لم يحفل تاريخ الزعامات العربية بشخصية أثارت الجدل والتناقض مثلما كانت شخصية العقيد القذافي..ولم توجد في حقبة السنوات الأربعين الأخيرة من كان (متميزا) بالتقلب المتسارع مثلما يكون القذافي.. الذي دمر بلاده بمشاريع وهمية وألوان لا مثيل لها من (إسراطين) والنهر العظيم ودعوة إسرائيل لعضوية الجامعة العربية والإفريقيانية وغيرها.. من الأسئلة التي لخصها البعض: ما الحكمة من استبدال القرآن الكريم بالكتاب الأخضر في (الجماهيرية العظمى) والحرص على طباعة (الكتاب الاخضر) بحروف مماثلة للحروف التي تطبع بها المصاحف ... والتشكيك في السنة النبوية ليل نهار . ما الحكمة من دعوة المسلمين إلى الانصراف عن الحج إلى الكعبة ... وتوجيه جموع الحجيج الليبيين إلى القدس التي دخلوها بتأشيرات إسرائيلية !! ما الحكمة من تعليق طلبة الجامعات الليبية على المشانق في جامعاتهم وتصوير هذه الجرائم بالفيديو !! ما الحكمة من افقار المملكة الليبية وتحويل شعبها الى مجموعة من الشحادين وتهريب ثرواتها إلى منظمات ايرلندية وجمعيات الهنود الحمر !! ما الحكمة من طرد العمال التونسيين والفلسطينيين والمصريين والسودانيين من ليبيا ومصادرة أموالهم !! هذا عدا الكثير من الفضائح والممارسات التي احتلت حتى أغلفة الصحف والمجلات العالمية.ومنها حكاية الفتاة التونسية التي نشرت وحولها قصاصات من مقالات وتقارير صحافية تصدرت الصفحات الاولى من أشهر الصحف العربية والعالمية ليس لان تلميذة المدرسة ميشكا ذات جمال خارق أو لان والدها يمتلك ويدير أكبر شركة مقاولات في ليبيا وانما لأن (الرأس الكبير) تعلق بالفتاة وحاول أن يتزوج منها بل منعها من مغادرة ليبيا وأسكنها قصرا فاخرا في طرابلس ولم ينقذ التلميذة التونسية الصغيرة من براثن العقيد الا أمها التي رفضت طلب العقيد الزواج من ابنتها وطالبته فورا بالافراج عنها والسماح لها بالعودة الى تونس. وكنوع من الضغط عليه سربت الأم حكاية الابنة المحتجزة في ليبيا الى الصحف الاجنبية التي سارعت الى سرد حكاية الاختطاف وظهرت حكاية العقيد مع التلميذة القاصر المحتجزة في طرابلس في صدر الصفحة الاولى من مجلة (جون أفريك) وتناقلتها الصحف الاخرى ومنها مجلة المجلة اللندنية التي نشرت الحكاية مع الصور في العدد رقم 853 في معرض حديثها عن جنون العقيد وهلوساته وفضائحه وكان عنوان الموضوع الذي نشرته مجلة المجلة آنذاك هو (القذافي مجنون عظمة أم زعيم فلتة ؟) . فضيحة العقيد الأخلاقية ومحاولته اختطاف تلميذة قاصر والزواج منها رغم أنفها ليس الفضيحة الوحيدة التي تورط فيها هذا العقيد وانما هي واحدة من فضائح من كل لون ... الحكاية لنبدأ الحكاية منذ البداية ... يقول الباحث الليبي حسين محمود, الذي درس (ظاهرة العقيد) عن كثب: عرفت البشرية انواعا مختلفة واشكالا متباينة من النظم السياسية, ترنحت بين الشمولية الدكتاتورية والديمقراطية, وتفاوتت بينها بدرجات مختلفة, وتميز بعضها بالشطط, حتى اصبحت ظواهر سياسية ذات علامات بارزة, وقد عرف ابناء الشعب الليبي وشهد العالم اجمع احدى الظواهر السياسية خلال السبع والعشرين سنة الماضية, ونعني بها (ظاهرة العقيد) ولقد امتدت هذه الظاهرة وانعكاساتها خارج الحدود, لتعمل وسائلها في تشويه صورة الليبي والاساءة الى سمعة البلاد, ولتجعل بذلك الانسان الليبي محل ريبة وشك في أي مكان يذهب اليه. ورغم ان (ظاهرة العقيد) تحتاج الى ملفات عديدة لتحليلها وسبر اغوارها, الا انه بالامكان تتبع بعض فصولها والقاء الضوء على تاريخها وجذورها في الامثلة التالية: البداية في جهنم! ولد معمر محمد عبد السلام ابو منيار القذافي في قرية (جهنم) باحدى مناطق مدينة سرت عام 1942 , وقد خلد مسقط رأسه في قصته الادبية المشهورة (الفرار الى جهنم), وقد عاش القذافي ونشأ بين مناطق سرت ومصراته وسبها, والتحق بالكلية العسكرية الملكية