اليوم الوطني له وقعه في النفوس المخلصة الواعية, نتذكر فيه مواقف صناع التاريخ بطول الأرض وعرضها نستلهم ملامح العبقرية في أسمى معانيها التي استطاعت ان تصوغ وطنا يعتلي قمة المجد بفضل ما أنجزه قادته, في هذه الذكرى الثالثة والسبعين يجدد الجميع شيبا وشبابا ذكورا وإناثا مسؤولين ومواطنين اعتزازهم بهذه الذكرى المحببة وفيها يعزف الأدباء والمثقفون قيثارة الولاء للوطن, حيث يرتاح الوطن في القلوب ويتكدس حب الوطن كلمات عائمة على الورق. (الوطن) مفردة متوغلة في ومض الإحساس ومنها تتناغم ايقاعات القلب.. واليها يرتسم أفق تدركه الحدقات.. وتتدفق المشاعر وتفيض على محدودية الكلمات, كلمة وطني أجمل من رشفة ماء صاف في فم عطشان. الوطن في يوم مولده مناسبة تتميز بوقع خاص وتزخر بمضامين كريمة ومعان سامية من النماء والعطاء والخير العميم والارتباط برجل من الأبطال القلائل الذين يندر ان يجود الزمان بمثلهم. اليوم الوطني شهد (مولد أمة) وطد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله أركانها ونشر الأمن والاستقرار في ربوعها, وفي عهده شهد بدايات تدفق النفط فبفضل من الله ثم بما وهبه هذه البلاد من نعمة النفط الذي أخذ دخله يغذي شرايين التنمية في كل اتجاه, وليجعل الله به من بعد عسر يسرا شرع المؤسس في بناء الدولة الحديثة وخلال عدة سنوات وفق ليجعل من الضعف قوة ومن الجهل علما ومن الأوبئة عافية ومن الصحراء جنات ومن البحار ماء سائغا.. حقق نموذجا رائعا لمعنى الوحدة والتضامن والاستقرار, وتحولت هذه البلاد من حالة الفقر والجوع والجهل الى وطن موحد يعيش الجميع تحت ظلال أمنه الوارفة, وجاء أبناؤه البررة بعده ليواصلوا مسيرة النماء فحققت بلادنا مستويات قياسية من التقدم الحضاري وأصبحت نموذجا للدول الراغبة في خوض تجربة حضارية تستند الى القيم الأصيلة, وعلى الرغم من التحديات والزوابع التي تعصف بنا من الشرق والغرب إلا ان وطننا يقف شامخا يواجه الصعوبات ببسالة واقتدار وستظل بلادنا على أمنها المتميز المتفرد ومهما يريد بها المريدون المغرضون أصحاب (الفتن) والنفوس المريضة بالمطامع الدنيئة سنبقى نعيش تجربة أمنية فريدة ومتميزة من النادر وجودها في أي رقعة على وجه المعمورة. وفي مقارنة قبل عهد المؤسس قديما عاش الأهالي فترة ظلم دامس من الجهل وافتقارهم الى الأمن وأبسط مقومات الحياة وعصبيات قبلية وحروب بين القبائل. وقد اطلع الله سبحانه وتعالى سريرة هذا الرجل الذي جاء لاعلاء كلمة التوحيد ونشر العدل في وقت كان المؤسس نفسه في أمس الحاجة الى وجبة عشاء او غداء في ساحة المعركة, وعلى يد هذا المخلص اصبحت هذه الدولة من الدول المتقدمة في كافة المجالات وأصبح أبناء القرى والبوادي يحملون أعلى الشهادات العلمية. أولئك الذين كانوا يفترشون أبسطة الكتاتيب المتواضعة لتلقي الدروس البسيطة الأولية في الحياة تحت ظل شجرة او جدار أتاحت لهم فرص التعليم المتقدمة ومن بلادهم ليحاضروا في أرقى الجامعات والمراكز العلمية العالمية. قطاع التعليم حظي هذا القطاع من لدن قادة هذا البلد بكل الدعم والمساندة, حيث يتم سنويا تخصيص الاعتمادات المالية الضخمة في ميزانية الدولة للجامعات السعودية من أجل مساعدتها للنهوض برسالتها والقيام بواجبها. ان معظم الجامعات في السعودية تمتلك مدنا جامعية كلفت ملايين الريالات, مما مكنها وبكل اقتدار من ان تخرج الكفاءات السعودية المؤهلة, وان تحقق التوسع الكمي والنوعي سواء في مجالات اعداد الطلاب او اعداد أعضاء هيئة التدريس. هذا مثال بسيط على أوجه التقدم الحضاري الذي تشهده بلادنا وثمة أوجه كثيرة كالصحة والمواصلات وشق الطرق.. كل ذلك بما يكفل العيش الرغيد والرفاهية. ختاما أرفع اسمى آيات التهاني بمناسبة اليوم الوطني لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني والى الشعب السعودي كافة راجيا الله العلي القدير ان يديم لهذا البلد أمنه ورفعته.