صدر حديثا عن مركز البحوث بمعهد الادارة العامة كتاب مترجم بعنوان (الخدمات العامة وآليات السوق.. المنافسة وابرام العقود والادارة العامة الجديدة) وهو من تأليف: كيرون وولش وترجمة محسن ابراهيم الدسوقي من ادارة الترجمة بالمركز. ويتناول الكتاب تحليل طبيعة آليات السوق في ادارة الخدمات العامة ومضامينها ويركز على التغييرات الرئيسية للاسواق التي تم ادخالها مثل تقاضي الرسوم وابرام العقود والاسواق الداخلية وغيرها، حيث تزداد القناعة بأن الطريق الى الكفاءة في ادارة الخدمات العامة يتمثل في فصل مسئولية توفير الخدمات عن مسئولية انتاجها فالحكومة قد تحمل على عاتقها مسئولية او ضرورة التأكد من انتاج خدمات معينة لكنها تقوم بذلك باستخدام منتجي القطاع الخاص او المنتجين المتطوعين بمنحهم حق الامتياز مثلا او طرح المناقصات كما يتناول الكتاب عناصر اخرى مثل انظمة الجودة ومقاييس الاداء والتفتيش. ويؤكد الكتاب حقيقةهامة لاسبيل الى انكارها وهي انه اذا كانت هذه الموضوعات تعد ثانوية بالنسبة للتطور الرئيسي لنظام اداري مبني على تسويق الخدمات العامة فان نجاح مبادئ السوق او اخفاقها هو ماسوف يقرر فعالية الخدمات العامة المقدمة وفقا لمعايير آليات السوق ذاتها. وجاء الكتاب في ثلاثة اجزاء يتناول الجزء الاول منهاخلفية تطور المدخل القائم على السوق في ادارة الخدمات العامة وفيه يقوم المؤلف بتحليل القضايا النظرية التي يشتمل عليها تطور المؤسسات القائمة على السوق بالنسبة لادارة الخدمات العامة ومن ثم فهذا الجزء يركز الاهتمام على التطورات الحديثة في الاقتصاد والقانون والتنظيم ففي مجال الاقتصاد يبرز الكتاب مضامين التطورات النظرية التي تقوم على تكاليف الصفقات التجارية والوكيل الرئيسي ومفهوم حقوق الملكية وفي مجال القانون يناقش المؤلف نظريةالعقود وفي نظرية التنظيم يسعى المؤلف الى مناقشة الادارة التي تستند الى نظام الشبكة ولذلك فان هذا الجزء من الكتاب يستعرض القضايا الرئيسية التي يشتمل عليها تحليل اسواق الخدمات العامة مثل توافر المعلومات والثقة والجودة والمخاطرة. ويقدم الكتاب تفسيرا لنوع التطور الذي شهدته نظم الحكم في استراليا ونيوزيلندا على سبيل امثال حول ادخال الادارة العامة الجديدة ومن ثم يسعى المؤلف الى البرهنة على ان التغيير يعتمد على عدة عوامل وعلى الطريقة التي تتفاعل بها هذه العوامل في بلدان مختلفة وتعد المملكة المتحدة نموذجا مهما في هذا الشان إذ انها طورت الادارة الى ادارة جديدة تستند الى السوق اكثر مما فعلته دول اخرى كثيرة اما الجزء الثاني من الكتاب فيتناول دراسة مكونات الادارةالجديدة اتي تقوم على السوق ويسوق المؤلف الادلة لفرض الرسوم واستخدام الاسعار في الخدمات العامة، ومن ثم يعالج المؤلف العقود والمنافسة واستخدام الاسواق الداخلية وفي نهاية هذا الجزء يتناول المؤلف ايلولة التحكم داخل المنظمات الحكومية من خلال ايجاد اتحادات وضرب مثالا في ذلك بالخدمة الصحية الوطنية في بريطانيا، اما الجزء الثالث والاخير من الكتاب فيتناول المؤلف فيه مضامين الاسواق العامة الجديدة، حيث يعرض للتأثيرات المالية وجودة الخدمة وتأثير ذلك على مستخدميها ولا تزال هذه الجوانب للادارة الجديدة مثار جدل كبير ويعرض الفصل الختامي للكتاب لمسألة فعالية الاسواق وهي قضيةاساسية تبحث في ما اذا كنا بحاجة الى خدمة عامة ام لا وبأي حجم تكون. وتركز الفصول الرئيسية للكتاب على تجربة المملكة المتحدة بصفة اساسية وهو مايعكس ان الحكومة البريطانية قد اتجهت الى تسويق الخدمة العامة بابعد مما وصل اليه اي بلد آخر كما يقع في بؤرة اهتمام الكتاب ايضا تجارب بلدان مثل نيوزيلاندا التي اتبعت سياسات أشد من تلك التي اتبعتها المملكة المتحدة نفسها في مجالات معينة مع تزويد القارئ بتقرير مقارن اكثر تفصيلا في ثنايا فصول الكتاب بشكل عام. وقد حفل الكتاب بالعديد من المقارنات بين دول العالم المتقدم التي طرحها العديد من المنظرين العالميين فيما يتعلق بالسبل المثلى لتقديم الخدمات العامة. وياتي هذا الكتاب في 293 صفحة من الحجم المتوسط وتمت طباعته بالادارة العامة للطباعة والنشر بمعهد الادارة العامة.