الليبية ليتخرج برتبة ملازم بالجيش في منتصف الستينات تقريبا. ولقد برزت ظاهرة القذافي كغيرها من الظواهر الاخرى التي انتجها التطور التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفكري الذي مر به المجتمع الليبي, منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية . على الصعيد العربي الاسلامي لاقى انقلاب القذافي العسكري على الحكم الملكي عام 1969 ترحيبا لا بأس به في بداية ظهوره, خاصة ان القذافي كان قد حرص على الظهور امام العالم بمظهر القائد العربي المحنك والانسان المسلم الورع والتقي, المتحمس لنشر الدين الاسلامي , ولكن هذه المواقف جميعها سرعان ما تبددت بعدما وضح للعيان مخالفته للاجماع العربي والاسلامي. ولطعنه الصريح في صحة الحديث النبوي والسنة, ولتغييره التاريخ الهجري ولاعلانه صراحة ان كتاب الله الكريم لا يعالج الا امور الحلال والحرام والزواج والطلاق والجنة والنار, وليقول بكل جرأة ان (كتابه الاخضر) هو المرجع الوحيد المشتمل على حلول كل المشاكل البشرية. الثورة الشعبية بدأت ملامح ومعالم (ظاهرة العقيد) تظهر في شهر ابريل عام 1973 عندما اعلن ماسماه "الثورة الشعبية" في خطابه المشهور بمدينة زوارة التي اعتبرها اطارا عاما لنقاطه الخمس, التي احتواها الخطاب وحدد اهدافها بصورة موجزة قائلا : المطلوب في كل قرية ومدينة ومؤسسة جماهيرية ان تسيطر الجماهير على السلطة وتقوم بتقويض ما تراه غير صحيح وتوجد وضعا شعبيا جديدا. وكانت النقاط الخمس الشهيرة هي تعطيل والغاء كل القوانين المعمول بها حتى الساعة, تطهير البلاد من المرضى سياسيا الذين يتآمرون على القضية الثورية وعلى الشعب وعلى التحول الثوري, اعلان الثورة الثقافية , اعلان الثورة الادارية , تسليح الشعب , الحرية للشعب , لا حرية لاعداء الشعب. وللمزيد من فهم شخصية وافكار القذافي, التي ساعدت على بلورة (ظاهرة العقيد) بعود الى خطابه الذي يقول فيه: (لا بد من تطهير البلد من جميع المرضى, أي شخص نجده يتكلم في الشيوعية او الفكر الماركسي سوف يوضع في السجن) الا ان القذافي قال في خطاب لرابطة الادباء والكتاب في ليبيا في عام 1988 :(ان الجماهيرية هي البؤرة التي ترتكز فيها تطلعات الفوضوية والشيوعية والمدينة الفاضلة, ان الجماهيرية هي خلاصة وثمرة الجهود التاريخية الانسانية لتطلعات الفوضويين والشيوعيين , انها النعيم المفقود والفردوس الارضي). ثم يضيف قائلا: انا تعديت الشيوعية والفوضوية الباكونية (نسبة الى باكونين) انا عملت شيئا منظما ابعد منها. الكتاب الأخضر واللجان الثورية. وبعد خطاب زوارة المشهور امر العقيد معمر القذافي, على مرأى ومسمع من العالم بحرق الكتب الاجنبية والآلات الموسيقية في ساحات المدن الليبية, كما امر بالغاء مهنة المحاماة. وطالب ب (الزحف) الثوري على المؤسسات والبيوت , تطبيقا لمقولته الشهيرة (البيت لساكنه) وحرص على تصفية (اعداء الشعب) واعتماد الفوضى الشاملة اسلوبا للحكم والادارة. وامر بتأسيس لجان فكر وتوعية والبدء في انشاء اتحاد اشتراكي ولجان شعبية وبالطبع لجان ثورية. وكانت هذه اللجان هي اهم الادوات لتنفيذ فكر العقيد. فهي جهاز سياسي يقوم بدور الحزب الحاكم, وهي جهاز تحريضي يستوعب ارشادات القائد. وهي جهاز عسكري واخباري وامني, وقضائي وتعليمي وتربوي ودعائي. وقد وصفها قائلا: (اللجان الثورية هي الثمرة النهائية لكفاح الشعوب من اجل الديمقراطية). وبالتالي اسبغت هذه اللجان لقبين جديدين على العقيد وسمته (صانع عصر الجماهير وقائد مسيرة الانسانية في رحلة الانعتاق النهائي) وتأثر العقيد بهذا التكريم خاصة وصفها له بأنه (نبي العصر). الكتاب الاخضر كان بالطبع العامل الرئيسي في شهرة العقيد وظاهرته. وبين دفتي هذا الكتاب بفصوله الثلاثة خط (النظرية العالمية الثالثة) وهذا الكتاب كما ورد في فصله الثاني: (لا يحل مشكلة