12 عاماً أمضوها في المدارس في المراحل التعليمية الثلاث (الابتدائي، المتوسط والثانوي)، و4 أخرى قضوها على مقاعد الجامعة، كان حلم الوظيفة يراودهم، كما كانت تراودهم أحلام أخرى، مثل تكوين أسرة، وبيت مستقل. بعد 16 عاماً من الدراسة والأحلام اكتشفوا ان كل ما حلموا به لم يكن سوى سراب، ضائع بين وزارة الخدمة المدنية، التي تصدمهم بعبارة (لا توجد وظائف لكم)، وبين وزارة التربية والتعليم، التي تبرر (لسنا مسئولين عن توظيفكم)، وجهات أخرى لديها وظائف تلائم تخصصهم، ولكن يشغلها أجانب، وترفض توظيفهم. انهم خريجو التربية البدنية، الذين مضى على بعضهم قرابة 8 أعوام يبحثون عن وظائف، المحظوظ منهم، من لقي وظيفة على بند الأجور، بعقود لا يحدد هو متى تنتهي، بل يتحكم الآخرون في مصيرها. يعتقد هؤلاء الخريجون ان الكل يتنكر لهم، وينفي عن نفسه مسئولية إيجاد وظائف مناسبة لهم، بعد كل ما درسوه.. المشكلة، ان جامعاتنا لا تزال تصدر كل عام المئات من هؤلاء الخريجين، ليتلقفهم سوق البطالة. الحلم تحول إلى سراب درس عبدالرحمن عبدالله الزابن التربية البدنية لمدة 4 أعوام في كلية التربية بجامعة الملك سعود، تخرج فيها قبل 4 أعوام، حاملاً معه مؤهل البكالوريوس.. ويقول: طوال سنوات دراستي في الكلية كنت أحلم بان أصبح مدرساً في هذا التخصص، ولكن بعد الخرج كانت الصدمة والمعاناة في المشوار المضني للبحث عن وظيفة. ويتهم الزابن وزارة التربية والتعليم بتجاهل خريجي التربية البدنية.. يقول: أنها لا تقدر المؤهلات الدراسية التي حصلنا عليها بعد دراسة عميقة ومتخصصة، فهي لا تسمح لنا بالدخول في المسابقات الوظيفية الخاصة بها. وفي المقابل تعين خريجي التربية البدنية من كليات المعلمين، التابعة لها والذين يحملون مؤهلات تربوية بدرجة دبلوم. الرئاسة والخدمة المدنية ولا يعفى الزابن وزارة الخدمة المدنية من المصير الذي وجدوا أنفسهم فيه، كما يتهم الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتحمل جانب من المسئولية، فهي توظف مدربين أجانب في الأندية، وتتجاهل المدربين الوطنيين، من خريجي التربية البدنية، كما ان هناك وظائف إدارية في الرئاسة يمكن ان يشغلها هؤلاء الخريجين.. ويضيف: هناك خريجون ذهبوا إلى دول خليجية مجاورة بحثاً عن وظائف، تناسب تخصصاتهم.. ويرى ان الحل في إيجاد لجنة تبحث أحوال هؤلاء الخريجين، وتوجد حلولاً لهم. يبحثون منذ 8 سنوات تخرج سعد سعيد القرني من قسم التربية البدنية في كلية التربية بجامعة أم القرى عام 1421ه، ومنذ 3 أعوام يبحث عن وظيفة تناسب تخصصه.. يقول: حين شارفت دفعتنا المكونة من 165 طالباً على التخرج كان الأمل يحدونا بالحصول على وظائف، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، فحسب معلوماتي واتصالاتي بزملائي الخريجين فإن أحدهم لم يوظف معلماً رسمياً. ويذكر القرني ان خريجي القسم منذ عام 1416ه لم يعثروا على وظائف، ومازالوا يراجعون فروع وزارة الخدمة المدنية دون جدوى.. ويسأل: هل يدرك المسئولون عن التوظيف الأخطار الاجتماعية والاقتصادية التي تترتب على عدم حصول المئات من خريجي هذا التخصص على وظائف؟ هذا يعني ان مستقبل مئات الأسر في خطر. والمشكلة ان الجامعات لا تزال تدفع سنوياً بمئات الخريجين من هذا التخصص إلى سوق البطالة، ليلاقوا الإحباط والتشرد في مسيرة البحث عن الوظيفة، التي باتت شبه مستحيلة. بوابات للتوظيف عبدالرحيم محمد العساف من خريجي قسم التربية البدنية في كلية التربية بجامعة الملك سعود عام 1419ه، يرى ان المعاهد والكليات العسكرية قد تكون بوابة لتوظيف عدد من هؤلاء الخريجين، فهي تضم فرقا رياضية بحاجة إلى كوادر رياضية تدربهم وتنظم البطولات والأنشطة الرياضية بطرق علمية أكاديمية مدروسة، والعمل على تأهيل الشباب واستغلال أوقات فراغهم، لا سيما في المنشآت الرياضية العسكرية. ومن الجهات التي يمكن ان توظف الخريجين أيضاً حسب العساف بيوت الشباب والأندية الرياضية، التي يوظف الكثير منها الأجانب. ويعزو ضعف الحركة الرياضية في السنوات الأخيرة إلى ضعف تنشئة الشباب، الذي يعود إلى عدم توافر المدرسين في المراحل الابتدائية، الذين يعملون على إعداد وصقل وتنمية وتوجيه المواهب القادرة على ممارسة الأنشطة الرياضية، ليصبحوا قاعدة ومصدر مواهب للأندية الرياضية، مما ينعكس على الألعاب الجماعية والفردية. تمييز غير منطقي 4 سنوات وعبدالرحمن محمد الاحمري خريج التربية البدنية يبحث عن وظيفة، يقول: لقد تعبت من البحث، وندمت على اختياري هذا التخصص، الذي التحقت به راغباً، ولكن وزارة الخدمة المدنية سببت لنا حالة نفسية صعبة، لكثرة ما رددت لنا (لا توجد وظائف لكم). دون مراعاة لسنوات دراسية تعبنا فيها وبذلنا مجهودات كبيرة خلالها. ولماذا التمييز في التعامل بين خريجي الجامعات وكلية المعلمين، حيث يفضلون الحاصلين على دبلوم تربية ويتجاهلون الحاصلين على بكالوريوس تربية؟ هل لأنهم تخرجوا من كليات تابعة لوزارة التربية والتعليم، التي تتبع لها المدارس التي سنعمل فيها؟ يعمل عبدالرحمن وعدد من زملائه الخريجين حالياً بنظام العقود السنوية غير الدائمة.. يقول عنها: هي لا تكفل لنا الاستقرار الوظيفي. الكل يرفضنا لم يكن يخطر ببال وقيان زيد آل حيان، المتخرج في قسم التربية البدنية عام 1419ه، ان يكون مصيره البطالة.. يقول: منذ تخرجي حاولت الحصول على وظيفة، ولكن وزارتي الخدمة المدنية والتربية والتعليم ترفضنا، وتفضل علينا خريجي كليات المعلمين، الذين هم من المفترض الا يدرسوا إلا مراحل محددة. ولا تعلن وزارة الخدمة المدنية عن وظائف لخريجي التربية البدنية إلا نادراً، وتكون الوظائف المعلن عنها قليلة جداً. ونأمل مضاعفة هذه الأعداد، حتى يتم استيعاب أكبر عدد ممكن من الخريجين، الذين يتضاعفون سنوياً. تبخرت الأحلام الفرق بين جاسم ناصر الدليجان وبقية خريجي التربية البدنية أنه لم يتخرج في جامعة سعودية، بل في كلية التربية الأساسية في جامعة الكويت، ولكن مصيره كان مشابهاً لبقية الخريجين، فلم يعثر على وظيفة، لينضم إلى نادي العاطلين عن العمل بشهادة جامعية، ولتتبخر كل أحلامه في الاستقرار والزواج وبناء أسرة سعيدة. المعلمون المختصون يساهمون في تنمية الحركة الرياضية الأندية الرياضية والقطاعات العسكرية وبيوت الشباب منافذ لتوظيف الخريجين