عزيزي رئيس التحرير قرأت ما كتبه الاستاذ: عبدالله السفر في صفحة (الرأي) بتاريخ 1424/2/20ه يوم الثلاثاء عدد 10903 في مقاله المعنون ب (اللوم الحقيقي). وأقول يااستاذي عبدالله قد أوافقك الرأي فيما طرحته واتفق معك ان جماعة الاقران كما اطلقت عليها هي القائد الأول للمراهق فهي من تصنفه وتشكله حسب اهوائها ثم تكيفه داخل محيطها وتلفه بزمام الطاعة الهوجاء التي تقوده تارة في خطوط مستقيمة وتارة ينجرف ليسير في متاهات لا هوادة فيها. ولكن هل بحثنا عن السبب الحقيقي وراء انجراف الأبناء للأقران واكتساب صفاتهم وأخلاقهم؟ هل تتبعنا سلوكهم وقيمنا منهجهم المتبع؟ أسئلة كثيرة يطرحها العقل والمنطق لتحديد العوامل التي تقف وراء انجراف الأبناء للأقران. ومن أهم تلك العوامل واخصها؟ افتقاد التربية الصالحة والشعور بعدم الأمان النفسي الأسري وتزعزع العلاقات العاطفية داخلها وافتقار مقومات حسن التعامل مما يعرض الأبناء لمختلف المشاكل النفسية التي تنشأ نتيجة لشعورهم بالفراغ النفسي العاطفي الذي يخلف عواقب اجتماعية وخيمة يصعب علاجها فيما بعد, لا سيما في سن المراهقة وبداية تكوين النضج العقلي, وما يسمى بمرحلة اثبات الذات. كما ان اهمال مشاعر الأبناء وتجاهلهم يخلق لديهم نوعا من التفلت النفسي والكبت العاطفي الذي يتنامى هيجانا واحتجاجا حتى ينفجر بركانا ثائرا على من حوله, ويوسع دائرة الانحراف والانجراف خلف تيارات براقة تخطف أبصارهم وبصيرتهم نحو الهاوية. والمتتبع لقضايا الأبناء ومشاكلهم النفسية في محيطنا الاجتماعي يلحظ مسالك كثيرة ومسائل عدة كانت سببا لانجراف الأبناء للاقران وتتبعهم لسلوكهم وأخلاقهم منها: عدم الاهتمام والرعاية والاستماع والتفاهم لمشاعر الأبناء وإسداء النصح والتوجيه بالطرق السليمة البناءة والحوار الهادف وكبت مشاعرهم الداخلية مما يوجد لديهم نزعة للعنف والشر والاضطرابات السلوكية التي تولد الانفجار والانهيار ومعاملتهم بالقسوة والفظاظة بعيدا عن اللين والبشاشة مما يجعلهم مضطربي التفكير والشخصية وغير أسوياء. كما ان حاجة الأبناء للحب وهي العاطفة التي تؤجج المشاعر داخلهم تجعلهم يبحثون عنها خارج أسوار المنزل وعند الأقران عوضا عما يفتقدونه. أيضا من الأسباب إعطاؤهم الحرية المطلقة دون رقابة وإهمال الجانب الديني العقائدي الذي يقوي صلة العبد بربه ويقوي إيمانه الذي يردعه عن الانجراف والانحراف. ولنعلم انه حينما يفقد الابن رعاية والديه والصدر الحاني الذي يشكو اليه همه داهمته الكرب والخطوب. حتما سوف يلجأ للاقران كتعويض نقص, وفقد العواطف التي تشعره بذاته ومكانته وتقديره الذي افتقده بين احضان والديه. لحظتها لا نلوم الاقران ولا نلوم الأبناء بل نلوم الأسرة التي تركت مسؤوليتها ودورها وضيعت رعايتها دون اهتمام وانسجام مع ما ألقي اليها من أمانة عظيمة سوف تسأل عنها وتحاسب على تفريطها. (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فاطمة محمد الخماس