الانتاج المادي فقط بل يرسم طريق الحل الشامل لمشكلات المجتمع الانساني , ليتحرر الفرد ماديا ومعنويا تحررا نهائيا لتتحقق سعادته). ووصف القذافي الكتاب الاخضر ونظرته العالمية حيث قال: (هذه النظرية ستجعل لنا دينا, لان الناس في هذا العصر محتاجة الى دين الى كتاب يوحدها). (من خطاب القاه في المؤتمر الدولي للحركات السياسية لشباب اوروبا والبلاد العربية وفي مقدمة الطبعة الروسية من الكتاب الاخضر , كتب القذافي (اقدم لكم كتابي الاخضر, الذي يشبه بشارة عيسى او الواح موسى, او خطبة راكب الجمل القصيرة, الذي كتبته في داخل خيمتي التي يعرفها العالم بعد ان هجمت عليها 170 طائرة وقصفتها بقصد حرق مسودة كتابي التي هي بخط يدي). تحرشات عربية منذ مجئ العقيد القذافي الى الحكم وهو في حالة مد وجزر, حب وكراهية مع دول عربية عديدة وهو لم يتوان في بعض الاحيان في غزو هذه البلدان عسكريا, او محاولة زعزعة انظمة حكمها, ليعود ويعلن توحده معها مما اعاق بالتالي مراحل نموها واستقرارها وتطورها. فبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر الذي اطلق على القذافي لقب (امين القومية العربية) , دخل في صدامات سياسية ثم عسكرية مع الرئيس الراحل انور السادات, ولم ينج بالطبع الشعب المصري من حروبه الاعلامية وتصرفاته. كما كان السودان منذ السنوات المبكرة لحكم القذافي , هدفا لتحرشاته رغم كل ادعاءاته القومية وشعاراته العروبية, الا ان دعمه لايران ضد العراق اثبت عكس ذلك. وذاقت تونس لسنوات عديدة تحرشات القذافي العسكرية والامنية, وعلى رأسها محاولة احتلال مدينة (قفصة) التونسية, ومحاولة نسف مقر الجامعة العربية بتونس العاصمة, وكذلك محاولة اغتيال العشرات من الشخصيات السياسية والصحافيين التونسيين, الذين نادى في خطاب له ب(قص السنتهم وقطع اياديهم). كذلك خاض حروبا طويلة اهدرت فيها الارواح والاموال في محاولات لغزو تشاد, وكانت المغرب وملكها الحسن الثاني هدفا لسنوات طويلة خلال دعمه للمنشقين في الصحراء المغربية, وفي حالات كثيرة لم ينج العمال العرب من مزاجية القذافي, الذي كان يرمي بهم خارج الحدود كما حدث مع العمال المصريين والسودانيين والتونسيين والفلسطينيين. اما القضية الفلسطينية فنالت هي الاخرى نصيبها من القذافي, واتهمه بعض قادتها بانه عمل على شق وتفتيت صفوف الثورة الفلسطينية في محاولات عديدة, وذلك بتأليب ودعم فصائلها المختلفة وفي محاولات لاحتوائها, ولعل اشهر مواقفه عندما دعا الثوار الفلسطينيين اثناء حصار بيروت عام 1982 الى الانتحار الجماعي. لقد وصف القذافي الرئيس عرفات بأنه مجرد (عريف في الشرطة الاسرائيلية) وبأن كل دوره هو حماية اسرائيل. كما طلب منه "ان يأتي للعمل في ليبيا بدل عمله في الشرطة الاسرائيلية وانه لو حضر الى ليبيا فانه لن يستقبله ولن يوجه اليه أي نصح, ونقد عملية السلام بين بعض العرب واسرائيل ما يراه المحللون البعد الرئيسي في (ظاهرة العقيد) بكل تناقضاتها وازدواجيتها. فبعد حملاته وشعاراته المتوالية ضد عملية السلام, فاجأ القذافي العالم بارسال وفد من الحجيج الليبي الى القدس. وقد علق تاجر السلاح الايراني يعقوب نمرودي حينها في مقابلة مع تلفزيون تل ابيب: شئ ما حدث للقذافي , اريدك ان تعلم انه ابدى رغبته الشديدة في تبديل موقفه, لقد اخبر عدنان (عدنان خاشقجي) بانه يحب اسرائيل وله اصدقاء يهود, واحدهم هو الذي رتب لزيارة الحجاج الليبيين. ورغم تبرؤ القذافي اعلاميا من هؤلاء الحجاج, الا انه اتضح ان وفد الحجيج كان يتكون من افراد واعضاء من رجال الامن واللجان الثورية. ولقد فاجأ العقيد العالم مرة اخرى بترحيل الفلسطينيين ورميهم على الحدود الليبية المصرية, وبرر العقيد قراره بانه يقدم خدمة للفلسطينيين لاعادتهم الى بلدهم, كما صرح للمرحلين امام معسكر لهم قرب الحدود الليبية المصرية بانه : (لا يستطيع