يعلَم المؤمن يقينًا أن الدعاء عبادةٌ , و لا تُصرَف إلا لله وحدَه , فهو الذي يملِك الضّر و النفْع , قال تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ) 186, البقرة . فالله قريبٌ من عباده المؤمنِين , و أوليائِه الصالحِين, يسمَع دعاءَهم و لكن إجابة الدعاء قد تتَحقَّق أو تتأخَّر, أو لا تتحقق لأسبابٍ و حكَمٍ لا يعلَمها إلا الله جلَّ جلاله و إن المسلم المتأمِّل في القَصَص القرآنيّ عامة , يرى أن الله قد ابتلى أنبياءَه , فصبرُوا و أخلُصوا في الدعاء , فاستجاب لدعائهم , فقد نجَّى الله نوحًا عليه السلام من ظلْم قومه , قال تعالى: (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) 76, الأنبياء . و استجاب الله دعاء نبيه أيوب عليه السلام , فكشَف عنه الضّر, قال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) 83 , 84 الأنبياء , و استجاب الله تعالى دعاء نبيه يونُس عليه السلام , فنجَّاه الله من بطن الحُوت في ظلْمة الليل , و البحر , قال تعالى : ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) 87 , 88 الأنبياء . و للدعاء آدابٌ كالإخلاص لله , و أن يحمَد الداعي ربه , ثم يصلِّي على النبي صلى الله عليه و سلم , و يجزِم في الدعاء و يتوكَّل على الله تعالى و لا يتواكل , فيقول دعَوت و لم يُستجبْ لي , و يحرِص على الدعاء في الرَّخاء و الشِّدة , و ألَّا يشتمِل الدعاء علي شيءٍ من التوسّلات الشرْكية أو البِدْعية , أو تمنِّي الموت, أو الدعاء بالعُقوبة, أو بما هو مستحيلٌ أو ممتنِعٌ عقلًا أو شرْعًا , و لا يدعو على الأهل والمال والنفْس ,أو قطيعة الرَّحِم , أو تحجِير الدعاء , فيقول: اللهُمَّ اشفنِي وَحدِي, أو ارزقني وَحدي , وألَّا يدعو بالإثم , أو انتشار المعاصي , و يحرِص في الدعاء على التقدِيس و التسبيح و التعظيم والثناء, وكثرَة الاستغفار و فعْل الطاعات, و الابتعاد عن الخَطايا, و يَتخَّير الأماكن أو الأوضاع أو الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء كوقت السَّحَر, و بعْد الصلوات المكتوبات ,و بين الأذان والإقامة , و عند النداء للصلوات المكتوبة, أو الدعاء عند نزُول الغَيث , أو ساعةٍ من يوم الجمُعة, و عند السّجود في الصلاة, أو التأمين في الصلاة,أو الدعاء بعد رمْي الجمْرة الصّغرى أو الوُسطى ,أو الدعاء داخل الكعبة أو الدعاء في الطَّواف أو علي الصَّفا أو على المَرْوة , أو بين الصفا والمروة , أو الدعاء في العشْر الأُوَل من ذِي الحجَّة . أ/ عبد العزيز السلامة/أوثال