هبطت امدادات البنزين في الولاياتالمتحدة الاسبوع الماضي الى ادنى مستوياتها منذ نوفمبر 2000 بسبب توقف مؤقت لانتاج ثلاث مصاف نفطية محلية في وقت سابق من هذا الشهر في اكبر انقطاع للكهرباء في اميركا الشمالية. وقالت ادارة معلومات الطاقة الاميركية في تقريرها الاسبوعي ان امدادات البنزين هبطت بمقدار 5.7 مليون برميل الى 191.2 مليون برميل في الاسبوع المنتهي في الثاني والعشرين من اغسطس وهو ادنى مستوياتها منذ السابع عشر من نوفمبر 2000 . وزاد هذا الهبوط حجم النقص عن مستويات العام الماضي الى 2,16 مليون برميل. وهبطت الامدادات هذا الصيف مع تزايد الطلب بشكل مطرد وانخفاض الصادرات من اوروبا حيث ادت موجة حارة في وقت سابق من الشهر الحالي الى خفض الانتاج في مصافي التكرير. هبوط الانتعاش الاقتصادي وأسهمت المستويات القياسية التي وصلت اليها اسعار المحروقات في المحطات وسعر النفط الخام الذي لا يزال فوق الثلاثين دولارا منذ اكثر من شهر، في عرقلة الانتعاش الاقتصادي الاميركي في حال تواصلها. وفي وقت تكثر فيه المؤشرات الاقتصادية الايجابية قد يلقي الارتفاع الكبير في اسعار المحروقات والنفط الخام بثقله على العائلات الاميركية على ما يرى خبراء. فقد اظهرت دراسة اجراها مصرفا (بنك اوف طوكيو-ميتسوبيشي) و(يو بي اس فاربورغ) ان (ارتفاع اسعار المحروقات ادى الى تراجع) في المبيعات في شبكات المتاجر في الولاياتالمتحدة التي كانت تحسنت بفضل التخفيضات الضريبية. وبلغت اسعار المحروقات في محطات الوقود مستوى قياسيا في الولاياتالمتحدة الاثنين مسجلة 1.747للغالون الواحد (3.85 ليترات) بشكل وسطي وقد تجاوزت الدولارين على الساحل الغربي. ويرى سونغ ون سون خبير الاقتصاد في (ويلز فارغو) ان (ارتفاع اسعار النفط عبء على الاقتصاد. وهو بمثابة ضريبة على الاستهلاك) مضيفا ان (خبراء الاقتصاد توقعوا ان يتراجع سعر النفط الخام سريعا الى ما دون عتبة 25 دولارا بعد الحرب على العراق، الامر الذي لم يحصل بتاتا). ويوضح ان النظريات الاقتصادية تشير الى ان ارتفاعا قدره عشرة دولارات في سعر النفط يؤدي الى تراجع النمو الاقتصادي بمقدار نصف نقطة. ويقول شاك هيل مدير الابحاث في مؤسسة (فيرست كول) ان (التوقعات حول اسعار النفط كانت متفائلة جدا ومستواها المرتفع المتواصل سيكون له تأثير ملحوظ على نتائج الشركات في بعض القطاعات ولا سيما القطاع الكيميائي والنقل والكهرباء. وتعتبر تينا فيتال المحللة في مؤسسة (ستاندردز اند بورز) ان اسعار المحروقات ستتراجع سريعا لان ارتفاعها الكبير سببه عوامل غير متوقعة. وتحدثت خصوصا عن العطل الكبير في الكهرباء منتصف اغسطس الذي شل المصافي على الساحل الشرقي في حين ان الطلب على المحروقات في اعلى مستوياته خلال فترة العطلة هذه. وهي تعتبر في المقابل ان اسعار النفط الخام تشهد ارتفاعا بنيويا يفترض ان يلقي بثقله لفترة اطول على المخزونات وعلى اسعار الفيول. وترى ان مخزونات الفيول لن تعود الى مستواها الطبيعي قبل نهاية العام المقبل وتعتبر فيتال ان اسعار النفط ستتأرجح الآن بين 25 و30 دولارا بدلا من 20 و25 دولارا في السنوات السابقة. لكن المحللين الاقتصاديين يشددون رغم ذلك على ان الاقتصاد يستفيد في هذه المرحلة من حوافز من شأنها ان تخفف من التأثير السلبي للأسعار المرتفعة للمنتجات النفطية. ويقول ماثيو ايليس الخبير الاقتصادي في مؤسسة (واكوفيا سكيورتيز) ان هذه الاسعار قد تخلف بعض المشاكل لكن حجم الحوافز الاقتصادية يفترض ان تعوض ذلك" مشيرا الى التخفيضات الضريبة والى نسب الفائدة التي هي في ادنى مستوى لها على الاطلاق التي تسمح للافراد بإعادة التفاوض على شروط قروضهم لشراء العقارات. من جهة اخرى تشير تينا فيتال الى ان نسبة الانفاق على الطاقة في ميزانية الافراد الاميركيين انتقلت من 7-8% في السبعينات الى 4-5% حاليا. وتوضح ان السعر المرتفع للمنتجات النفطية قد يؤثر سلبا على انفاق الافراد لكن اقل مما كان سيكون عليه قبل 20 او 30 عاما. وتتحدث فيتال ايضا عن احتمال ان يكون الشتاء قاسيا كما كان العام الماضي موضحة ان ذلك سيؤدي الى ارتفاع على الطلب مما سيخلف ارتفاعا مؤقتا في اسعار الفيول وقد يتأثر بعض المستهلكين سلبا بذلك. ويلخص سونغ ون سون الوضع بقوله: المستهلكون لا يعانون عامة من ارتفاع اسعار النفط لكن في حال تواصل الارتفاع فإنه سيؤدي الى تباطؤ في النمو. أرقام قياسية وعلى نفس الصعيد فقد افادت احصاءات رسمية ان اسعار الوقود العادي سجلت الاسبوع الماضي ارقاما قياسية في المحطات الاميركية حيث بيع الغالون (حوالي 78,3 ليترات) ب 1.747 دولار وهو اعلى مستوى له منذ 17 مارس الماضي قبيل الحرب الاميركية على العراق. وتشهد اسعار الوقود ارتفاعا كبيرا في الولاياتالمتحدة منذ بضعة اسابيع. وقد ارتفع سعر الغالون خلال اسبوع واحد اثني عشر سنتا فيما ارتفع بمعدل 4,34 سنتا خلال عام كامل. وتعتبر الاسعار على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الادني ويبلغ معدلها 1.689 دولار للغالون فيما يصل المعدل الى 2.051 على الساحل الغربي. ويعزو المحللون هذا الارتفاع الى جملة عوامل بينها تراجع مستوى احتياط النفط الاميركي والطلب المتزايد مع اقتراب عيد العمل في الاول من سبتمبر اضافة الى مشاكل الانتاج في المصافي وما نجم عن انقطاع التيار الكهربائي بين 14 و15 اغسطس، واقتراب انتهاء موسم العطلات وهو موسم الذروة بالنسبة للاستهلاك. وقد انخفض مستوى الاحتياط النفطي الاميركي منذ اشهر بسبب مشكلات خارجية كالحرب في العراق والاضرابات والاضطرابات في الانتاج في نيجيريا وفنزويلا. وكان آخر رقم قياسي في اسعار المحروقات في المحطات الاميركية سجل في 17 مارس وبلغ 673,1 دولار.