الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي.. أما بعد: فيقول الحق تبارك وتعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) (النساء 93). ويقول سبحانه (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما) (الفرقان 68). ويقول سبحانه )من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس ، أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون (المائدة 32). ويقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فيما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) (اخرجه البخاري) ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور او قال وشهادة الزور (أخرجه البخاري) ، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم (أخرجه النسائي) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما) (أخرجه البخاري). وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل نفسا معاهدا لم يرح راحة الجنة وان ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما) (اخرجه البخاري) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعنها يطعنها في النار) (أخرجه البخاري) ، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حمل علينا السلاح فليس منا) (أخرجه البخاري). أخي المسلم: ان الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة سالفة الذكر تدل دلالة واضحة وجلية على حرمة دم المسلم والمعاهد ، وكذا قتل الإنسان لنفسه ، ولهذا فقد ترتب على من خالف تلك النصوص وتجاوز الحد بأن أزهق الأرواح وسفك الدماء البريئة فإن ذلك يعتبر ذنبا عظيما وجرما كبيرا ، توعد الله فاعله بالجزاء الرادع في الدنيا ، وبالعذاب الأليم في الآخرة. ولا شك في ان هذا السياج القوي والحصن المنيع الذي تحتمي به النفوس في ظل الإسلام وتشريعاته ، فلا يسمح لكائن من كان ان يخترق ذلك إلا بحق ، دليل على عظم الإسلام واحترامه للنفس البريئة ، لكي تنعم بالأمن والاسقرار ورغد العيش ، آمنة على نفوسها وأموالها ومقدراتها ، هادئة البال ، بعيدة عن المنغصات والمخاوف. وان ما وقع في مدينة الرياض من تفجيرات أودت بحياة عدد من الأنفس الآمنة التي لا ذنب لها من المسلمين وغيرهم ، تعد في منظور الإسلام جريمة نكراء لا يقرها ديننا الحنيف ولا العقول السليمة السوية ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب في يوم عرفة ان دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا وفي بلدكم هذا (اخرجه مسلم). وما أقدمت عليه تلك الفئة من قتل الأبرياء ، وإتلاف للممتلكات والأموال ، ونشر للرعب في قلوب الآمنين يعد انتهاكا لحركة هذا البلد الطاهر وأهله ، وهو لن يؤثر بإذن الله على ترابطه وتماسكه وتلاحمه حول قيادته ، ولن يؤثر على مسيراته الخيرة والنبيلة ، إلا انه يتوجب علينا جميعا أبناء هذا الوطن الغالي ان نقف صفا واحدا ، في مواجهة تلك التيارات الحاقدة من قبل أعداء الإسلام ، الذين يحاولون تشويه صورته والنيل منه ، وعلى كل منا ان يعمل في موقعه بإخلاص وتفان ونية صادقة. كما أناشد كل راع وكل مسؤول عن رعية ان يستحضر ما أوجبه الله عليه تجاه رعيته التي استرعاه الله عليها ، وان يتحمل مسؤوليته في المراقبة والتوجيه وأخص بذلك: الآباء والأمهات في البيوت ، والمعلمين والمعلمات في المدارس والأساتذة في الجامعات ، والعلماء والخطباء والدعاة ، ورجال الحسبة وليعمل كل منا قدر المستطاع على تبصير شبابنا وتوجيهه بالحوار البناء ، وتأصيل القيم والمثل العليا لشريعتنا السمحة في نفوسهم ، وتبصيرهم بأهمية الحفاظ على مكتسباتنا الحضارية وحماية مجتمعنا من تلك الشرور. أسأل الله الكريم ان يحفظ لهذه البلاد قادتها وعلماءها وأهلها وشبابها ، وان يجنبها كل سوء ومكروه ، وان يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وكيل الوزارة المساعد لشؤون الأوقاف