احد ان يزايد على عمر القذافي بالنسبة للفلسطينيين فانا حبيبهم الاول وانا المدافع الاول عن الشعب الفلسطيني, وانا احرص من أي احد على الفلسطينيين في أي مكان من الكرة الارضية), واضاف: (انا على استعداد لاحضار خيمتي ونصبها الى جوار خيامكم في الصحراء حتى نعود جميعنا الى ارضنا المحتلة). جنون العظمة وبعد هذه الدراسة المقتضبة عن بعض ملامح (ظاهرة العقيد) بكل شطحاتها وتناقضاتها وازدواجيتها نستطيع القول انه من الصعب فهم اسرار شخصية العقيد القذافي المتشابكة, او الاقتراب من مفاجأته المزاجية التي تبدو عفوية في الظاهر . وقد يتساءل البعض: هل العقيد مصاب بجنون العظمة ؟ او بانفصام الشخصية؟ ام انها حركات مسرحية مدروسة لاخفاء ذكائه؟ ام انه زعيم نستطيع اعتباره فلتة عصره وزمانه؟ وللاجابة عن هذه الاسئلة نفرد هنا اجابة للقذافي للصحافية الايطالية ميريلابيانكو, التي سألته خلال حديثها معه الذي نشر في كتاب (القذافي رسول الصحراء) :يا رسول اكنتم راعي غنم؟ - نعم..فلم يكن نبي لم يفعل ذلك. كما نفرد كذلك حديثا للقذافي اثناء انعقاد "مجلس اتحاد الجامعات العربية" بمدينة بنغازي, المسجل مرئيا في شهر فبراير عام 1990 :" كلمة كن فيكون لا تعني الآن, قد تحصل بعد مليون سنة, مثلا: ايتها السحابة الكونية كوني كواكب سيارة من الشمس الى الارض بعد 400 مليون سنة. ما دام الله قرر هكذا, ففعلا بعد 400 مليون سنة ستكون بهذا الشكل, كن فيكون, يعني كوني هكذا فكانت حسب المدة, لا تعني السرعة, لا تعني الآن, انا قلت فلتكن ثورة بعد عشرين سنة وعملت من اجلها..فقامت.. نعم قلت:فلتكن ثورة, فكانت ثورة!!!! القذافي ومصر زعيم بلا شعب ام شعب بلا زعيم؟ بعدما توقع العقيد القذافي عودة الاستعمار من جديد لاحتلال الوطن العربي وشمال افريقيا, اكد ان مصر ستكون اول دولة يتم احتلالها من قبل الاستعمار الامريكي-الاسرائيلي. تصريح العقيد الذي اكده مرة اخرى قبل زيارته الاخيرة لمصر عندما اعلن ان دول شمال افريقيا محتلة ما عدا ليبيا, ثم عاد واعتذر لمصر واستثناها من هذا الاحتلال لتلحق بالدولة الوحيدة المستقلة في مغرب العالم العربي. هذه النوعية من التصريحات تعد السمة البارزة في علاقة القذافي بالكثير من دول العالم, لكنها تستمد قدرا خاصا من الاهمية عندما تتعلق ب(الشقيقة الكبرى) فقد ظلت علاقة العقيد بمصر تتراوح بين الشد والجذب, القبول والرفض, الوحدة والانفصال طوال السبعة والعشرين عاما لحكمه ليبيا, خلال هذه السنوات امتدت مفاجآت وتصريحات واحيانا اخرى قذائف القذافي لتملأ الحدود الطويلة بين البلدين. بدأت خيوط صورة العقيد في مصر ترسم منذ اللحظات الاولى لثورة الفاتح من سبتمبر. فبعد هزيمة عام 1967 قدم الملك ادريس السنوسي الكثير من المساعدات لمصر داعما موقف النظام فيها. لذلك فقد كان الانقلاب العسكري في ليبيا عام 1969 , هو آخر ما يتمناه النظام المصري على حدوده الغربية. كان العقيد كما بدا واضحا في هذه اللحظات لا يملك الحد الادنى من الوعي بالعلاقات الدولية القائمة, وما يحدث في العالم الخارجي لكنه كان ذا شخصية قوية وهو ما روع اركان النظام في مصر خوفا من انفجار قنبلة موقوتة. لكن العقيد القذافي كان من مريدي عبد الناصر, لذا فالقنبلة الموقوتة لم تنفجر في مصر آنذاك, وكانت الوحدة والآمال القومية تحيط وترفرف حول الجميع, الا ان عبد الناصر رحل واعتبر القذافي نفسه خليفة له وما لبث الخليفة ان اصبح الزعيم نفسه وتقلد مقاليد الزعامة والحكمة ومؤخرا الادب. وكان من الطبيعي الا يلتقي القذافي والسادات بسهولة فكل منهما كان يسعى لتوطيد مركزه بعيدا عن تراث عبدالناصر , لكن كلا منهما في نفس الوقت كان مازال في امس الحاجة لهذا التراث ليستمد منه شرعيته. لذلك فقد انهارت الوحدة وما تلاها من مشاريع الانشقاق والاختلاف محل الوفاق والوحدة , وهكذا وجد العقيد نفسه