لا تفسير للتهليل الأمريكي لمقتل عدي وقصي صدام حسين، إلا أنه محاولة للتغطية على أصداء (الورطة) متعددة الأوجه التي يواجهها الأمريكيون في العراق، التي لا يبدو حتى الآن أن ثمة منفذا للخروج منها. فلا هم يحتملون البقاء للسنوات الثلاث أو الأربع التي تحدثوا عنها، ولا هم يستطيعون الانسحاب وترك الجمل بما حمل. (1) أفهم أن يسر لما حدث ويتشفى بعض أهل العراق من ضحايا النظام البعثي. معتبرينه نوعا من الانتقام وتصفية الحسابات المتراكمة. وهو معذورون في ذلك، لأن ما فعله هذان الشابان بالناس فعل بهم في نهاية المطاف. على نحو لا يقل بشاعة ولا قسوة. ولكن الذي يستعصي على التفسير هو تلك الفرحة العارمة التي سرت في أوساط الإدارة الأمريكية، والتي انعكست على تغطية وسائل الإعلام حين اعتبرت ما جرى نصرا مؤزرا وفتحا جديدا في المعركة التاريخية ضد الإرهاب في الكوكب الأرضي. صحيح أن ثمة جدلا في الولاياتالمتحدة حول شرعية السلوك الأمريكي في هذه الواقعة، من الناحيتين القانونية والأخلاقية، إلا أن صوت الإعلام الصاخب والمهيمن حاصر ذلك الجدل وغيبه، في الأجل المنظور على الأقل، ونجح في تسويق الحدث باعتباره إنجازا وانتصارا. ولأن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، بعد سقوط النظام وانتهاء أمره، فإن التفسير الأقرب إلى العقل والمنطق هو أن الإدارة الأمريكية أرادت بافتعال ذلك الضجيج ان تطلق سحابة كثيفة من الدخان، تحجب عن الجميع قدر الإمكان أفق رؤية حقيقة ما يجري على الأرض العراقية، وتصرف انتباههم عن المأزق الأمريكي هناك. وهو المأزق الذي بدأت أصوات عدة في الحديث عنه، وإشاعة القلق بسببه. يتجلى المأزق في تعبيرات كثيرة، من قبيل ما كتبه جراهام فوللر نائب رئيس المخابرات المركزية السابق قائلا : (إن الحقيقة الأهم هي أن جنديا أمريكيا على الأقل يقتل (في العراق) بمعدل يومي. والاحتمال الأغلب أن صبر الشعب الأمريكي على تحمل تلك الخسارة الناتجة عن الاحتلال سيكون محدودا). (الشرق الأوسط 24/7). من ذلك أيضا ذلك التعليق الذي نشرته (هيرالد تريبيون) تحت عنوان (فليستقل رامسفيلد (وزير الدفاع) ونائبه أو يقالا بسبب الأخطاء التي ارتكبت في العراق) وفي التعليق الذي نشرته (بتاريخ 21/7) ذكر الكاتب - أتج جرينواي - أن اول حاكم أمريكي للعراق (الجنرال جاي جارنر) طرد من وظيفته عندما تبين أن فريق عمله فشل في مهامه. وهو ما يدفعنا للتساؤل عما إذا كان من الواجب محاسبة رؤسائه المدنيين في وزارة الدفاع على فشلهم الذريع في التخطيط المسبق لعراق ما بعد الحرب. من ذلك ايضا ماأشار إليه نيكولاس كريستوف في نيويورك تايمز (19/7). من أن عددا من قدامى رجال الاستخبارات الأمريكية بعثوا برسالة مفتوحة إلى الرئيس بوش يوم 13/7 حملوا فيها نائبه تشيني المسئولية عن الكذب والخداع في البيانات الخاصة بأسلحة الدمار الشامل العراقية. مما أدى إلى تسريب معلومات مغلوطة