(المرأة العراقية حريصة على جمالها رغم الحياة الصعبة والحصار والعقوبات) هكذا تقول ساهرة خليل (47عاماً) التي تملك محلاً للتجميل في العاصمة العراقية . وتقوم ساهرة بوضع اللمسات الأخيرة على فستان زفاف، يبدو وكأنه استوحى من حكاية ألف ليلة وليلة، وبقي معروضاً لفترة طويلة على دمية. وقالت بفخر : نحن نملك محلاً للتجميل لكننا نقوم أيضا بتأجير فساتين زفاف نشتريها من اليمن بنحو ثلاثين دولاراً. وهو مبلغ يعتبر كبيراً في بغداد حيث كان متوسط الأجور في السنوات الأخيرة 7,5 دولارات شهرياً. ورغم تفاؤلها فإن محل التجميل تعرض للقصف الأمريكي يخلو من الزبائن والزيجات على حد قول ساهرة (باتت نادرة هذه الأيام) . وتتأثر العراقيات إلى حد كبير في حياتهن اليومية نتيجة الحصار المفروض على العراق منذ غزوه الكويت في عام 1990 ومازال معمولاً به. وتعاني العراقيات أيضا من النتائج الكارثية لعدم توفر مياه الشرب وانقطاع التيار الكهربائي. ورغم أن غالبيتهن محرومات من الموارد المالية فإنهن يطلقن العنان لمخيلتهن تعويضاً عن هذا النقص وحفاظاً على كرامتهن باستخدام وصفات تجميل قديمة . وتروي عراقيات أنه بدلاً من استعمال مساحيق التجميل يقمن بإعداد مساحيق للعناية بالبشرة مصنوعة من زيت الأفاعي مخلوط مع كبش القرنفل. كما يستخدم عصير البطيخ كغسول منشط للوجه ومزيج اللبن والعسل لتنظيفه . وتروي ساهرة أن الفقر قد دفع عدداً من النساء في العراق إلى بيع شعرهن ! مضيفة: يتم بيع ضفيرة شعر بنحو 30 دولاراً ومضت تقول: انه لأمر محزن لكننا نستخدمها لنساء أخريات يرغبن في أن يكون لديهن شعر طويل. ونقوم بخياطة الشعر المستعار على الشعر الطبيعي . أما معظم مستحضرات التجميل فتستورد من سوريا ومصر بأسعار زهيدة وهي سيئة النوعية. ويتوفر في أسواق بغداد الكحل العربي وأحمر الشفاه البرتقالي وهو اللون الذي تتهافت عليه النساء العراقيات. أما بالنسبة إلى العطور فإن النساء في العراق يفضلن عطور كريستيان ديور لكنهن يكتفين باستخدام عينات من العطور القديمة التي أنتجها هذا المصمم. وفي محل آخر فخم للتجميل في بغداد كانت ترتاده زوجات كبار القادة في نظام صدام حسين السابق فإن الأمور تختلف تماماً. وتجلس الشابة إسراء (20عاما) في هذا المحل حاملة حقيبة كريستيان ديور وهي تعرض بفخر قصة شعرها الجديدة وأظافرها التي تم طلاؤها للتو. وتؤكد أسراء وهي ابنه (تاجر غني) إنها لا تستخدم سوى مساحيق التجميل الأوروبية وتطلع على آخر تصاميم الأزياء في مجلات نسائية لبنانية. وتقول خالدة ياسين (37 عاما) وهي أم لولدين انها (فقيرة جداً) وأن (الله وهبها الجمال) وتؤكد وهي تبتسم ابتسامة عريضة انها (لا تضع على وجهها سوى زيت السمك ولا تستخدم سوى الشامبو والصابون المستورد من سوريا .