يقول المثل الشعبي: اول بيت تبنيه اجره.. والثاني بعه, اما الثالث فأسكنه. لنفرض اننا طبقنا هذا المثل بحذافيره (ولو انه من الصعب تطبيقه في واقع الحال) نسأل السؤال التالي: ما مواصفات (اول بيت) وما تفاصيل وبيانات خريطة هذا البيت؟ والجواب هنا يأتي سريعا.. لابد انه (شغل عجلة) او (حجر على حجر عش يحمينا من الحر والمطر!) وبعد ذلك هل يبنى على السريع؟ على عجالة او على ارض متحركة؟ او ربما احدنا يتمثل القول: (حنا عيال اليوم وباكر الله اعلم فيه) اعتقد ان هناك عدة امور يجب اخذها بعين الاعتبار عند بناء المسكن سواء كان اولا اوثانيا او ثالثا. من تلك الامور, توزيع المساحات بشكل عادل ومفيد بما يحقق رغبات مستقبلية.. وذلك عند الشروع في التوسعة او التعديل مستقبلا فسيكون هناك مجال ارحب لتقبل تلك التوسعة او ذاك التغيير, كأن يترك فضاءات مناسبة ومدروسة قابلة للتعديل عند الحاجة, كي لايفاجئ من يرغب في الترميم ولايجد حرية في التحرك او التوسعة. امور كهذه يتفق عليها منذ البداية كالخطط المستقبلية التي يضعها المخططون على الورق قبل البدء في التنفيذ.. اي علينا تثقيف انفسنا لمثل هذه الخطط. لاننا نبني بيتا في الوقت الراهن لمستقبل مقبل (باذن الله). ان وجود فجوة زمنية تفصل بين تصميم البيت الحالي (امل كل انسان) وتكاثر الساكنين فيه تتسبب في تفتت ذاك البيت.. من الممكن ان المسكن الحالي يستوعبهم الآن ويجمعهم تحت سقف واحد ولكن على النقيض من هذا.. ربما يشتتهم. اذن على صاحب المسكن وشريكة حياته وثالثهم المصمم ان يشتركوا جميعا في المسألة التصميمية الخاصة بالمسكن فهناك فرق شاسع بين (البيت) و(المسكن) ذلك لانه لايمكن ان يكون البيت مسكنا ما لم تنتقل اليه الاسرة بكاملها وتستقر فيه وتركن اليه بجوارحها وقديما قيل:==1== كم منزل في الارض يألفه الفتى==0== ==0==وحنينه ابدا لاول منزل==2== اي يجب ان تتلمس فيه الراحة الجسدية والاطمئنان الروحي وان يمتزج الجسد والروح مع كل ركن في هذا المسكن حتى يغدو جزءا رئيسيا في حياة افراد الاسرة جميعهم.. اي اننا نعني بهذا بيتا مصمما بشكل يلبي جميع الرغبات اضافة الى انه ذو مرونة وقابل للتعديل والتوسعة. معظم بيوتنا - بل الاعم الاغلب - ينتابها التغيير تبعا لنمط حياتنا ذلك لاننا جزء من مجتمع مترابط يحرص في معظم الاحوال على حفظ افراد الاسرة من التفكك او الانفراط, - كلنا يحاول - من العنصر الجديد الذي لابد وان يدخل بيتنا يوم اما ونعني به (زوجة الابن).. هنا لابد من وجود قابلية للتغيير من الداخل او الرضوخ للامر الواقع والسماح بانفراط العقد. لذا والحالة هذه يجب التفكير مليا في خطط (وهمية - سيناريوهات) ترسم - ولو على ورق لتضع احتمالات التوسع المستقبلي وامكانية تدارك اي خلخلة قد تطرأ فيما لو تم التعديل - وانه في قابل الايام لابد وان يكون التغيير امرا مفروغا منه ولايمكن التنصل منه. يجب على الاسرة ان تعترف بعجزها ولو مرة واحدة (ان دوام الحال من المحال) وانه لابد من وضع جميع الاحتمالات بحيث تقدم السلبيات على الايجابيات دون الخوف من الخوض في صغار الامور, وجميل ايضا مشاركة بقية افراد الاسرة في وضع امنياتهم الصغيرة على الورق ليكتشفوا انها طبقت على ارض الواقع عند الانتقال الى المسكن. ان المسكن مهما كبر لايمكن ان يكون مقرا دائما ولايمكن ان يستوعب من فيه لان هناك اهواء ورغبات لكل منا, من الصعب اشباعها, كما ان البيت الكبير بطبعه متباعد الاطراف ولكل من افراده (عالمه الخاص) فلا يمكن تصغيره او المبالغة في توسعته اكثر.. وعليه فان البيت الصغير ربما يكون اقرب للديمومة منه عن الكبير نظرا لتوزيعه المرن وقبوله كحضن دافئ للصغار حتى يكبروا.. وامكانية التعديل فيه وبشكل اقتصادي لايربك ميزانية الاسرة. وفي رأيي المتواضع ان على العناصر الثلاثة الزوج والزوجة والمصمم يتكئ البناء وبه يستمر ولايتراجع فلا مجال للعودة الى الوراء. الى هنا ولم نجب عن السؤال الملح: متى نبني بيت العمر؟ سائل يسأل: اريد ان ابني بيتا انام فيه ملء العين والجفن وهو ما يسمونه بيت العمر اي من خلال نبرته وتفاصيل السؤال يتبين لي انه يود بناء مسكن يرتاح اليه ويبقى تحت سقفه بقية عمره اي مسكنا يختصر فيه جميع المراحل ويزيح عن كاهله شيئا اسمه تغيير او تعديل.. هذا النوع من الناس يطلق عليهم الباحثون عن الاستقرار - المتمثلون للمثل الشعبي اعط الخباز خبزك ولو اكل نصفه - اي انهم يبحثون ويسألون ويستشيرون قبل ان يقدموا على اي مشروع مهما كان صغيرا. انني اقول لهؤلاء ومن على شاكلتهم - ماخاب من استشار - ولا ضير في الاستشارة ما دامت تأتي بنتيجة ايجابية. اعتقد انه يلزم على هؤلاء ان يراجعوا مكتبا استشاريا ولو كلفهم ذلك مبلغا من المال, لكن بالتأكيد سيكون مردوده جيدا على المدى البعيد, اي لايتردد من يرغب في بناء عالمه الصغير ان يلح بالسؤال قبل الشروع في التصميم ثم البناء في مرحلة لاحقة.