في كل يوم يزداد المجتمع العالمي قناعة بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية إيريل شارون لا يعادي أكثر من السلام.. بل انه يحاول في كل مناسبة تكدير الخواطر وتسميم الأجواء فقط لكي لا يدع مجالاً للسلام لأن يتنفس. رغم الهدايا الجمة التي حصل عليها شارون من الرئيس الأمريكي جورج بوش، بما ذلك وصف هذا الذي تتخضب يداه بدماء الأبرياء بأنه رجل سلام، ورغم أن خارطة الطريق أعطت الكثير إلى إسرائيل ورغم أن الولاياتالمتحدة تساعد علناً في إنجاح مخططات شارون لعزل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، إلا أن شارون لا يزال يتبجح ويستمر في غروره ووقاحته بأن يفرض على وزراء بلدان العالم شروطاً لا يمكن وصفها سوى أنها مهينة لكل بلدان العالم وزعمائها الأحرار. يمكن ان نفهم أن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول يدعم شارون ويحجم من الالتقاء بعرفات لأن اللوبي الصهيوني يمسك بتلابيب الولاياتالمتحدة ويتحكم في كافة سياساتها ويفرض أتاوات سياسية على مسئوليها. ولكن المخيف هو أن شارون يصدر فرمانات إلى سياسيي العالم ويطلب منهم التقيد بتعليماته بعدم الالتقاء بعرفات. ويشن شارون حملة عداء ضد المسئولين الأوروبيين الذين لا يتقيدون بتعليماته. وكأن مسئولي بلدان العالم تلاميذ ينتظرون شارون لكي يقول لهم ما يفعلونه. والمشكلة أن بلداناً استجابت لسلوكيات شارون الشاذة والمهينة.. وإذا ما استمر المجتمع الدولي في تقديم التنازلات لمتطرفين أمثال شارون فإن العالم سوف يدخل مرحلة أكثر ظلماً وظلاماً. في النهاية فإن شارون، كما عادة السياسيين الإسرائيليين لن يشبعوا من ابتزاز العالم وتدمير العدل أنقى القيم الإنسانية. ويكفي أن شعوب الأرض، وليس فقط العرب، قد تكبدت معاناة طويلة بسبب التعنت الإسرائيلي وبسبب الإيمانات الصهيونية الزائفة. وإذا ما سار العالم خلف شارون فإن المشكلة في فلسطين سوف تتفاقم، خاصة أن الرجل مستعد لأن يدخل العالم في أتون الحروب والكره والنزاعات. ويمكن طرح سؤال بسيط.. هو لماذا تم حل كثير من النزاعات التاريخية في العالم وبقيت قضية فلسطين مشتعلة واستمر الفلسطينيون ينزفون الدم في أطول عدوان شهده التاريخ. ولماذا يستمر هدر الدم الفلسطيني بهذه المجانية وبهذا البرود؟.. السبب واضح هو أن المجتمع الدولي يخشى الضغط على إسرائيل ويطلب منها على استحياء أن تجنح للسلام. ولكن ثبت أن إسرائيل بتكوينها وبسلوكياتها اليومية كيان ضد السلام والعدل وبناء العلاقات البناءة بين الشعوب. ولهذا السبب فإن دعوة شارون لعزل عرفات ليس سوى الدخول في معركة كسر العظم. والاستجابة للأماني الإسرائيلية إنما تمثل قناعة بالعدوانية الإسرائيلية وقبولا بأعمال الابتزاز.