ومزورة إلى خطاب الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الامريكي (تعلقت بصفقة مزعومة لشراء اليورانيوم من النيجر) - وطالب هؤلاء بإقالة نائب الرئيس من منصبه. وليس أدل على الشعور بالمأزق من أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد طلب إرسال فريق من الباحثين لتقييم الأوضاع في العراق والخروج بتوصيات لمواجهة الموقف هناك. وقد قام بهذه المهمة فريق من كبار العاملين بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطون الذين توجهوا إلى العراق حيث زاروا تسع محافظات، والتقوا بحوالي 250 شخصية من القيادات العسكرية والمدنية. ثم عادوا بتقرير تضمن توصياتهم المطلوبة. وبعد عودتهم قام بزيارة للعراق نائب وزير الدفاع بول وولفويتز لتفقد الموقف على الطبيعة. وبعد عودته، عقد في 23/7 مؤتمرا صحفيا في واشنطون، تحدث فيه لأول مرة بما أسماه ب (الأخطاء الغبية) في الحملة العسكرية. وما قاله يستحق أن يقرأ بعناية. (2) مثير للانتباه لا ريب أن يبادر وولفويتز بالحديث عن تلك الأخطاء، وهو أحد مهندسي الحملة الرئيسيين، ولا نستبعد أن يكون الرجل فوجىء بما رآه على الطبيعة، ولم يستطع أن يخفي انطباعاته المتعلقة بأوجه القصور التي وقع عليها، خصوصا أن الكلام كثير عن مظاهر الفشل والإحباط، ولكي يحتفظ بصدقيته فكان لابد أن يعترف على الأقل ببعض ما وقع من اخطاء. أيا كانت دوافعه إلى ذلك، فالشاهد أنه ذكر خمسة (أخطاء غبية) هي : @ أن بعض الظروف التي تعامل معها الأمريكيون كانت أسوأ بكثير من التقديرات المسبقة، خاصة ما تعلق منها بالنواحي الأمنية. @ كان في الحسبان أن وحدات عسكرية عراقية سوف تنشق بأعداد ضخمة بمجرد بدء الحرب، لتنضم إلى القوات الأمريكية، لكن ذلك التقدير كان خاطئا. @ أن تقدير موقف الشرطة العراقية لم يكن صحيحا، حيث تبين أن أوضاعها تحتاج إلى إصلاح ومراجعة شاملين. @ أن قيادة القوات الامريكية قللت من شأن المقاومة العراقية، ومن ثم فإنها لم تعمل لها ما تستحقه من حساب، وكان ذلك أكثر الأخطاء سوءا. @ أن العراقيين رفعوا سقف توقعاتهم من الأمريكيين، سواء جراء الوعود التي تلقوها أو الأماني التي تعلقوا بها. لذلك فإنهم طالبوا الأمريكيين بالمستحيل في ظل أوضاعهم الراهنة. وحين لم تتحقق تطلعاتهم، فإنهم انتقلوا إلى مربع السخط وعدم الرضا. إذا قدرت موقف الرجل، ستدرك لماذا أورد ملاحظات على نحو مخفف ومختصر. ولن تفوتك ملاحظة أن المسئول حين يتحدث عن خمسة أخطاء في شأن صنع على يديه وسوقه باعتباره (إنجازا)، فلابد أن يكون العدد الحقيقي للأخطاء متجاوزا عشرة على الأقل. يستوي في ذلك مسئولو العالم الأول مع العالم الثالث. وإن كان الفرق بين العالمين أن الحجم الحقيقي للأخطاء يمكن التعرف عليه في العالم الأول، الأمر الذي يعرض المسئول للمحاسبة. أما في العالم الثالث فلا الحقيقة تعرف ولا المسئول عن الأخطاء يحاسب ! صحيح أن