الخلق كلهم مفتقرون الى الله ومحتاجون اليه سبحانه وهو الغني الحميد بل ان الكون كله بما فيه من كائنات صامتة وناطقة كلها مفتقرة لله وخاضعة له سبحانه. غير ان الانسان في كثير من الاحيان يعلن تمرده على ارادة الله (يا أيها الانسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك). يا ايها الانسان اجل نظرك في كتاب الله لترى كيف ان انبياءه ورسله الكرام يظهرون فاقتهم وحاجتهم والتجاءهم الى الله، يونس عليه السلام كان وحيدا في بطن الحوت قائلا(لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين). فماذا كانت النتيجة بعد ذلك قال تعالى: (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين). ومع نبي كريم آخر يعقوب عليه السلام فقد ابنه يوسف سنين عددا وابيضت عيناه من الحزن عليه فشكا حزنه وبثه الى خالقه ومولاه فهو سبحانه القادر على جمع الشتيتين فقال عليه السلام كما قال سبحانه: (إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) والنتيجة ان جمع الله بين الوالد وولده (إني لاجد ريح يوسف لولا ان تفندون) ثقة بالله العلي العظيم ثقة قوية! وايوب عليه السلام ابتلاه الله بمرض هجره الناس بسببه ولما اشتد عليه المرض دعا ربه وتضرع اليه والتجأ لخالقه سبحانه يقول جل وعلا: (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين). فرحم الله حاله فشفاه مما به وأسبغ عليه نعمه قال تعالى (وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى للعابدين) وصور التضرع والالتجاء الى الله عند انبياء الله ورسله كثيرة ومؤثرة وكذا الحال عند السلف الصالح من هذه الامة. فالتضرع الى الله واظهار الفاقة له ودعاؤه سبحانه في كل حين لاسيما في وقت الازمات وفي مواسم الخيرات يجعل القلب دائم الصلة بالله متعلقا بحبله سبحانه كما ان التضرع سبب للنجاة وتفريج الكربات ومحو الذنوب والسيئات وستر العيوب ورفع الكروب قال تعالى (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون، فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون).