعودي مريح جداً، فيهم كفاءات، وهم بحاجة إلى المزيد من إعطاء الفرصة. بعد إلحاح لتصليح السيفون قال المسؤول هذه المشكلة منذ 7 سنوات، والخراب ليس في السيفون، ولكن المياه ضعيفة في الدور الخامس. وماذا عن الماء الحار؟ قال (الماي الموجود ساخن ويمشّي الحال). بدأ ساقي الأيمن يتورم، ويسبب لي صعوبة شديدة في المشي، قال الطبيب (هذه مضاعفات التكسّر)، قلت: (والحل يا دكتور؟)، قال: (سنتركه حتى يخف لوحده، وذلك يحتاج إلى راحة تامة على السرير.. لا تتحرك كثيرا، ولا نريد أن نعرضها للأشعة، حتى لا تتضرر)، قلت: (الساق سليم، وسبق أن تورمت ساقي من قبل لمثل هذا الورم)، قال: (استخدم له الكمادات بالماء الحار). قلت: (ولكن يا دكتور من يوفر لي الماء الحار)، قال (دبّر حالك). بدأت استعير الكمادة من حسين مريض التكسر. جاء السباك فتح باب الحمام نظر نظرة سريعة في الداخل وخرج. حجي محمد حشر جسده بين حاجزي السرير، وشيئا فشيئا نزل جسده إلى الأرض، فقام أحد زوارنا ورفعه إلى سريره. مريض آخر يأتي لزيارتنا، أخذ يتحدث كثيرا عن معاناتهم من عدم وجود الماء، وكيف أنهم يؤمّنون الماء في دورة المياه عن طريق تعبئة قوارير مياه الصحة، سمح لحسين بالانصراف منذ العصر، فشعرنا أنا وأبو صالح بالضيق بعد أن كان يملأ علينا الوقت بحيويته وشبابه، ونطرد معا الملل بالضحك. جاءنا مريض جديد (محمد)، شاب مصاب بالسكر، لكنه يأكل كل شيء حلو، تأتيه إمدادات من خارج المستشفى، شاب عفريت. في المستشفى مرضى كثر تعافوا، لا يعانون مشاكل، لا أعرف لماذا لا يسمح لهم بالخروج. في الثالثة فجراً تأتي عاملات مكافحة العدوى لتغيير ملابس حجي محمد، أشعلن الضوء وأخذن يتبادلن الحديث بكامل لياقتهن، غير آبهات بنومنا، غادرن وتركن ضوء الغرفة مضاءً. الثلاثاء مبروك، تم إصلاح السيفون. أبو صالح صائم منذ البارحة لعمل الأشعة المقطعية وموعده الساعة الثامنة، إلا أنه لم يدخل الأشعة إلا الساعة 9.30 صباحاً، بسبب الازدحام. ازداد تورم الساق فعملت ليّ أشعة للساق، للتأكد من سلامته. مللت ملازمة السرير أمس لتوصية الطبيب، أخذت أجرب نفسي، قمت أتمشى في أروقة المستشفى، بدأت أتحسن، ولو كان الماء الحار موجودا، وحمام المستشفى مهيأ، لانتهت مشكلتي منذ أيام. امتدت شقاوة محمد إلينا، عند الظهيرة نوينا أن نقضي القيلولة على السطوح، رفعنا الأسرة إلى أعلى ارتفاع لها، وتركناها كي نغفو قليلا، لكن الممرضة لم تتركنا. بدأت أنفر من الوجبة، رغم إنها جيدة، إلا إنها لا تحتمل أكثر من 4 أيام. أخذ خبر وجودي في المستشفى ينتشر بين الأصدقاء. أغلقت الجوال، بعد أن شعرت بصداع في رأسي من كثرة الاتصالات. حلقت وجهي فارتفعت معنوياتي وشعرت بتحسّن. وقع في يدي كتيب عن المستشفى، شعرت أنه سيفيدني في عمل هذه اليوميات، وأن الظروف جميعها تدعوني للكتابة عن هذا المستشفى، رحت أقرأ فيه أشياء خيالية (خلال وجود المريض بالمستشفى سيبقى محط اهتمام ورعاية الطاقم الطبي والتمريض.. رئيسة التمريض في القسم لديها الاستعداد لأن تستقبل أهل المريض المنوم، لمناقشة حالته الصحية أثناء وقت الزيارة.. إذا رغب الأهل بمقابلة الطبيب المعالج فإن رئيسة التمريض في القسم على استعداد للقيام بترتيب موعد المقابلة مع الطبيب، أو من خلال مكتب شئون المرضى في غير أوقات الزيارة.. من الواجب على الطاقم الطبي منح المريض فرصة إعطائه المعلومات الطبية المتاحة والممكنة حول وضعه الصحي وعلاجه). طلبت