نائب وزير الدفاع الامريكي هو أول مسئول كبير يتحدث عن الأخطاء التي شابت غزوة العراق ويصفها بأنها غبية، إلا أنه ليس الوحيد من بين الشخصيات العامة الذي تطرق للموضوع. لأن العديد من الكتاب والسياسيين بدأوا تسليط الضوء على إخفاقات الغزوة. (3) لم تكن التقارير الكئيبة للخسائر بين صفوف قوات التحالف والمتمردين العراقيين هي التي كانت الأكثر إثارة للاضطراب بالنسبة إلى .... ولكن أداء القيادتين العسكرية والمدنية الأمريكيتين هو الذي خلف شعورا عميقا من الأسى إزاء مستقبل العراق. فنحن نفتقر حتى لأبسط الفهم للبلد وآثار حكم صدام حسين عليه. وعانينا ضعف التنسيق والاتصال أو انعدامه بالمرة، حتى بين الأمريكيين أنفسهم. باختصار لم تكن لدينا أي فكرة عن الواقع العراقي. هذه خلاصة مركزة للمشهد نشرت ضمن المقال الافتتاحي للعدد الأخير من مجلة نيوزويك (29/7)، سجلها مراسل المجلة آدم بيوري بعد عودته من العراق. ولكي يدلل على كلامه فإنه روى قصة عايش وقائعها في بلدة القيم التي أمضى فيها خمسة أسابيع. فقد شح البنزين في البلدة، وتعالت شكوى الناس لهذا السبب، الأمر الذي أزعج القادة الأمريكيين المحليين، الذين كانوا يمضون الساعات الطوال للبحث في كيفية توفير البنزين للناس وحل الإشكال. وقرروا أن يرسلوا الشاحنات لإحضاره من أماكن تبعد مئات الأميال عن البلدة. لكن صدمتهم كانت كبيرة حين علموا لاحقا أن محطات الوقود في القيم يختزن فيها عشرات الآلاف من جالونات البنزين - أما لماذا لم يفتح أصحابها محطاتهم، فلأنهم كانوا ينتظرون الأوامر من بغداد ! هذه الشهادة تؤيد ما ذكره الصحفي العراقي علي الصراف في (القدس العربي) (عدد 21/7) من أن القوات الأمريكية جاءت إلى بغداد، وهي تضع في جعبتها، بين أشياء أخرى معلومات سطحية عن العراق وشعبه، قدمها سياسيون منفيون لا تتعدى فكرتهم في السياسة عن كونها سلسلة مؤامرات وضغائن، وأعمال ثأر شخصية ضد نظام، كانوا في الغالب جزءا منه قبل أن يصيبهم ببعض الأذى. ملاحظة الصراف تقول ما قاله آدم بيوري من أن الأمريكيين ذهبوا إلى العراق دون أي فكرة عنه، ولذلك اتسمت قراءاتهم بسوء التقدير والتخبط. وإذا دققت في كلام وولفويتز نائب وزير الدفاع الذي أشرت إليه توا ستجد أنه يصب في ذات الاتجاه، ولابد أن يدهش المرء حيث يكتشف أن الأمريكيين اعتنوا جدا بالأسلحة التي سيخوضون بها المعركة، ولم يوجهوا أي عناية لفهم البلد الذي سيحتلونه. وكانت النتيجة أنهم استخدموا أسلحتهم (الذكية)، لكي يرتكبوا في النهاية سلسلة من الأخطاء الغبية. وهذا التعويل على القوة - غرور القوة إن شئت الدقة - كان ولا يزال المصدر الرئيسي للحماقات والأخطاء الجسيمة التي أدخلت العراق في نفق مظلم. حتى بدا لكثيرين أن البلد خرج من كارثة ليدخل في كارثة أخرى. (4) لم يعد سرا أن فكرة إسقاط النظام في العراق واحتلال البلد متبلورة في أذهان غلاة المحافظين المتحالفين مع العناصر