إياد السامرائي عضو هيئة العمل الوطني العراقي كان يقيم في عاصمة الضباب (لندن) منذ ما يزيد على عشرين عاما بين مرارة الغربة وضياع الوطن في سلطة لا تعرف كيف تحافظ على أبنائها. السامرائي الذي نشط في العراق بين 70/1980م اثناء وجوده داخل الوسط الطلابي حتى خرج من العراق قبل القبض عليه من قبل نظام البعث السابق.. عبر كثير من البوابات العربية حتى وصل إلى العاصمة البريطانية التي جعلته يتحمس للعمل والنضال أكثر فقام بالانخراط في العمل الوطني ضمن المعارضة العراقية في الخارج. رغم إنه أسلامي الأنتماء منذ عام 1962م إلا انه ساهم في انشاء هيئة العمل الوطني العراقي .. كاطار وطني عراقي مستقل يضم التجمع القومي الديمقراطي واليسار الديمقراطي العراقي. وقد أكد السامرائي، في حوارنا معه، على ضرورة إستقلال العراق فكرا وسيادة على جميع الموارد الأقتصادية وإدارة البلاد بروح عراقية الصميم والمنبع.. وأكد على ضرورة مساندة العراق في كسب أستقلاله ونيل حريته من قبل جميع الدول المجاورة وكذلك الأممالمتحدة. وشدد على انه يجب ان تتجنب الحكومة العراقية جميع أخطاء النظام السابق مع دول الجوار. ولد الأستاذ أياد السامرائي في بغداد عام 1946. وتخرج من جامعة بغداد كلية الهندسة عام 1970، وعمل مهندساً في مؤسسات الدولة المدنية الى حين مغادرته العراق عام 1980. عمل منذ عام 19662 ضمن قطاعات الشباب والطلاب. أدى دوراً مهماً خلال سنوات 7080 في مواجهة الفكر البعثي العلماني، وتثبيت القيم الأسلامية في المجتمع، وأستمرارية الدعوة الأسلامية في مواجهة جهود حزب البعث الاستئصالية للأسلام ودعاته. ساهم في تكوين هيئة العمل الوطني العراقي مع التجمع القومي الديمقراطي واليسار الديمقراطي وقد نجح في هذا التحالف منذ عام 1998م. @ اليوم: كيف تنظرون لمستقبل العراق بعد سقوط نظام صدام؟ اياد السامرائي: يواجه العراق مستقبلاً غامضاً من الصعب جداً التكهن به، والذي سيحدد المستقبل هو نتائج صراع الأرادات، إرادة العراقيين في مواجهة إرادة الأمريكان. إرادة دول الجوار وموقفها مما يجري في العراق وقدرة العراقيين على بناء جبهة وطنية عريضة تتبنى مشروعاً وطنياً يجتمع عليه الشعب، وتحشيد تأييد العالم حولها. والمهمة كبيرة ورغم ضخامتها فنحن متفائلون بالقدرة على تحقيق النجاح في مهمة تحرير العراق، وإعادة بنائه. المعارضة والدور الحائر @ أين تقف قوى المعارضة العراقية من الوضع الداخلي في العراق؟ قوى المعارضة تيارات مختلفة بعضها أختار أن يقف متعاوناً مع الأمريكان، باعتبار ذلك الطريق الوحيد لأحداث التغيير، وهؤلاء الآن قد انقسموا إلى صفين الأول هو جزء من المشروع الأمريكي في التغيير، الذي تريد أمريكا فرضه على المنطقة، والذي يستهدف إقامة أنظمة حليفة تتبع النموذج الأمريكي للديمقراطية، والذي يقوم على هيمنة رأس المال والتناغم مع السياسات الأمريكية، وأعتبر أمريكا زعيمة وشرطي العالم. وتيار آخر يعتبر أن التعاون مع أمريكا هو بهدف تغيير النظام ثم الانتقال لبناء نموذج عراقي وطني مستقل تسوده التعددية والحرية والعدالة، وقد أعلن أكثر من طرف عراقي عن موقفه هذا، وستظهر الأيام هذا الأمر بشكل أكثر وضوحاً. وكان هناك تيار آخر رفض التعاون مع أمريكا باعتبار أن ما ستأتي به أمريكا لن يقل سوءا عما كان عليه النظام العراقي في النتائج السياسية التي ستترتب على وجودهم. القوى العراقية اليوم منصرفة لإعادة بناء نفسها داخل مجتمعاتها مستفيدة من الحرية المتاحة الآن والتحالفات مؤجلة إلى حين إكمال عملية البناء والتي قد تستغرق بضعة أشهر، وستشهد الساحة السياسية بعدها تطورات كبيرة في كيفية تعيير تلك القوى عن نفسها وفي التحالفات التي ستقام. العشائر والنموذج الديمقراطي @ كيف تنظرون إلى الوضع العشائري والقبلي الذي يسيطر على الوضع في بعض المحافظاتالعراقية جنوباً وشمالاً؟ نحن ابتداء لا ننظر نظرة سلبية إلى العشيرة، باعتبارها وحدة اجتماعية يمكن أن تؤدي دوراً إيجابياً، بل إلى بعض الأعراف المخالفة للإسلام التي نجدها أحياناً ضمن أعراف القبيلة، ولكن من ناحية أخرى فأن زيادة الوعي الإسلامي والوطني وارتفاع مستوى الثقافة، جعل كثيراً من تلك الأعراف تتراجع ويقف اليوم على رأس العديد من عشائر العراق رجال متعلمون. لقد تحركت العشائر لسد الفراغ السياسي الذي حصل نتيجة سقوط الدولة، وتحرك العشائر تم في كثير من الأحيان بشكل إيجابي وخاصة في المدن الصغيرة، بينما كان ذلك صعباً في المدن الكبيرة وخاصة بغداد. وعندنا أمثلة كثيرة للدور الكبير الذي مارسته العشائر في حفظ الأمن وأختيار من يتولون إدارة المرافق الأساسية. لا ينبغي أن تسود العصبية القبلية، ولا ينبغي تحطيم الترابط العشائري، بل تهذيبه وجعله في خدمة المجتمع. لنا أسلوبنا في تنسيق الداخل @ هل هناك أي نوع من التنسيق مع قوى وطنية داخل العراق؟ كما ذكرت سابقاً هناك تركيز على إعادة البناء للقوى داخل العراق، وهي تأخذ الجهد الأكبر، ولكن هناك في الوقت نفسه جهود على مستوى التنسيق والتعاون مع القوى الأخرى، سواء ممن كان بيننا وبينها تعاون وتنسيق سابق او قوى جديدة داخل العراق ظهرت بشكل بارز الآن. تعاون العلماء الشيعة والسنّة في بغداد لحفظ الأمن، ومنع الأثارات الطائفية، وتحديد الشعارات والمنطلقات الوطنية، كانت إحدى الخطوات الكبيرة التي تحققت على هذا الطريق وكان أخواننا في صلب تلك العملية. السياسة الداخلية هي أهتمامنا @ هل تعتقدون بأن يعود العراق إلى وحدة الصف العربي قريباً؟ أعتقد أن الأمر سيأخذ بعض الوقت، والأمر يرتبط إلى حدٍ بعيد بالسياسة الأمريكية تجاه العراق، ونتائج الصراع بين الإرادة الوطنية وارادة المحتلين، وقدرة الإرادة الوطنية على جعل المحتل يعترف بضرورة سرعة تسليمه شئون البلاد لإدارة وطنية منتخبة. ما ظهر من الخطة الأمريكية إلى الآن يحمل مؤشرات خطيرة، وسيزداد الصراع بين التيار الوطني بكل اتجاهاته وبين الإدارة الأمريكية في العراق، والعناصر العراقية التي ستعمل معهم. الدستور يجب أن يكون عراقيا @ ما هي الصيغة التي تجدونها مناسبة للوضع الديمقراطي في العراق؟ 1 يجب أولاً أن لا يتدخل الأمريكان في حق العراقيين في انتخاب ممثليهم المحليين، ويجب الاعتراف بالمجالس الشعبية التي تكونت، وإفساح المجال أمام تلك المجالس، لكي تفرز مجالس أعلى على مستوى المدن والمحافظات. 2 إعطاء تلك المجالس الحق في اختيار الحكومة المؤقتة ، ولا ينبغي تدخل الأمريكان في هذا الاختيار وأن لا تعرض على العراقيين حكومة لم يختاروها. 3 تعمل تلك المجالس الشعبية والحكومة المنتخبة من قبلهم على تكليف هيئات متخصصة، لوضع التشريعات اللازمة لقيام مجلس تأسيسي، يمهد بعودة الحياة الدستورية الديمقراطية للبلد. 