ما يريده الفلسطينيون من (خريطة الطريق) هو أن يتحول هذا المشروع بكامل نصوصه إلى واقع مشهود على الأرض وليس الدخول به الى نفق المفاوضات كما تريد اسرائيل، وهذا ما يبدو أن الادارة الأمريكية عازمة عليه من خلال تصريحات باول أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة، فثمة تأكيدات من الادارة الأمريكية بالعزم على تنفيذ بنود الخريطة دون ابطاء، ودون الدخول في مفاوضات جديدة، بما يعني أن اطلاق العملية لن يدخل في دهاليز نقاشات طويلة عقيمة كما كان الحال عليه بين الفلسطينيين والاسرائيليين أثناء التعامل مع الطروحات والمبادرات والأفكار السلمية السابقة، وسوف يبدأ التطبيق بتفعيل الاجراءات الأمنية بين الطرفين، على أن تقوم اسرائيل بتخفيف الاغلاقات وتسهيل المصاعب التي يواجهها الفلسطينيون في حركتهم اليومية، فلابد من تخفيف الحصار والسماح للعمال الفلسطينيين بالعودة الى أعمالهم، والافراج عن مزيد من أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، كما ان اسرائيل ملزمة وفقا لخريطة الطريق على بإزالة البؤر الاستيطانية التي أقيمت بعد الانتفاضة على اراضي السلطة الفلسطينية والانسحاب دون شروط منها، ويحاول شارون كعادته وضع العراقيل أمام المبادرة الحالية باتهام الحكومة الفلسطينية الجديدة بعدم تمكنها من مكافحة ما يسميه (ارهابا) وقد يدعي أنه لمس ضغطا أمريكيا لحمله على تأييد مشروع خريطة الطريق من حيث المبدأ، ويبدو واضحا للعيان ان شارون يحاول القاء الكرة في الملعب الفلسطيني من خلال اتهامه الفلسطينيين برفض عقد لقاءات أمنية متملصا من معطيات مشروع الخريطة وأهدافه الأساسية، غير ان الضغوط الأمريكية ان كان ثمة ضغوط بالفعل لابد أن تتركز حول ضرورة الحصول على موافقة اسرائيلية أكيدة على انفاذ نصوص مشروع (خريطة الطريق) دون الدخول في مفاوضات جديدة حولها، فمحاولة الدخول في دائرة تلك المفاوضات ستعني بالضرورة والنتيجة أن اسرائيل ستحاول تمييع المشروع وضربه في مقتل قبل أن يكتمل كسائر محاولاتها السابقة المكشوفة مع مبادرات سلمية طرحت من أطراف عديدة، فما يجب أن تمارسه الادارة الأمريكية في الفترة الحالية هو ان تلعب دورا فاعلا لتحويل (خريطة الطريق) الى واقع ملموس من خلال آليات فاعلة ورقابة دولية وتبادلية في الالتزامات، والا فإن شارون سيعمد الى الالتفاف حول المشروع الجديد وافراغه من محتوياته، لتدخل المنطقة من جديد في دائرة من الصراعات والتوتر سوف تكون لها آثارها بطبيعة الحال في اطالة أمد النزاع القائم الى أجل غير معلوم.