يجب ان نأخذ من منهج حياة خالد بن يزيد بن معاوية درسا نهتدي به في حياتنا العلمية، فهو لم يقف مكتوف الايدي نائحا على موضوع الخلافة، بل استمر في حياته اليومية، وبدأ يفكر في طريق آخر يخلد به اسمه ، فاختار العلم، وجلب العلماء المتخصصين في علمي الطب والكيمياء من مصر الى الشام. فخالد بن يزيد بن معاويه يعتبر عصاميا من الدرجة الاولى. ولقد صار من العلماء المولعين بالادب والعلوم، والتاريخ، حتى اصبح مضرب الامثال في اهتماماته العلمية في عصر كانت الامة العربية والاسلامية مشغولة في مشاكلها السياسية. ويقول محمد ابراهيم الصبحي في كتابه العلوم عند العرب (إن خالد بن يزيد بن معاوية كان من القادة الأوائل لعلم الكيمياء، فهو الذي امر بترجمة الكتب الاغريقية التي تناولت بعض الدراسات الكيميائية، وعكف على دراستها والتعليق عليها حتى برع في هذا الحقل) لذا اهتم خالد بن يزيد بن معاوية في آخر حياته بالتأليف فكتب كثيرا من الكتب والرسائل، ذكر بعضها في الفهرست لمحمد بن اسحاق بن النديم، وكشف الظنون لحاجي خليفة، ووفيات الاعيان لابن خلكان ومنها : 1- كتاب وصيته الى ابنه في الصنعة. 2- كتاب الحرارات. 3- كتاب الصحيفة الكبير. 4- كتاب الصحيفة الصغير. 5- ثلاث رسائل في الصنعة احتوت احداهن على ما جرى بينه وبين مريانوس. 6- السر البديع في فلك الرمز المنيع. 7- منظمة فردوس الحكمة في علم الكيمياء، ويذكر صاحب كشف الظنون حاجي خليفة ان هذه المنظومة تحتوي على ثلاثمائة وخمسة عشر بيتا مطلعها : الحمد لله العلي الفرد الواحد القهار رب الحمد ياطالبا صناعة الحكماء خذ منطقا حقا بغير خفاء 8- وكتاب الرحمة في الكيمياء (ذكرت بعض المصادر ان هذا الكتاب لجابر بن حيان) ويروي ابو الفرج الاصفهاني في كتابه الاغاني رواية طريفة تدل على تواضع خالد بن يزيد بن معاوية المتميز وعقله الراجح (ففي ذات مرة قابل خالد بن يزيد راهبا فسأله الراهب انت من امة محمد؟ فقال خالد : نعم فسأله الراهب : أمن علمائهم ام من جهالهم، فقال خالد بن يزيد : لست من علمائهم او جهالهم، قال الراهب : الستم تزعمون في كتابكم ان اهل الجنة يأكلون ويشربون، فأجاب خالد بن يزيد : بأن لهذا مثلا في الدنيا، فسأله الراهب : فما هو ؟ قال خالد : مثل الصبي في بطن أمه يأتيه رزقه من الرحمن بكرة وعشيا لا يبول ولا يتغوط، فأدرك الراهب انه يخاطب عالما وقال : الم تزعم بأنك لست من علمائهم؟! فأجابه خالد بلى ما انا من علمائهم ولا من جهالهم).