4 يجب أن يكون هناك وضع دستوري يقوم على أساس احترام حقوق المواطن والقوميات والمذاهب والأديان، وحقها في التعبير عن خصوصياتها، ويحفظ القانون والدستور تلك الحقوق والخصوصيات، كما يحمي حرية إنشاء الأحزاب وتداولها على السلطة. نرى أهمية قيام مرجعية إسلامية مشتركة بين المذاهب الإسلامية تكون حكماً في التشريعات القادمة. وندعو العلماء ورجال الفكر الإسلامي في العراق إلى المسارعة لإقامة هذه المرجعية، على أن تكون مستقلة تمام الاستقلال عن سلطة الدولة، وتعمل هذه المرجعية الدينية على تشكيل ومساندة هيئات قانونية مستقلة، تقوم بأعداد التشريعات القادمة للعراق. أن أخشى ما نخشاه هو أن تستغل قوات الاحتلال والإدارة العسكرية وضعها المتمكن الحالي لفرض تشريعات تأتي على غير ما يطلبه العراقيون ويسعون إليه، وبالتالي تصوغ مستقبل العراق وهويته وانتماءه بشكل مزور يخالف ما يريده العراقيون ويتمناه له إخوانه العرب والمسلمون. لسنا معارضة شتات @ هل ستستمر المعارضة تحمل نفس صيغة الشتات، كما كانت أيام النظام العراقي السابق؟ كثير من تلك التشكيلات الحزبية التي نشأت لم يكن لها رصيد داخلي على الإطلاق، بل صُنعت ودعمت من قبل جهات وقوى خارجية، ولم يكن هناك مجال لكشف زيفها وانعدام رصيدها داخل العراق، والآن وبعد أن أصبح بإمكان كل تلك التجمعات العمل داخل العراق فأنها أمام اختبار حقيقي، أمام الشعب وأمام العالم لتثبت حجمها ودورها، لذلك سوف تتراجع عشرات الأسماء التي ظهرت في مهاجر العراقيين، ولن تبقى تلك الأسماء لفترة طويلة، وربما لن يكون لها إلا اللافتة والمقر الذي ترفع لافتاتها عليه. نختلف مع الأكراد @ ما هو مدى التنسيق بينكم وبين أحزاب المعارضة الكردية؟ علاقتنا بعموم الحركة الكردية وقواها السياسية جيدة جداً، وتجمع بيننا وبينها اتفاقات تتعلق بالنظرة المستقبلية للعراق، صحيح حصل اختلاف في وجهات النظره في تقييم الدور الأمريكي الحالي، ولكن ذلك لم يؤثر في العلاقة بيننا وبينها، وقد قدمت الأحزاب الكردية لنا خدمات كثيرة ونعترف بفضلها، وستشهد علاقتنا معها تطوراً كبيراً في المستقبل. الشارع والمستقبل @ كيف تتوقع بأن يستقبل الشارع العراقي المعارضة الخارجية؟ بواقع ما شاهدناه كانت النظرة مختلفة إلى تلك المعارضة ما بين الأصيل منها والمزيف، أما الأصيل منها فهو لم يتوقف عن التواصل مع الداخل بأشكال متعددة، بل كان الخارج امتدادا للداخل والعكس يصح. كان هناك استياءً داخل العراق من العناصر التي ربطت نفسها بشكل كامل بالقوى الخارجية، وعملت لمصلحتها، وتلك ينظر لها نظرة سلبية، بل أن بعضها احترقت أوراقه بسرعة، ولا نسمع له خبراً، وهناك آخرون يحاولون تعديل خطابهم ليتناغم مع نبض الشارع. بشكل عام المستقبل هو للعناصر التي كانت داخل العراق وشاركت شعبها معاناته إلى لحظة سقوط النظام، أكثر من المعارضة التي عاشت معظم وقتها خارجاً. قد نستثني حالات خاصة لعناصر كان لها دور أساس وكبير داخل العراق قبل أن تغادر مضطرة إلى الخارج وحافظت على تواصلها معه، ممن يعرفها العراقيون ويميزونها. الطائفية ملغية ونحن أبناء الوحدة الوطنية @ يعتقد بعض المراقبين بأن العراق الآن على شفة حرب طائفية، وذلك من خلال النزاعات التي نشبت مؤخراً في بعض المحافظات، كيف ترون ذلك؟ النزاعات التي نشبت كانت محدودة وطوقها العراقيون بسرعة، بل ظهر تيار الوحدة الوطنية بشكل عارم يفوق التصور، مما يشير إلى درجة الوعي الوطني الذي يتمتع به العراقيون. سوف يسعى البعض إلى إثارة النزعات، ولكن في جو الحرية لن يكون ذلك ممكناً لأن نفوذ العقلاء من الجانبين أقوى من العناصر المثيرة للفتن. البقاء طويل، وعلينا المقاومة @ كيف تنظرون لموقف قوات التحالف؟ وهل تتوقعون أن تطيل مدة أقامتها في العراق أم ترحل قريباً؟ ستحاول قوات الاحتلال الخروج من المدن إلى معسكرات خارج المدن حالما تستطيع إيجاد قوة محلية تضبط النظام، لكي تتجنب الاصطدام بالمواطنين، والخطة الأمريكية تقتضي بقاء القوات الأمريكية في العراق لفترة طويلة، بل ربما دائمة، وذلك سيكون محور الصراع بين التيار الوطني والتيار الموالي لأمريكا الذي سوف تكونه وتموله أمريكا داخل العراق بعدما كونته خارجه. همنا داخلي @ كيف تقيمون تعامل عراق المستقبل مع دول الجوار؟ تعامل العراق مع دول الجوار سيكون نتيجة لطبيعة الحكومة التي ستدير الأمر في السنوات القريبة القادمة، سيكون الهم الداخلي هو الهم الأول، ولن تكون للحكومة القادمة سياسة خارجية فاعلة، وسيتراجع دور العراق الإقليمي مادام الاحتلال وأدواته قائمة. تعبير عن القلق @ كيف تنظرون لمؤتمر الجوار الذي أقيم في الرياض؟ مؤتمر دول الجوار أتى تعبيراً عن حالة القلق التي تشعر بها تلك الدول تجاه الوضع العراقي، وأعتقد من الضروري أن تعمل دول الجوار بشكل موحد لمساندة التيار الوطني العراقي الذي يعمل من أجل استقلال العراق وحريته الكاملة. أن نجاح هذا التيار في تحقيق تلك الخطوة كفيل بعودة العراق إلى محيطه العربي والإسلامي. المعركة السياسية ستكون شرسة، وعلينا أن نجمع تأييد العالم لقضيتنا، وكلما عجل الاحتلال بالرحيل وقامت مقامه حكومة وطنية حرة، كلما كان اثر ذلك حسناً على عموم المنطقة، سيما ونحن نعلم أن أية حكومة وطنية مقبلة وبحكم تركيبة المجتمع العراقي ستحوي عناصر حريصة على علاقات وثيقة مع دول الجوار. إرادتنا هي التي تحدد @ هل تعتقدون بأن هناك نظاما سيأتي إلى العراق لا ترضى عنه أمريكا؟ الأمر يتعلق بإرادتنا وإسناد المجتمع الدولي لقضيتنا، ستحرص أمريكا على أن يأتي نظام موالٍ لها في العراق، وسيحرص العراقيون على أن يأتي نظام حريص على مصالحهم، ويعبر عن هويتهم وانتمائهم وطموحاتهم. العراقيون لا يريدون عداوة أمريكا ولا يسعون لذلك، ولكنهم يريدون حريتهم واستقلالهم وحقهم في اختيار نظامهم، والأسس التي يقوم عليها مجتمعهم و لن يرضوا بهيمنة خارجية عليهم. شعبنا أصيل ولا تنطلي عليه الحيل @ وأين سيكون دوركم في مثل هذا الوضع؟ وهل سنجد مطاعم الفاست فود تملأ الأسواق العراقية؟ دورنا كان وما زال داخل مجتمعنا. في خدمة ديننا وشعبنا، وقد نجحنا في ذلك نجاحاً كبيراً ويسعدنا أننا ساهمنا في دحر فكر حزب البعث وإسقاط أيديولوجيته، وأشعنا بفضل الله تعالى وبجهود جنود مجهولين كثيرين القيم الإسلامية والفكر والوعي الإسلامي داخل المجتمع وفق منهجية وسطية معتدلة وأفق حضاري، لم يعط مجالاً للفكر المتطرف من استغلال المشاعر الإسلامية. ستظهر في المجتمع كثير من المظاهر الحضارية والغربية، وربما الشاذة أيضاً، إذ أن هناك من سوف يعمل على إيجادها وفرضها، وتلك قضية ترتبط بمبدأ الحرية التي نطالب بها لنا ولغيرنا، ولكن مقابل ذلك ستبقى الظواهر الأصيلة النابعة من هوية وانتماء الفرد العراقي هي الأظهر والأكثر تعبيراً عن حقيقة مجتمعنا. الجنود الامريكيون.. هل يطول بقاؤهم في العراق؟