كانت للمثل آل باتشينو حياة في المسرح قبل الافلام التي عرفه العالم من خلالها مثل Dog Day Afternoon وسربيكو وسكارفيس وعطر امرأة, وطبعا العراب, ولا تزال حياة المسرح موجودة. هذا الممثل هو احد سوبر نجوم السينما من ابناء جيله الذين بدأوا في المسرح ولا يزالون يعودون اليه - ليس بالكثرة التي يتمناها, ولكن اكثر تكرارا من داستن هوفمان وميريل ستريب اللذين لهما جذور في المسرح ايضا. والحقيقة ان باتشينو فاز بجوائز طوني اكثر من جوائز الأوسكار (فاز بالأوسكار على فيلم عطر أمرأة في العام 1992). وفي الموسم الحالي وحده ظهر مرتين في مسرحيتين معادتين كبيرتين في نيويورك. وفي الخرييف ادى الدور الرئيسي كزعيم عصابات متسلط في شيكاغو في مسرحية The Resistible Rise of Arturo Ui لبيرتولت بريخت في قاعة جامعة بايس, ثم جاء باشتينو الى برودواي في قراءة لمسرحية (سالومي) العطرة والوسواسية التي استوحاها اوسكار وايلد من القصة الدينية القديمة التي يؤدي فيها الممثل دور الملك هيرودوس. وقد سبق لباتشينو ايضا ان لعب في مسرحية يوليوس قيصر الشكسبيرية في المسرح الاهلي وريتشارد الثالث في برودواي, وكذلك في امريكان بافالو لدافيد ماميت ومسرحية دافيد ريب الدرامية عن الحرب الفتينامية Hummel The Basic Training of Pauio. يقول باتشينو وهو مسترخ على أريكة في مكتبه المطل على سنترال بارك في مانهاتن: احيانا اتساءل لماذا اعود الى المسرح اعتقد انني كنت سأقوم بعمل مسرحي اكثر بكثير لولا اطفالي لأن نشأتي كانت هناك. اعتقد انني ارتاح اكثر للمسرح باتشينو يجتر كلماته بهدوء ويفكر بصوت عال بما سيفعله خلال الساعتين القادمتين على خشبة مسرح ايثل باريمور حيث تعرض مسرحية سالومي شعره الاسود الكثيف مشعث كالعادة وصوته حاد ولكنه ليس مبحوحا وليس فيه اي نبرة من نبرات صوته كرجل أرعن التي اشتهر بها في العديد من ادوراه: تصعد على السلك المشدود في الاعلى وتمشي, وقد تحتاج الى ساعتين للوصول الى الطرف الآخر, وفي بعض الليالي قد تسقط وتكسر ذراعك, الا ان الاقبال على المخاطرة في مثل هذه الاجواء يؤثر عليك نفسيا وبيوكيميائيا, انه يحفز ادرينالينك انه نوع من الادمان. في سالومي تلعب ماريسا طعمه دور الفتاة الصغيرة التي تؤدي رقصة البراقع السبع المشؤومة ويضم الطاقم دايان ويست ودافيد ستراثيون, والاخراج هو لاستيل بارسونز"الفائزة بالأوسكار لفيلم "بوني اند كلايد". وحسب بارسونز آل باتشينو هو القوة المرشدة وراء المشروع. وتقول بارسونز: انه يعشق الأدب الدرامي العظيم, وهذا ما يريد عمله في حياته, طبعا لا احد منا يستطيع ان يفعل ذلك فقط ويحافظ على موقعه في هذه المهنة, الا اننا استطعنا بفضله ان نجتذب مجموعة من الناس غير العاديين, انه منضبط تماما وملتزم بعمله, ليس هناك غرور ذاتي وحساسيات متصادمة, بل اننا ملتزمون ومكرسون كلنا, ولكن الامر يبدأ منه, وفرقتنا لا اسم لها وأود ان اسميها فرقة آل باتشينو غير انه بالطبع لا يوافق على ذلك. بالنسبة للمعتادين على الطبيعة الذكية والمهذبة لمسرحية وايلد The Importance of Being Earnest او An ldeal Husband تأتي سالومي كصدمة, فقد كتب وايلد المسرحية أصلا باللغة الفرنسية على امل اغراء الممثلة الاسطورية سارة برنارد للعب دور النجومية, وجعل الحوار بليغا, والأكشن ميلودراما والنهاية عنيفة. والحبكة؟ الملك هيرودوس المفتون بابنته المتبناة سالومي يوافق على اعطائها اي شيء تطلبه اذا رقصت له, والثمن؟ رأس يوحنا المعمدان. ويقول باتشينو انه انبهر بالمسرحية, فقد شاهد الأوبرا التي صنعها ريتشارد شتراوس ولكنه لم يكن يعرف المسرحية عندما شاهدها لأول مرة قبل سنوات في انكلترا, وفي العام 1992 انتجها كاملة في برودواي حيث لعبت شيريل لي (التي عرفناها في Twin Peaks) دور سالومي. ويقول باتشينو: كل شيء يحدث في الحياة يحدث في هذه المسرحية, واللغة تنقلها الى ابعاد اخرى. ويضيف الممثل ان سالومي الجديدة هي انتاج متكامل صنع بأسلوب القراءة, وقد وجدنا ان طريقة المقاربة هذه قربتنا اكثر من ما نعتبره فحوى المسرحية. في بعض النواحي باتشينو على خشبة المسرح يشبه باتشينو على الشاشة السينمائية, انه غير متوجس او متردد ابدا, في امريكان بافالو التي اعيد عرضها خارج برودواي يمشي باتشينو على المسرح كأنه نمر مأسور داخل قفص امام الجمهور. والآن يقول الممثل عن ذلك: شعرت في نهاية العروض التي دامت اسبوعا انني اريد ان ادخل الى غرفة معتمة واظل واقفا فيها طيلة اربعة ايام. عليك ان تضع نفسك هناك, واذا شعرت وكأنك تقدم شيئا للجمهور وتحس بالارتياح لذلك فانه يقضي على خوفك, انك تريد ايصال هذه المسرحية للجمهور, اسداء خدمة للمسرحية هو الذي يخلصك من اي خوف حقيقي من الوقوف على الخشبة. فاز آل باتشينو بأول جائزة طوني في العام 1969 في مسرحية طواها النسيان الآن اسمها Does a Tiger wear a Necktie? لدون بيترسون, وهي عن معلم مدرسة انكليزية يحاول انقاذ حياة شبان مدمنين على المخدرات, وأدى باتشينو دور احد هؤلاء المدمنين (وهو اول دور مسرحي قدمه في برودواي) هو الذي جلب جائزة طوني. وما ان حان وقت فوزه بجائزة طوني الثانية في العام 1977 لادائه دور شخصية صغيرة في عرض معاد لمسرحية The basic Training of Pauio. كان باتشينو قد اصبح نجما سينمائيا. ويقول باتشينو في ذلك الوقت كنت قد بلغت قمة عملي السينمائي واتذكر ان ذلك جذب الجمهور الى المسرح وقد سررت جدا لذلك لأنه يتسنى لهم ان يشاهدوا مسرحية عظيمة ان بافالو همل هي مسرحية رائعة وانا انتظر من يقدمها من جديد وهذا ما تحدث عنه الجميع في النهاية. ويضيف الممثل: آمل ان يكون نفس الشيء حقيقيا في سالومي قد يكون وجودي سبب مجيء الجمهور ولكن آمل انهم سيفكرون بالمسرحية ذاتها عندما يأتون.