الصهيونية على الأقل منذ عام 91، أي قبل سنوات من وقوع أحداث سبتمبر وظهور تنظيم القاعدة والحرب ضد الإرهاب . وهي الفكرة التي التقت عليها مصالح دعاة الإمبراطورية الأمريكية وأنصار إسرائيل. ومن ثم فالمسألة كانت جزءا من رؤية استراتيجية لا علاقة لها بإستبداد النظام البعثي ولا سجله الأسود، كما لم يعد سرا أن حكاية أسلحة الدمار الشامل وشراء النظام العراقي لليورانيوم من النيجر. والكلام عن قدرة صدام حسين على استخدام تلك الأسلحة المرعبة خلال 45 دقيقة ، ذلك كله ثبت أنه مجرد حيل وأكاذيب تثير لغطا مشهودا الآن في لندن وواشنطون. وقد حاول كاتب مثل توماس فريدمان تغطية الكذبة بكذبة أخرى، مفترضا السذاجة والبلاهة في قارئه، إذ كتب في نيويورك تايمز (عدد 17/7) يقول: أنه من الأمور المقلقة أن فريق بوش أصبح مقيدا بالدفاع عن أسبابه الزائفة للدخول في الحرب، وهي أن صدام امتلك أسلحة دمار شامل لا يمكن ردعها ويمكن أن تهددنا، أو أن لديه علاقات مع القاعدة. وذلك يبعدنا عن تحقيق السبب الحقيقي والمؤكد للحرب (وهو تأسيس حكومة رشيدة ومتسامحة وجماعية ومتعددة الأديان في العراق) (!) إذا مشينا مع الكذاب حتى باب الدار كما يقول المثل العامي - فماذا نجد؟ الثابت حتى الآن - وشهادات المعلقين هنا متواترة - أن غرور القوة جعل الولاياتالمتحدة تنشغل بكسب الحرب بأكثر من انشغالها بإقامة السلام. (دعك الآن من مسألة الديمقراطية التي سنعود إليها حالا). لذلك فإنهم ما أن استولوا على بغداد في التاسع من إبريل الماضي حتى وجدوا انفسهم في مواجهة الواقع الذي لا يعرفونه. فوقعوا في حيص بيص. عين الجنرال جارنر حاكما عاما، لكنه غرق في المستنقع وفشل، فطرد بعد أسابيع معدودة كما ذكرت الهيرالد تربيون، وجيء بحاكم آخر هو بول بريمر الذي واصل التعثر، وتحدثت التقارير الصحفية عن احتمالات تغييره حين عاد مؤخرا إلى واشنطون. ثم قيل بعد ذلك أنه أعطى صلاحيات جديدة شجعته على العودة إلى بغداد لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. من الإجراءات العشوائية - الغبية بامتياز - التي اتخذتها إدارة السيد بريمر قراره حل الجيش العراقي كله مرة واحدة، دون أي تفكير في الكيفية التي سيعتاش بها عشرات بل مئات الألوف من الضباط والجنود، وحل حزب البعث، دون الاخذ في الحسبان أنه يمثل تيارا سياسيا لا يمكن اجتثاثه بجرة قلم. ودون انتباه إلى حقيقة أن عضويته لم تكن مقصورة على الذين أجرموا بحق الشعب. ليس ذلك فحسب، وإنما تمت إقالة عشرات الألوف من موظفي الوزارات، قبل توفير البدائل البيروقراطية لإدارة أعمالهم. ومن آيات الغباء أيضا أن تلك الإدارة بعد أن ضمت إلى صفوف المعارضين والناقمين ذلك العدد الهائل من العسكريين والمدنيين فإنها سارعت إلى توزيع عقود الإعمار على الشركات الأمريكية، قبل أن ترتب توفير الغذاء والأمن للعراقيين الذين تضاعفت عذاباتهم جراء افتقادهم الاثنين، فضلا