حالة فريدة و نادرة من نوعها شهدتها مدينة أسيوط في صعيد مصر حيث أنها لم تحدث من قبل حتى في أفلام الخيال العلمي.. الحالة النادرة عبارة عن مولد طفلة برأسين منفصلين وتتحرك كل رأس بكل حرية ونشاط حتى أن الأطباء في مصر حاروا في تصنيفها.. هل هي توأم ملتصق أم طفلة ذات رأسين حيث توجد جميع الأعضاء والأجهزة الداخلية لأنسان واحد ولكن هناك رأسان وقلبان وعمودان فقريان.. وأسمان هما هدى و منال!! ترجع بداية أحداث القصة المثيرة عندما ذهبت سلوى إبراهيم عبد الغني البالغة من العمر 29 عاماً برفقة زوجها عبد الناصر محمد محمود حسن ذو السبعة والثلاثين عاماً الى عيادة الدكتور وحيد محمد حسن أخصائي أمراض النساء والتوليد للاطمئنان على الحمل الثالث لهما بعد أن أنجب الزوجان طفلة رائعة الجمال أسمها أسماء تبلغ من العمر 5 سنوات وطفل لم يصل الى الثالثة من العمر.. و كان الحمل طبيعياً والولادة أيضاً كانت طبيعية جداً.. لاحظ الطبيب الشاب علامات غريبة مثل انتفاخ البطن أكثر من اللازم فهو طبيب الأسرة والمشرف على حمل وولادة الطفلين السابقين.. قام الطبيب الشاب بعمل أشعة للجنين للاطمئنان على حالته إلا أن مفاجأة صاعقة كانت تنتظره.. كشفت أجهزة الأشعة عن حالة لم تشهدها البشرية من قبل فقد وضح من الأشعة وجود رأسين لجسم واحد! أضطر الطبيب الى مصارحة الأم والأب بحقيقة الوضع لاتخاذ القرار المناسب لهما.. غاص الزوجان في بحور من الحيرة فلم يستطيعا تخيل وضع الجنين ووضع آمالهما على كذب الأشعة وبعد أن تم التأكد من صحة الأشعة كانت الأم في شهرها السادس.. وهنا خطرت فكرة تفريغ الحمل. ويقول الزوج عبد الناصر محمد عن فكرة تفريغ الحمل لقد ذهبت إلى دار الإفتاء لأخذ رأي الدين في أجراء عملية التفريغ ولكن رجال الإفتاء اشترطوا وجود خطورة على صحة الأم لأجراء عملية التفريغ وطلبوا رأي أطباء متخصصين لتحديد هذه الخطورة من عدمها وعندما جاءت الإجابة بالنفي قرر رجال لجنة الإفتاء حرمة أجراء عملية التفريغ لأنها قتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق وأضطر الزوجان إلى التسليم بالأمر الواقع وأن تعلق أملها في حدوث انفصال للتوأم سواء قبل ولادته أو بعدها. ووقفت أسرتا الزوجين معهما من أقارب فالزوجة نجلة بنت عمة الزوج ولم يمض على زواجها أكثر من 8 سنوات ومرت الأيام ثقيلة على الزوجين فرغم معرفتهما بحالة الجنين إلا أنهما آمنا بالمثل الشعبي القائل وقوع البلاء و لا انتظاره. وعندما أشارت عقارب الساعة الى العاشرة من مساء الخميس 12 يونيو كان موعد دخول الزوجة الى غرفة العمليات فقد تمت في ذلك اليوم الشهر التاسع في الحمل تم إعداد الغرفة لأجراء عملية ولادة قيصرية وبالفعل صدقت الأشعة وكذبت آمال الزوجين وجاءت الطفلتان ذات الجسد المشترك أو الطفلة ذات الرأسين وجاءت المولودة للدنيا بصحة جيدة وحركة ونشاط تأمين. قام الطبيب بأجراء أشعة وفحوصات سريعة على المولودة وتبين أن هناك جسدا واحدا ولكن يوجد عمودان فقريان وقلبان بالإضافة إلى الرأسين.. نقل الطبيب المولودة إلى غرفة الرعاية بمستشفى الأيمان العام بحي الأربعين بمدينة أسيوط وقبل أن تبزغ شمس اليوم الثاني قررت إدارة المستشفى إرسال الطفلة الى مستشفى أبوالريش الجامعي للأطفال في سيارة إسعاف مجهزة برفقة طبيب خاص. وفي مستشفى أبو الريش الجامعي بالقاهرة