كما قال هو (زعيما بلا شعب وفي مصر شعب بلا زعيم). وفي عام 1973 وحينما كانت مصر تشحذ العالم العربي للوقوف خلفها في حرب اكتوبر كان العقيد مشغولا بالثورة الثقافية التي اراد لها ان تبتعد عن نمط ماوتسي تنج في الصين لتصبح ثورة ثقافية ذات طابع (قذافي). الا انها انتهت لتقترب اكثر ما يمكن الى سلبيات الثورة الثقافية في الصين دون ايجابياتها. وبالرغم من ان العقيد القذافي لم يكن القائد العربي الوحيد الذي رفض مبادرة السادات بزيارة اسرائيل, الا انه كان الوحيد الذي استطاع السادات ان يرد له الصاع صاعين. وفي اوائل عام 1977 ابرمت ليبيا صفقة اسلحة مع الاتحاد السوفييتي قيل انها تهدد الامن القومي المصري, وفي يوليو 1977 قام الجيش المصري بغارات تأديبية ضد ليبيا محدثا خسائر كبيرة ماديا ومعنويا. المنفذ الوحيد وتعد مصر الآن المنفذ السياسي والاقتصادي بل والدبلوماسي ايضا للعقيد بعد فرض الاممالمتحدة العقوبات الاقتصادية ضد نظام العقيد في ليبيا, وفي المقابل يقرع العقيد طبول الحرب ضد الجماعات الإسلامية مؤكدا ان ليبيا هي حجر العثرة التي سقطت في يد الإسلاميين القادمين من الجزائر فسوف تسقط مصر ايضا في أيديهم. وقد تم الترويج لهذه المقولة إبان انتصار جبهة الانقاذ في الانتخابات الجزائرية ثم ما تلاها من حرب اهلية في هذا البلد, وكانت هذه الازمات فرصة للعقيد للاطاحة بالعديد من أشكال المعارضة في ليبيا وليس فقط المعارضة الإسلامية والمتمركزة في بنغازي ثاني اكبر المدن الليبية. عاد العقيد يدعو الآن للوحدة بين مصر وليبيا والسودان, الغريب ان العقيد لم يجد تناقضا في الدعوة للوحدة بين ثلاث دول ذات ثلاثة أنظمة متناقضة. لقد حاول القذافي اقناع قادة الفكر في مصر -اثناء ندوته مع اساتذة جامعة القاهرة- بان الديمقراطية تعمل على شق صفوف الأمة وان مصر ليست في حاجة لمثل هذه المبادئ حيث يوجد لها طبقات. قذائف القذافي وزياراته (الكارثية) في إحدى زيارات العقيد القذافي الأخيرة لمصر لم تكن متوقعة ولم يتم الترتيب لها حسب القواعد البروتوكولية المعمول بها عادة, وحين بدأت الزيارة كانت الترتيبات البروتوكولية قد اعدت على عجل وبدا الارتباك واضحا وانتهت الزيارة بما هو اكثر من الارتباك البروتوكولي, انتهت بارتباكات وازمات دبلوماسية. كان في استقبال العقيد القذافي حين وصوله الى مرسى مطروح وزير الاعلام ومحافظ المدينة, وبدا ان عددا من رؤساء قبائل مطروح قد تمت دعوتهم على عجل ليكونوا في استقبال العقيد وليقضي معهم ليلة طويلة, ثم يقوم بزيارة معالم المدينة, وكان واضحا ان الرئيس حسني مبارك قد اتيحت له الفرصة -خلال هذا الوقت- ليستعد لاستقبال القذافي في القاهرة حيث اقيم له استقبال شعبي مع اساتذة جامعة القاهرة وبعض من قيل عنهم قادة الرأي والفكر في مصر, وقد ظهر جليا ان قادة الرأي والفكر هم عدد قليل من الصحافيين الى جوارهم اعداد اكبر من العاملين في التلفزيون المصري. خلال هذه اللقاءات كانت التغطية الاعلامية في مصر في حدها الادنى خاصة بعد لقاء العقيد في جامعة القاهرة وتصريحاته التي امتدت من المؤامرة الامبريالية ضد شعوب العالم الثالث بتصنيع الشامبو من البيض واللبن لتجويع اطفال الشعوب الفقيرة , وحتى حكمه باستقلال الكويت باطل وانه كان يجب تقسيم الكويت بين كل من العراق والسعودية طالما انها غير مؤهلة لتوفير الحماية الأمنية لحدودها وان استقلالها جاء عبر قوات التحالف الغربي وليس العربي. شعر المصريون بكثير من الحرج بسبب تصريحات العقيد والتي ادت الى ازمة وخلافات مع بعض الدول العربية وفي مقدمتها الكويت وكذلك الولاياتالمتحدةالامريكية. اذ انه لم تمض ساعات معدودة حتى عاد العقيد القذافي ليوجه انتقادات اخرى معادية للولايات المتحدةالامريكية خلال لقائه ايضا في اليوم الثالث باعضاء لجان الشؤون العربية والعلاقات الخارجية بمجلسي