تسألني قارئة كريمة فيما إذا كان الزواج المبكر هو الحل للشباب؟ وتقول إن لها ابنة في المرحلة المتوسطة وتقدم لها شاب مقبول الأخلاق والوضع الاجتماعي، على أنها مترددة، يأتي من يقول لها لا تضيعي الفرصة فالشاب من النوع الذي لايفوَّت ، ومن يقول لها باستغراب واستهجان: حرام عليك أتزوجين طفلة ؟ وتتساءل ما الذي عليها أن تعمله، هل تستشير البنت، هل تقول للأب الذي لم يعلم، لأن التقدم صار عن طريق أم الشاب وأخواته؟ هل تعزف عن الموضوع كلية بدون أن تقول سيرة لأي أحد؟ وهي في حيرة وتطلب الرأي.. أود أن أشكرك يا أختي فعلا على التريث والاستشارة، فليس هناك أجدى من التريث المحسوب لأي شيء، فالتريث إن لم ينفع فهو لا يضر على الإطلاق. أما مسألة الزواج المبكر فدعيني أشرح لك شيئا قبل أن أعطيك رأيي، لعله يكون ذا فائدة لك. الزواج المبكر في وقتنا الحالي يعتمد على معدل الأعمار في المعدل العام أولا. فحيث كانت الوفاة في الماضي بين الأربعين والخمسين فيبدو أن العمر المراهق هو عمر الدخول في غمار الحياة الزوجية ، أما الآن فنحن نعمر آمنين إلى التسعين والمائة وبالتالي تبدو المراهقة مرحلة طفولية أبعد ما تكون عن النضوج ، ولا حياة مستقرة بدون نضوج عقلي ، حتى ولو اكتمل النضوج الجسدي . في الماضي كان الزواج طقسا ممارسا بالعادات ولا يطلب من الزوجين الصغيرين غير متابعة شئونهما الحياتية البسيطة في بيت الأسرة، لأن الرعاة والموجهين الحقيقيين يبقيان هما أب وأم الزوج غالبا فلا يطلب منهما الاستعداد المبكر لمواجهة الحياة لأنهما مازالا في أحضان الأسرة ، وتلعب الأم أحيانا دور الأم الحقيقي لأحفادها. فنرى أن الزواج المبكر لا يعني في السابق تحمل مسئوليات الحياة مع أنها مسئوليات بسيطة لا تقارن بأي شكل ولا مقياس بحجم المسئوليات العصرية. وحث الدين الشباب على الزواج المبكر ولكن عندما يكون مخرجا من ممارسة الفعل الخطأ بإلحاح الفراغ الكبير،أما الآن فإن الشاب والشابة من لهاث إلى لهاث ومن جري إلى سباق في مضامير التعليم والحصول على الأعمال ، فمن النادر أن تجد الفراغ الفتاك إلا عند الكسالى الذين اعتزلوا أو تباطأوا في الدراسة والأعمال. قصدت يا أختاه أنه قد تغير مفهوم الزواج المبكر مع الزمن، هذا غير أنني أنصح بشدة أن تكون الفتاة تملك خطا دفاعيا لمواجهة ظروف الحياة في الحصول علىالتعليم المناسب وحتى إن أمكن العمل المناسب، حتى لا ترمى لمصير غير معلوم متى ما جرى شيء بينها وبين زوجها، أو لا قدر الله جرى شيء للزوج نفسه. طبعا، وأؤكد على ذلك، لابد أن تخبري زوجك فهو له كل الحق بأن يعلم وأن تشاركيه الرأي في كل شيء ويجب ألا نقلل من شأن إخفاء المعلومات أيا كانت على الأزواج حتى ولو اعتقدنا أنه لا ينفع في الأساس البوح بها. فهذه الأسرار الصغيرة قد تشكل ثقوبا في جدار الثقة بينك وبين زوجك.. ومن تريد أن يحصل لها ذلك ؟ أعط البنت حقها من الحياة بأن تكتمل في ظل والديها وتربيتهما وأن تكمل دراستها وعندما يزف الوقت ستكون مؤهلة لقيادة بيت مستقل قيادة سليمة إن شاءالله. ......حكيمة