من الغريب والمحزن في نفس الوقت ان نجد هنا في المملكة اعدادا بالعشرات من الاطباء والطبيبات السعوديين والسعوديات (عاطلين) يبحثون عن العمل هنا وهناك.. هذه حقيقة لم آت بها من عندي بل ذكرها الاستاذ عبدالعزيز بن سليمان العسكر في مقالة له بإحدى الصحف المحلية. واضاف : انه في محافظة جدة وحدها اربعون طبيبا وطبيبة يبحثون عن وظائف، وبالطبع كان هذا منذ عام واحد.. واتمنى ان يقضى على هذه المشكلة قبل ان تصبح ظاهرة!! وما يجعل الامر مدهشا هو اننا نعرف ان المملكة تعد من الدول التي تهتم بالقطاعات الصحية أيما اهتمام، فميزانية وزارة الصحة تضاعفت 3 مرات خلال الفترة من عام 1400/1422ه ، اي من 5.66 بليون ريال الى 13.05 بليون ريال عام 1421/1422ه، والمملكة بها 320 مستشفى حكوميا وخاصا، منها 189 لوزارة الصحة وبها الآلاف من مراكز الرعاية الصحية، ويقدر عدد الاطباء في القطاعين الحكومي والخاص بأكثر من 31 ألفا ، منهم حوالي 6 آلاف طبيب وطبيبة سعوديين. هنا قد نضع اللوم على وزارة الصحة ووزارة الخدمة المدنية في عدم توظيف هؤلاء الاطباء.. لكن اذا علمنا ان أطباءنا (الأفاضل) لا يرغبون في التعيين خارج مدنهم، وان هناك وظائف شتى في مدن وقرى المملكة لهؤلاء فهل يبقى اللوم على الوزارتين؟!.. انه امر في غاية التناقض. وبصرف النظر عن هذا وذاك.. هل يعقل ان يكون لدينا بطالة فيما يتعلق بالمهن النادرة عالميا كالاطباء؟!.. ألا يكفي بطالة الخريجات الجامعيات في مختلف التخصصات؟! هل يعقل ان يكون لدينا (بطالة أطباء) بينما اي مستشرف للمستقبل يعي ان هذه المهن لن نكتفي منها الا بعد خمسين عاما.. هذا اذا سارت الرياح كما تشتهي السفن، وهل يعقل ان لدينا في المملكة (بطالة أطباء) ونحن نعاني امراضا خطيرة مثل الفشل الكلوي الذي - أرجو من الله ان يشفي مرضاه - كاد ينتشر حيث هناك 21600 حالة سنويا في بلادنا ، وأتساءل هنا : بما ان وزارة الصحة تدعو الى دعم وتدعيم برنامج التبرع بالاعضاء في المملكة، وبما ان المملكة تعتبر رائدة في مجال زراعة الاعضاء من المتوفين دماغيا، لماذا لا يدرج هؤلاء الاطباء (العاطلون) ويفرغون للتوعية المركزة على منافع التبرع بالاعضاء بعد الوفاة حيث انهم متخصصون وهم اقدر على استجلاب مشاعر الناس والتأثير عليهم، او يفرغون لنشر الوقاية من مرض الايدز الذي سجلت له في المملكة حوالي 1285 حالة منها 350 اصابة خلال العام الماضي او يفرغون لكشف اضرار تناول اطفالنا المشروبات الغازية، فنحن في المملكة نشرب من المشروبات الغازية حوالي 500 طن من المشروبات الغازية المستوردة و107 مليارات عبوة مصنعة محليا ، وهذا يتسبب في تعريض الاجيال القادمة بأكملها خاصة الفتيات الى خطر ترقق وهشاشة العظام. هناك امور يجب ان يقوم بها المواطن من واقع المواطنة.. ففي بعض الدول هناك اطباء يسمون (الاطباء الحفاة) ، وهم يسيرون على الاقدام حول القرى النائية في بلادهم من اجل علاج من لا يستطيع الذهاب الى المدن مجانا، بينما أطباؤنا عاطلون بسبب انهم لا يريدون مفارقة مدنهم.. ياله من زمن!!