الشعب والشورى وقال القذافي ان ازمة لوكيربي هي ازمة سياسية في الدرجة الاولى اوجدتها امريكا للقضاء على ليبيا وتجويع شعبها وان امريكا تضر بمصالح ليبيا والعرب في المنطقة وبالتالي لا بد من التحرك على الاصعدة العربية لمواجهة هذا التخريب الامريكي مهما كلف الامر. وفي الحال سارعت واشنطن واحتجت بسبب تلك الاقوال. ومن اجل احتواء هذه الخلافات التي تسببت فيها اقوال العقيد القذافي سارعت مصر بإجراء اتصالات دبلوماسية متعددة مع الكويتوامريكا لاحتواء تداعيات الموقف. بعد زيارة العقيد بدأت بعض الصحف المصرية وكبار الصحافيين الخروج عن تحفظهم واندلعت مايشبه حملة صحافية منظمة ضد ليبيا واقوال العقيد, بل ان بعض الصحافيين طالبوا الحكومة المصرية بانتهاز فرصة الازمات التي تسبب فيها القذافي والمطالبة بتحجيم العلاقات مع ليبيا التي اعتبرها البعض انها السبب الرئيسي في مشاكل مصر مع الغرب, الرد الليبي على هذه الحملات الصحافية اعتبرها حملات مأجورة تستهدف ليبيا الا ان المسؤولين في مصر يقولون ان القاهرة ستفكر اكثر من مرة عندما تدعو العقيد لزيارة مصر وعقد لقاءات مفتوحة. تخريب وقطع علاقات وصلت حالات التدخل والتخريب التي تولى القذافي تدبيرها اثناء فترة حكمه حوالي 130 حالة محاولة انقلاب فاشلة , كما قامت 35 دولة بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع ليبيا, او بطرد اعضاء بعثاتها الدبلوماسية, ومن بينها 14 دولة عربية. كذلك ساهم القذافي علنيا بتمويل العشرات من اجنحة المعارضة العربية المنشقة عن بلدانها وذلك بتدريبها عسكريا وامدادها بالسلاح, كما دعم سرا وعلانية العديد من المنظمات الارهابية في العالم, والتي تبرأ منها فيما بعد, مثل منظمة (بادرمنيهوف) و(الالوية الحمراء) ومجموعة كارلوس و(منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي) والتي قدم عنها معلومات للحكومة البريطانية في السنوات الاخيرة, طمعا في مساعدته في الغاء الحصار الاقتصادي والدولي, بسبب قضية طائرة البان ام الامريكية التي انفجرت فوق مدينة لوكربي (الاسكتلندية) والتي اتهمت ليبيا بتفجيرها. راهبات الثورة...وميشكا!! اهم قصة غرامية للعقيد, اشتعلت نيرانها في قلبه وعلى صفحات الصحف والمجلات الدولية, قصة مطاردته المتواصلة للطالبة التونسية ميشكا حنين, وتقول تفاصيل القصة التي بدأت في اواخر السبعينات, ان والد ميشكا كان يملك شركة مقاولات كبرى وينفذ مشاريع هامة مع ليبيا, وكانت قد قامت بصحبة عدد من زميلاتها بزيارة مدرسية الى ليبيا, وقد حرص العقيد على استقبال الوفد الطلابي . وبمجرد وقوع نظره على ميشكا بدا عليه الانجذاب, ومن شدة هيامه بها استبقى ميشكا في طرابلس ووضع تحت تصرفها فيلا للإقامة وابلغ والدها برغبته في الزواج بها. كما عرض على والدتها لتلحق بابنتها على متن طائرته الخاصة, وتقيم ضيفة رسمية عليه, ولكن القذافي اصيب بصدمة قاسية عندما اجابت الوالدة بالرفض وطالبت بإعادة ابنتها حالا, وهكذا انتهت مغامرة القذافي مع ميشكا. وكانت مجلة (جون افريك) قد علقت حينها حول مغامرة العقيد مع ميشكا: ان خيبته في تحقيق الوحدة التونسية الليبية التي ما انفك يحلم بها منذ سنوات, حملته على ان يحاول ان (يتحد) شخصيا مع فتاة تونسية. في عام 1972 شن العقيد معمر القذافي هجوما شديدا ضد المرأة , وفي لقائه باتحاد المرأة في القاهرة في هذا العام وصف العقيد المرأة بانها كالبقرة التي (قدر لها الا تفعل اكثر من الحمل والولادة والرضاعة). لم تكن هذه التصريحات هي الاولى من نوعها ولكن سبقتها مقولات متناثرة عبر مائدة الحوار التي اعدت في جريدة (الاهرام) مع كبار الصحافيين واعضاء مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالجريدة. وكان الانطباع السائد في ذلك الوقت يؤكد ان موقف القذافي من المرأة لا يتعدى في احسن الاحوال موقفه من حيوان