مثلما هزم الشتاء وبرده نابليون وهتلر في موسكو ، يحاول أخوه الصيف ان يهزم الأمريكان في العراق ويحاربهم على الطريقة العراقية الساخنة . الصيف الذي يجتاح العراقبحره الشديد هذه الأيام حيث تقترب درجات الحرارة من اكثر من 45 درجة ظهرا وربما ستزيد خلال الأيام القادمة كما في كل عام لتتجاوز 50 درجة يتذمر منه العراقيون بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر الذي لا يأتي إلا لساعات محدودة في اليوم وينظرون الى تذمر الأمريكان ، و لسان حالهم يقول كما هو المثل المصري ( كلنا في الهوى سوا ) . وعلى طريقتهم فان الأمريكان يستعدون لكل أنواع المواجهات ولأول مرة وباستغراب شاهد العراقيون الجنود الأمريكان ينزعون خوذهم ويمشون في الشوارع او يعتلون ظهور دباباتهم ومدرعاتهم ، بعد ان كانوا يرتدون الخوذ حتى وهم داخل الدبابات او يقودون السيارات والمدرعات . ولم يكتف الجنود الأمريكان بنزع الخوذ بل اصبحوا يشترون كما هو حال العراقيين قوالب الثلج المصنع ، ولكن بأسعار ضعف ما يشتريه العراقيون ، فالربح من الأمريكان ولو بطرق ملتوية حلال كما يقول أحد باعة الثلج الذي ازدهر بيعه في العراق ويؤكد (وائل) انه يبيع الى الأمريكان قالب الثلج بدولارين ، في حين يبلغ سعره للعراقيين اقل من دولار او يقارب ذلك بقليل . وقد بدأ الكثير من الجنود الأمريكان بالتوجه الى صالونات الحلاقة لحلاقة شعرهم بدرجة صفر خوفا من الحر ويؤكد محمد صاحب محل حلاقة في منطقة البياع في بغداد ان اكثر زبائنه الان من الجنود الامريكان الذين يدفعون مبالغ جيدة مقابل حلق رؤوسهم. وفي حين يروي بعض العراقيين ان الجنود الأمريكان يمتلكون حبات صغيرة مثل حبات الدواء يضعونها في الماء او البيبسى ليتحول الى شراب مثلج ، إلا انهم بدأوا يفضلون الطريقة العراقية في التبريد بالثلج المصنع على شكل قوالب يبلغ طول الواحد منها مترا وبسمك 30 سنتيمترا . بعض الجنود الأمريكان بدأ يخلع بعض ملابسه الثقيلة ويرتدي الفانيلا العسكرية ذات اللون الكاكي فقط لاتقاء الحر والرياح اللاهبة ، وبعضهم بدأ يستظل بالأشجار او الدبابات او أي ظل ظليل ، ويضع في مقر حراسته منصة صغيرة بسقف رأسي لحمايته من حر الشمس ، فبعض هؤلاء الجنود وخصوصا القادمين من مدن باردة في أمريكا لم يتعودوا على هذا النوع من الحر والحركة في أجوائه وسط غبار الدبابات وحرارة محركاتها المرتفعة . الجنود الأمريكان بدأوا يتعلمون بسرعة ما يتوجب عليهم فعله لمواجهة الحر ، لذلك وحسب الطريقة العراقية فانهم يتجمعون قرب محلات بيع (الآيس كريم ) والتي يسميها العراقيون ( الموطا ) او ( الدوندرما ) ويشترون منها ما لذ وطاب وهم يتبادلون الحديث مع الأطفال والصبية والذين يوفرون لهم أيضا نوعا من الحماية حولهم خوفا من ان يستغل أحد مثل هذه التجمعات وينفذ عملا ما ضدهم . ولكن مقاومة الحر على ما يبدو حسب هذه الطريقة العراقية لم تجد نفعا حتى الآن لذلك فان ملامح التذمر بدأت تظهر على وجوه الجنود الأمريكان بوضوح وبعضهم يتمنى ان يعود الى منزله الذي ياويه. ويبادلهم هذا التذمر العراقيون الذين يشكون من انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الحرارة ، إلا ان العراقيين ليس مطلوبا منهم واجبات مثل الأمريكان فهم عاطلون عن العمل منذ شهر تقريبا ومؤسسات الحكومة مدمرة والموظفون يعيشون فترة تقاعد مؤقتة حتى ينقشع غمام الحرب وغبارها، وإذا كان العراقيون لا يفكرون كما الأمريكان بالعودة الى بلادهم فانهم بكل الأحوال اقل تذمرا من الأمريكان، فالصيف صيفهم منذ آلاف السنين ولهم معه صولات وجولات ولكن المعضلة للذين يواجهونه لأول مرة .