عن معاناتهم من تدهور الخدمات الضرورية لاستمرار الحياة العادية. ضاعف ذلك من سخط العراقيين، الذين يدركون جيدا أن الولاياتالمتحدة مسئولة عن الكثير من اوجه الخراب الذي أصاب بلدهم، نتيجة لسنوات الحصار القاسي الذي دفع الناس ثمنا باهظا له. وهي المشاعر التي غابت تماما عن إدراك المخطط الأمريكي، الذي تصور - لا أعرف كيف - أن العراقيين سيخرجون إلى الشوارع مستقبلين قوات الغزو بالورود والرياحين. من مفارقات المشهد ودلائل التخبط والنقص في الإدراك أن القوات الأمريكية الغازية، وجدت نفسها في ظل الفراغ الموجود تقوم بأعمال الشرطة في أحيان كثيرة. ولأنها مدربة على القتال وأرسلت لأجل ذلك، ثم كلفت بما لم يكن في الحسبان، فإنها حين بدأت المظاهرات الاحتجاجية تخرج إلى الشارع، تعاملت معها بما تدربت عليه، فأطلقت الرصاص على المتظاهرين ! يذكر للسيد بريمر لا ريب أنه شكل مجلسا انتقاليا للحكم ضم أشخاصا تم انتقاؤهم لكي يكونوا ممثلين لمختلف ألوان الطيف العرقي والمذهبي في البلاد. لكن لا ينسى أن الإدارة الأمريكية رفضت في البداية إشراك العراقيين في إدارة شؤونهم، ثم ماطلت حتى في إشراك أطراف عراقية حليفة وموالية لها، وظلت متمسكة بالانفراد بالإدارة المباشرة للاحتلال. مع الاستعانة ببعض العراقيين كمستشارين. لكنها تحت ضغط المقاومة، حاولت استرضاء العراقيين عبر تشكيل ذلك المجلس الذي راعى التمثيل المذهبي والعرقي وأسقط التمثيل السياسي. فجاء ممثلو الشيعة مثلا خليطا من رجال الدين ورجال الأعمال الليبراليين والبعثيين السابقين إلى جانب سكرتير عام الحزب الشيوعي، وجاء ممثلو السنة خليطا من ممثلي العشائر والناشطين الليبراليين والإسلاميين .. وهكذا . المجلس شكل بناء على اختيار سلطة الاحتلال ولم يكن للمجتمع دور في انتخابه، ومن ثم تعذر نسبته إلى الممارسة الديمقراطية من أي باب. الأخطر من ذلك أن صلاحيات المجلس غير محدودة، وليست هناك أية وثيقة تحدد مهمته أو علاقته بسلطة الاحتلال، حيث يفترض انه يمثل شعب البلد الخاضع للاحتلال. وهو الأمر الذي يثير القلق، ويشكك حتى إشعار آخر على الأقل - في جدية الخطوة ومقاصدها. (5) في كتاب الورطة الأمريكيةبالعراق مازلنا نتابع فصل (الكذب والخديعة) في مسوغات الحرب. وها هو نائب وزير الدفاع يفتتح حديثا آخر في فصل (الأخطاء الغبية)، ولا يزال الكتاب مفتوحا لإضافة فصول أخرى. وقد تسلينا مطالعة هذه الفصول أو ترطب جوانحنا، وفي هذا وذاك ينبغي ألا يغيب عن بالنا أمران، أولهما أن تجاوز الشعب العراقي لمحنته واستعادته حريته وكرامته هي أهم عندنا من غرق الأمريكيين في مستنقعه. الأمر الثاني أن الذين ارتكبوا تلك الحماقات والأخطاء الغبية هم أنفسهم الذين يباشرون عملية رسم الخرائط الجيدة للشرق الأوسط، وهو ما يلقي على المستقبل بظلال كثيفة غير مطمئنة. هل نلومهم، أم نلوم الذين انبطحوا أمامهم، وأفرغوا الساحة لتخبطهم وعربدتهم ؟