هل تعاني مرضاً أو تشتكي فقرا؟ هل أثقلتك الديون وأرهقتك الهموم؟ هل قاسيت الأحزان بفراق الأهل والخلان؟ تعال معي لحظات ننظر ما أصاب أعظم وأشرف إنسان وطئت قدماه على الأرض، أحب خلق الله إليه الذي لو دعا ربه لسارت معه الجبال ذهباً، ولمشى يظلله السحاب، رقيق المشاعر مرهف الأحاسيس جياش العاطفة، رسول الهدى ذلك الرحيم الشفيق على أمته " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" عاش طفولته يتيماً فقد حضن أمه الدافئ ويد أبيه الحانية هل تخيلته؟ لو رأيته لقبلت جبينه واليدين. فلما كبر وبعث عاداه أقرب الناس إليه رموه بالكذب والأفتراء والسحر والجنون، حاصروه حتى أكل أوراق الشجر، ثم أخرجوه من أحب البقاع إليه حيث البيت الحرام، وحيث مراتع الصبا وذكريات الشباب، وجعلوا الجوائز على قتله، فقص أثره القصاصون وتتبعه الفرسان، وزحفت في طلبه الجيوش. ==1== وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ==0== ==0==على النفس من وقع الحسام المهند==2== قاتله المشركون وخذله المنافقون وخانه اليهود الغادرون. عاش لحظات حزينة شاهد فيه وفاة زوجته الأولى خديجة وأبنائه القاسم وزينب ورقية وأم كلثوم وإبراهيم رضي الله عنهم أجمعين. كان بيته حجرات لا يوقد فيها الشهر والشهرين يشتد به الجوع حتى يربط الحجر على بطنه الشريف. ==1== تموت الأسد في الغابات جوعاً ==0== ==0==ولحم الضأن تأكله الكلاب ==2== ويشتد به المرض حتى يوعك كما يوعك الرجلان. رمي حتى سالت دماء قدميه، وأصيب يوم أحد في رباعيته وجرحت شفته وشجت جبهته ودميت وجنته وكان قوله " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" مات ودرعه مرهونة بثلاثين صاعا من شعير وجد أثر السم الذي دسته له اليهودية بخيبر عند موته " ياعائشة مازلت أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع ابهري من ذلك السم " هل رأيت أحداً أصيب بمثل هذا. لا تحزن من أجل الدنيا فالأقدار مكتوبة والأرزاق مكفولة والأجال مؤجلة " إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقه مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع برزقه وأجله وشقي أو سعيد" وفي حديث ابن عباس " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف" اصبر واحتسب فأمرك كله إلى خير " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها" واعلم أن هناك مئات الملايين يتمنون ما أنت فيه، وقد قيل: ( إذا كنت لا تمتلك حذاءين فغيرك لا يمتلك قدمين). لا تحزن وأحمد الله أنك ممن وفق إلى لا إله إلا الله التي من أجلها قامت السماوت والأرض وبها صلح أمر الدنيا والآخرة، وإذا جئت بها خالصة دخلت الجنة ولو اقترفت ملء الأرض خطايا. واعلم أن المليارات من الناس لم يوفقوا لها، هل عرفت فضل الله عليك؟! وهل وعيت قول الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"؟!