ترقد الطفلة داخل قسم جراحة الأطفال حديثي الولادة لأجراء مزيد من الفحوصات والأشعة لتحديد موقفها الصحي ومدى استجابة الأعضاء والجسم الى المخ في كلتا الرأسين. ويقول د . ناصر عبد العال رئيس الوحدة أن الطفلتين التوأم هدى ومنال من أندر حالات التوائم التصاقا فرغم أن معهد أبو الريش أستقبل 6 حالات التصاقا على مدى تاريخه إلا أنه لم يشهد حالة بمثل هذا الالتصاق ولم تسجل حتى الآن حالة على مستوى العالم في مثل هذه الدرجة من الالتصاق. ويضيف د . ناصر لقد توفيت ثلاث حالات من الستة وكتبت الحياة للحالات الأخرى وتجري حالياً عملية فصل للتوأم الملتصق من الرأس بعد سفرهما الى الولاياتالمتحدةالأمريكية ويخضع توأم مشترك في الحوض والأمعاء والكبد والشرج للمتابعة منذ سنة في الوحدة وهنا التوأم الأخير يمكن إجراء عملية فصل بعد أقل من ستة شهور حيث سيتم توسيع الجلد وترقيعه بعد عمل بالونات أسفله. أما التوأم هدى ومنال فقد تم إجراء أبحاث وأشعة لمعرفة تشريح الجسم داخلياً لوضع خطة علاجية لهما وتم تكوين فريق من أطباء الجراحة والمسالك والعظام والتجميل لكتابة تقارير عن الحالة وإمكانية تحديد فصلها. ويفسر د. وحيد محمد حسن حدوث ظاهرة التوائم الملتصقة بعدم حدوث انفصال كامل للبويضة بعد تلقيحها مما يؤدي الى تكوين جنينين ملتصقين حيث كان من المفترض أن يتم انفصال البويضة تماماً لتعطي توأما متماثلا ولا توجد أسباب محددة لعدم حدوث الانفصال التام للبويضة المنشطرة ولكن توجد قائمة من المشبوهات مثل تناول أدوية أو عقاقير ذات تأثير جانبي أو التعرض لأشعة ضارة أو حدوث التهابات داخل الرحم مما يؤدي الى عدم انشطار البويضة أو استخدام منشطات أو حدوث تلوث ما في الرحم. ويؤكد د. وحيد محمد حسن أن هناك 51 حالة مسجلة للتوائم الملتصقة وتم فصل 49 حالة منها وهي حالات مشتركة في أعضاء وأجهزة غير حساسة أما التوأم هدى ومنال فيصعب فصلهما فهما مشتركان في معظم الأجهزة وأغلبها حساس وبقاء كل واحدة منهما مرتبط بالآخر.. وأخيراً تقول د . إيمان العمري أخصائي الأطفال أن نسبة بقاء الطفلتين هدى ومنال في الحياة تعادل نسبة الأطفال العاديين خاصة بعد تحديد ولاء وانسجام أجهزة الجسم الى الجهازين العصبيين في كل مخ والمرحلة الحالية هي أخطر مراحل عمرهما ولو عبرتها سوف لا يكون هناك أية مشاكل.. بشرط توفير الرعاية الكاملة لهما فلا يوجد قصور في وظائف الأجهزة الداخلية ولكن المشكلة الوحيدة هي مدى انسجام عمل هذه الأجهزة مع الجهازين العصبيين وهو ما سوف تكشف عنه الأيام القادمة من خلال الفحوصات والأشعة. التقت اليوم بوالد ووالدة الطفلتين التوائم هدى ومنال فقالت الأم سلوى إبراهيم أمر حالياً بأسوأ أيام حياتي فمنذ أن عرفت بحالة التوأم وأنا أعيش في حالة من القلق والضيق وفقدت شهيتي للطعام ولكن ماذا كان بأستطاعي أن أفعل ؟ ! فقد قررنا أنا وزوجي عدم إجراء عملية تفريغ للتوأم مخافة من الله ووضعنا الأمر في يدي الله وسلمنا له وهو قادر على كل شئ. أما الأب عبد الناصر محمد محمود 37 سنة الحاصل على ليسانس الحقوق من جامعة أسيوط فقال أعيش في حزن داخل منزلي بمدينة أبنوب بأسيوط فهذا التوأم يحتاج الى رعاية خاصة و تكاليف مالية وأنا رغم دخولي نقابة المحامين إلا أنني لا أعمل و لكن الأمل في الله كبير في حل مشكلة التوأم حتى يعيشا بصورة طبيعية.