من الأهل إحضار الكاميرا، كي يتكامل العمل الصحفي. وطلبت أوراقا، لتدوين الأفكار، قالت زوجتي (ستعمل لك مكتب أيضا في المستشفى). بعد انتهاء الزيارة الثانية، بدأنا نسمع صوتا لأحد المرضى، يطلب الناس أن تأتي إليه وتستمع لما يقول، بدأ بعض المرضى الذهاب إليه، لمعرفة ما يجري، فأخذ يسب ويشتم ويلعن، حتى أحدث إرباكا في المستشفى، وبعد دقائق لم نسمع له صوتا، في اليوم التالي تردد في غرف المرضى أنه خسر في الأسهم المالية حوالي مليوني ريال. الأربعاء منذ الصباح طلبت من صديقي الموظف في المستشفى (محمد) أن يحضر لي بطاريات للكاميرا (لأن الشارج كان فارغا). جاء عمال النظافة وأخرجونا نحن وأسرتنا وكل ما في الغرفة ووضعونا في الممر، لأن يوم الأربعاء موعد تنظيف الغرف في الطابق الخامس. وجدتها فرصة للتصوير. محمد أحضر صديقه الذي تغيّب عن المدرسة، ورافقه طيلة الصباح في المستشفى، شعرنا بالضيق من تصرفاتهما، رغم أن الطبيب أذن له بالخروج، إلا أنه رفض ذلك متعللا بعدم وجود والده، يسخرون من الأطباء ويعبثون في أدوات المستشفى، لا سيما السرير ( صاعد نازل، نازل صاعد). لم يحدثني الطبيب عن الخروج، رغم سلامة نتيجة الأشعة. شعرت بالضيق والحزن وشدة الشوق لعلاوي وحنين. انكفأت على نفسي، واجتهدت في ألا يرى أبو صالح دموعي. أحسست بأني وقعت في فخ المستشفى الذي كنت أخشى الوقوع فيه طيلة عمري. قال الطبيب لأبو صالح أن نتيجة الأشعة لم تطلع بعد، لأن جهاز الطباعة للأشعة قد تعطّل، وربما يتم إصلاحه اليوم أو غدا. جاء طبيب حجي محمد فسأله بصوت مرتفع (إزيّك ياحق؟ كويس؟ رد عليه أبو محمد: الحمد لله على كل حال)، فحص نبضه ثم غادر. أثناء نومنا في الحادية عشرة والنصف ليلا دخل عامل النظافة أضاء الغرفة مسح الأرضية وخرج. الخميس لم تأت الممرضة المناوبة لوضع المغذي، ولم تزرني طيلة الليل، رغم طلبها عبر المنبه لأكثر من مرة، جاءت الساعة الثالثة والنصف فجرا لسحب الدم للتحليل، آلمتني لم تتقن عملها ولم تعرف سحب الدم، بعد قليل جاءت مع ممرضة أخرى وسحبت الدم بدلا عنها. كعادته يزورنا أبو تركي السادسة والنصف صباحا للاطمئنان علينا. سقط حجّي محمد بكامل جسده من على سريره إلى الأرض محدثا صوتا، فهرع إليه أبو صالح فرفعه إلى السرير، ونادى الممرضة لمتابعة حالة حجي محمد. الممرضة التي استلمت وردية الصباح كانت نشيطة، تنظف وتعيد ترتيب الغرفة كأنها غرفتها، وتهتم بنا، تعطينا الأدوية أولا بأول. أبو صالح يشعرني بالخجل كان لي مثل المرافق، يقوم على خدمتي، يرد على تلفون الغرفة، ويطفئ المكيف حسب طلبي، ويملأ الماء الحار في الكمّادة. أشعر أن اليوم سيأذن لي الطبيب بالخروج، نشطت من الصباح، وقمت بالمشي في أروقة المستشفى، كي أختبر مفاصلي وقدرتي على المشي. سمح لي الطبيب فعلاً بالخروج حينما رأى أن حالتي تحسنت. طرت من الفرح. أبو صالح لم يأّذن له، وسيعمل له منظار يوم السبت. عاتبني أبو صالح على خروجي، قال: (تخليني لحالي يا جعفر من يسليني؟) كان حزينا جدا، لم استطع الرد عليه. خرجت من بوابة المستشفى عند الحادية عشرة ظهرا أخذت الشمس تنتشر في داخل جسمي بعد غياب 7 أيام، أثناء حركتي ومشيي من الغرفة حتى السيارة كانت كلها تجمعت في رجلي اليمنى فقط. بعد مغادرة البوابة الرئيسية رمقت مبنى المستشفى بنظرة حادة، فرأيت مبنى شامخا يعلوه الغبار والصدأ بحاجة إلى رياح إدارية عاتية. كبار السن بحاجة إلى اهتمام ورعاية