على عكس ما توقعه الكثيرون فان وحدة الصف الإسلامي في العراق كان الثمرة الأكثر نضجا بعد سقوط نظام صدام في العراق وهو ما يعزز تصورات الكثيرين من المراقبين من ان يكون دورها بارزا في مستقبل العراق مع توقعات بان الحركات الإسلامية ستكون إحدى اهم وسائل تعزيز الديمقراطية في العراق . فمنذ عدة أسابيع اتسع نشاط الحركات الإسلامية في العراق بشكل كبير بعد سنوات من الخوف والبطش به وإقصائه عن الساحة العراقية سياسيا واجتماعيا وفسح المجال للحزب الواحد ليقود الساحة مما أدى الى النتائج التي وقعت في العراق وانهيار النظام بسرعة مذهلة . في بغداد تستقر مقرات اكثر من عشرة أحزاب وحركات إسلامية سواء عربية او كردية او تركمانية مما يؤكد ان التسامح الديني الإسلامي كان ركيزة وضمانة للوحدة الوطنية حيث اجتمع الجميع تحت خيمة الإسلام ومارسوا أدوارا مهمة في تحجيم ما يخالف المبادئ الإسلامية والحفاظ على الأمن والنظام الاجتماعي . أكد الشيخ حارث الحيالي إمام وخطيب جامع بمنطقة الغزالية بكرخ بغداد ل (اليوم) ان العراقيين يتفقون على ان الحركات الإسلامية تمكنت حتى الآن من التوافق فيما بينها. ولعبت الحركات الإسلامية والمؤسسات الدينيةمثل الحوزة الدينيةفي النجف و(حزب الدعوة الإسلامية ) والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية و (الحزب الإسلامي العراقي ) اقدم الأحزاب حيث تأسس عام 1960 والحركة الوطنية الديمقراطية الموحدة ذات الاتجاه الإسلامي ، والتجمع الجمهوري العراقي دورا بارزا في تعبئة الجماهير على أساس وحدة الصف الإسلامي الى جانب الحركات الإسلامية الاخرى وتمكنت هذه الحركات من جمع الملايين حولها حتى الآن وهي تمارس دورا كبيرا في المطالبة برحيل القوات الأمريكية من العراق بعد انتهاء مهامها عبر تظاهرات سلمية تنطلق في بغداد بشكل يكاد يكون يوميا . ويؤكد المحلل السياسي الدكتور محمد جواد ان النفوذ الإسلامي الواسع في العراق سيكون له تأثيره على مستقبل العراق السياسي الذي تتوخى أمريكا ان يقوده نظام علماني موال لها.. حيث سيكون للعلماء المسلمين دور كبير في توحيد صفوف الحركات الإسلامية على الرغم من تنوعها وهو ضمانة على انها نجحت في رفد المجتمع العراقي بصورة جديدة للتضامن الاسلامي سيساعد مستقبلا في النجاح في حركة بناء وإعادة إعمار العراق والمحافظة على هويته العربية الإسلامية وهو ما سيساعده على البقاء ضمن محيطه الإقليمي العربي والإسلامي وعدم الانقياد نحو العولمة التي يمكن ان تعصف بالمجتمع. وفي بغداد اصدر رجل الدين البارز الدكتور احمد الكبيسي جريدة ناطقة باسم الفكر الإسلامي في العراق اسماها (الساعة) لقيت ترحيبا كبيرا في العراق . وباعتراف مراقبين عديدين فان الحركات الإسلامية تنال اكبر الاهتمام من القاعدة الشعبية العراقية وتكاد تكون المساجد والجوامع منابر لها في معظم مدن العراق وهو الأمر الذي تفتقده الحركات السياسية الاخرى ، ويرى كثيرون في العراق ان التوجه الإسلامي بشكله الجديد الذي عبرعن التلاحم الوطني سيكون له الأثر الكبير في أية انتخابات برلمانية قادمة او حكومة انتقالية فالقاعدة الشعبية العريضة لتلك الأحزاب الإسلامية ستمنحها الفرصة الأكبر للنجاح والتوسع في عملها خاصة بعد ان تمكنت من ضبط الوضع الاجتماعي في العراق بشكل كبير خلال أيام الحرب وما تلاها ، فقد تمكنت من إعادة الكثير مما سرق خلال الفوضى التي عمت في بغداد نتيجة قصف ودخول القوات الأمريكية إليها ، وإنشاء مستشفيات لمعالجة المرضى وتوزيع الغذاء والأدوية على الأسر المحتاجة ، وقد ساعد من اهتمام الناس بالحركات والأحزاب الإسلامية عدم رغبتها او طرحها طموحات لتولي مناصب حكومية كبقية الحركات السياسية ورفضها المستمر لوجود القوات الأمريكية في العراق ومطالبتها بالرحيل في أسرع وقت ممكن مع انها لا تخالف الرأي العام الذي يرى ان هذه القوات نجحت فعلا في القضاء على نظام صدام بعد سنوات حكم الطويلة وان مهمتها انتهت وعليها الرحيل.