اليف. لذلك فقد كانت دعوته لانشاء مجموعة الراهبات الثوريات بعد اقل من عشر سنوات على تصريحاته هذه بمثابة حركة بارعة للانتقال من كوكب الارض الى المريخ. كانت فكرة العقيد تنحصر -على ما يبدو- في انشاء معمل عسكري لتفريخ راهبات ثوريات لحماية الثورة في ليبيا. وكان من الممكن ان تعد هذه الخطوة كواحدة من ابرز علامات تحرر المرأة في الواقع العربي عموما وفي ليبيا خصوصا, الا انها خطوة ابتعدت كثيرا عن معطيات الواقع الليبي, خاصة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار طبيعة المجتمع البدوي الذي لم تبذل اللجان الثورية للعقيد اية محاولات حقيقية لتحديثه, ليس في الشكل ولكن من حيث مضمون القيم والاعراف. لذلك كان من الطبيعي ان يقف المجتمع ضد هذه الدعوة والا تلقى اذانا صاغية فيما عدا القليل من الفتيات الليبيات. المفترض ان تعداد النساء في ليبيا لا يتجاوز 200 الف سيدة وكان هدف القذافي الوصول الى 5 بالمائة من هذا العدد ليشاركن في جيش الراهبات الثوريات. وكما وقف المجتمع بتقاليده واعرافه ضد انخراط المرأة في العمل السياسي , فقد كان من الطبيعي ان تكون وقفته اشد ضد رهبانية المرأة, وهي تقليد مختلف عليه بشدة ليس بالاسلام وحده ولكن في اديان اخرى. بعد ثلاث سنوات من اعلان القذافي عن رغبته في انشاء وحدة الراهبات الثوريات, قام عدد منهن باقتحام مدرسة الزاوية الثانوية للبنات في محاولة لتجنيد اكبر عدد من الفتيات لينضممن الى جيش الثورة الليبية, لكن اولياء الامور تصدوا بقوة لهذه المحاولة التي لم تسفر الا عن مزيد من ابتعاد الفتيات في ليبيا عن هذا الفهم لدور المرأة. انضمت لراهبات الثورة اسماء معروفة مثل عائشة جلود امينة اللجان الشعبية في بلدية الجبل الاخضر وهي اول راهبة ثورية, كذلك هدى بن عامر وهي من اشهر الراهبات الثوريات فهي عضو المحكمة الثورية ومعروفة بقيادتها للمظاهرات. وعند زيارة القذافي الاخيرة لمصر كان هناك حوالي 12 فتاة لحراسة العقيد, الحقيقة ان هذا العدد من الفتيات لا يشكل نموذجا حقيقيا لوضع المرأة في ليبيا. فاهداف الراهبات الثوريات -بالانابة عن الرجال المهزومين- بالتصدي لقضايا الامة فهو الآخر نموذج ثبت فشله وانعدام واقعيته , انه نموذج تخطاه الزمن. ارقام القذافي الاهرام 6-12-87 تبرع العقيد معمر القذافي بمبلغ مليون ونصف المليون مارك لنادي ايذارلون الالماني للتزحلق على الجليد وسيقوم النادي بمقابل هذا المبلغ بالدعاية للكتاب الاخضر, سيعد النادي لافتات دعاية للكتاب ووضع صورة القذافي على فانيلات اللاعبين. الاهرام 5-2-88 عرض الزعيم الليبي على البرازيل ان تقوم ليبيا بتمويل مشروع برازيلي لتطوير الصواريخ مقابل شراء ليبيا عددا منها, وقالت مجلة جينز البريطانية ان الرئيس عرض مبلغ 400 مليون دولار سنويا لمدة خمس سنوات لتمويل المشروع. الوفد 4-6-88 تكلف مشروع النهر العظيم حوالي 25 مليار دولار ويعتمد على مد الانابيب بعرض الصحراء يبلغ طولها 2200 ميل, وضع اساس المشروع عام 1980 حين كان دخل ليبيا السنوي من البترول يبلغ 21 مليار دولار وقد انخفض هذا العام الى 7 مليارات فقط. الشرق الاوسط 2-9-92 تم التعاقد مع الرجل المسؤول عن التخطيط للحملات الدعائية لانواع النبيذ والعطور الفرنسية ليعمل على تحسين صورة العقيد في الغرب, جرى التعاقد معه بتدخل السفير الفرنسي السابق لدى تركيا وهو صديق مقرب لفرانسوا ميتران, ويقال ان قيمة العقد تبلغ بضعة ملايين فرنك, الرجل الذي سيضطلع بالمهمة هو كلود مارتي الذي كان مسؤولا عن حملة ميتران اثناء انتخابات 1988. (ادب) العقيد أم جنونه؟ ذكرت صحيفة الاعلام التونسية عام 1988 ان العقيد معمر القذافي قد اصبح مؤلفا للاغاني, حيث طلب من عدنان الشواشي ان يلحن له كلمات الاغاني, وقد وضع العقيد طائرة خاصة تحت تصرف الملحن التونسي لتسهيل تنقلاته بين طبرق وبني غازي وطرابلس. وقبل ان تصل طائرة الشواشي الى قلوب المستمعين كان العقيد قد تحول عن كتابة الاغاني الى كتابة القصة القصيرة, وكان اللقاء في معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام الماضي حول مجموعة العقيد (القرية..الغربة..الارض..الارض..وانتحار رائد فضاء) بمثابة خطوته الثانية في عالم الفن والادب, وقد اشاد عدد لا بأس به من المثقفين المصريين بالمجموعة في حين اعتذر الكثيرون عن مجرد حضور اللقاء وادارته واعتذر عدد اكبر عن التعليق على هذه المجموعة للمجلة. كان الدكتور عبدالمنعم تليمه اول المعتذرين عن عدم ادارة الندوة مما اضطر الدكتور سمير سرحان رئيس هيئة الكتاب المصري الى ادارتها, وقال رئيس الهيئة (ان الصفة الفنية واللغة المستخدمة في المجموعة تؤكد اننا امام مبدع كبير وكاتب له شأن بين فرسان الكتابة العربية). من اشادوا بالمجموعة القصصية للكاتب العقيد معمر القذافي كانوا يعرفون مسبقا حساسية موقفهم في الاشادة بعمل ادبي لرجل سياسة بل حاكم لاحدى الدول العربية , فالمجموعة اثارت العديد من القضايا الفن والادب والسياسة على الساحة المصرية منذ ان اعلنت الهيئة عن ندوتها. فالمجموعة التي تكلفت طباعة النسخة الواحدة منها مابين 8-10 جنيهات مصرية, بيعت بسعر جنيه واحد بالاضافة الى نسخة من الكتاب الاخضر وصورة للعقيد عليها اهداء بخط يده . الازمة اثيرت بشكل اوضح عندما اعلن عن اقامة ندوة في(اتيليه) القاهرة وهو مركز لتجمع الكتاب والمثقفين المصريين, وكانت نتيجة اصدار الدعوة لهذه الندوة اثارة العديد من المشاكل داخل الاتيليه انتهت بطرد مدحت الجيار نائب رئيس مجلس ادارة الاتيليه والذي قام باصدار الدعوة دون علم وموافقة بقية اعضاء المجلس. وبعد ازمة اتيليه القاهرة كان الصوت الاعلى في نقد المجموعة القصصية للعقيد القذافي الكاتب يوسف القعيد الذي اكد ل(المجلة) ان المجموعة (ليست قصصا بل مقالات في احسن الاحوال, ليس فيها ايا من جماليات المنولوج او الاسترسال الداخلي الذي تدعيه), ويضيف القعيد:انه من الصعب التعامل مع قصص القذافي باعتبارها نتاج كاتب محترف. ويؤكد القعيد انه اذا تم التغاضي عن المستوى الفني لهذه المجموعة من القصص المكتوبة على شكل مقالات احيانا, فيبقى السؤال الاساسي الذي تطرحه: ماذا يريد القذافي ان يقول من خلال القصص هذه؟ وفي استعراض سريع لهذه القصص يخلص القعيد الى انه فشل في محاولته لربط الفن بالواقع حتى يتسنى له ان يعرف اهمية بعض الاحداث والتواريخ التي وردت في هذه المجموعة. واذا كان القعيد قد اكد انه لن يدخل في نوايا الآخرين مشيرا الى من اشادوا بهذه المجموعة فمن باب اولى الا يدخل احد في نوايا من امتنعوا عن الكلام سواء بالسلب او الايجاب عن المجموعة نفسها, وكان منهم اساتذة في النقد والادب امثال علي الراعي ولطيفة الزيات و د.رضوى عاشور وسعد الدين وهبه ومصطفى نبيل وابراهيم عبد المجيد. اما في فرنسا فقد لجأت مجلة (ليفنمان دوجودي) الفرنسية الرصينة الى عرض مجموعة القذافي القصصية على طبيب نفساني شهير فكان تحليله كالتالي: (ان هذا الكتاب يصلح تدريسه لطلاب الطب النفسي , كونه يجمع بين كل عناصر هستيريات جنون العظمة). واجمع خبراء نفسيون آخرون بعد قراءة كتاب العقيد على ان صاحبه (يعاني مرضا نفسيا يجعله منعزلا ولا يستمع الا لنفسه). كتاب القذافي الجديد الذي سيثير انتباه وسائل الاعلام قريبا يدعى (تحيا دولة الحقراء), وقد وصف كاتب عربي القذافي بعد قراءته لهذا الكتاب بانه (غلبت عليه حالة الوهم والنرجسية قادته الى خلط المفاهيم على نحو لا يحتمل التأويل). وعلاوة على تدني اسلوب الكتاب, سيشعر القارئ بغياب التوازن النفسي عند الكاتب, فالعقيد يبدأ مقالته الاولى بشن هجوم كاسح على الحقراء! ويستمر في اوهامه و بدون مقدمات يبدو وكأنه يصحو من حالته النفسية هذه الى حالة نفسية اخرى.