أكد عدد من المحللين العرب والبحرينيين ان عودة قوية للاقتصاد العراقي لن تأتي بالضرورة بتأثيرات سلبية على اقتصاديات دول الخليج اذا تمكنت هذه الدول من اتخاذ خيارات بعيدة المدى للتعامل مع العراق الجديد. وفي تصريح لوكالة فرانس برس رأى وليد البنداري المحلل المالي المصري في بنك طيب البحريني ان اعادة اعمار العراق ستكون لها تأثيرات ايجابية على المدى القصير وأخرى سلبية على المدى البعيد. وتابع البنداري رغم الاقرار بان النصيب الاكبر في ورشة اعادة الاعمار العراقية سيذهب للشركات الامريكية والبريطانية، فان الدول المجاورة للعراق يمكن ان تستفيد ايضا مضيفا هناك احتياجات للعراق يتعين تلبيتها بسرعة وبتكلفة اقل من منافسين اخرين مثل الاسمنت الذي سيكون احدى السلع الاساسية التي يمكن لدول مثل السعودية وتركيا وايران تلبيتها لان لديها طاقة انتاجية كبيرة. ورأى البنداري ان التأثيرات السلبية تنحصر في موضوع النفط الذي قال ان العراق سيسعى بقوة لزيادة طاقته الانتاجية و سيدخل السوق بجوع شديد للحصول على العائدات الضرورية لايفاء فاتورة اعادة الاعمار مشيرا الى انه من المتوقع ان يصر العراقيون على حصة عالية اذا ما بقوا داخل اوبك. وتابع ان زيادة المعروض من النفط وهبوط الاسعار سيؤثران دون شك على دول الخليج خصوصا تلك التي تعاني من مشكلات في موازناتها مشككا في تمكن اوبك من المحافظة على الاسعار التي تحددها. لكن البنداري اشار الى ان هذا السيناريو مبني على فرضية حدوث استقرار سياسي في العراق، مضيفا ان غياب الاستقرار سيزيد عنصر المخاطرة بالنسبة للمنطقة كلها وليس للعراق فحسب. من جهته رأى المحلل الاقتصادي البحريني في بنك البحرين والكويت خالد عبدالله في تصريح لوكالة فرانس برس ان التحدي الذي تواجهه دول الخليج لا يكمن في عودة العراق الى السوق النفطية بل يتعلق بقدرتها على بلورة موقف واضح حيال بناء العراق الجديد وفق تعبيره. وقال عبدالله ان المساهمة في اعادة اعمار العراق تتوقف على البوابة التي سندخل منها، هل سندخل من البوابة الاميركية ام من البوابة العراقية؟ مضيفا هل المطلوب تحقيق صفقات سريعة ومكتسبات سريعة والهرب، ام بناء علاقات متشابكة مع الاقتصاد العراقي الجديد قائمة على تبادل المصالح. وتابع من الضروري ان تقيم دول الخليج علاقات متشابكة مع الاقتصاد العراقي الذي هو في طور البناء بما يحقق منافع على المدى البعيد يمكن ان تتيح اندماجا عراقيا في المحيط الخليجي مضيفا على دول الخليج ان تبلور موقفا سياسيا واقتصاديا حيال مسألة اعادة اعمار العراق. واشار عبدالله الى ان اعادة الاعمار في العراق يمكن ان تؤدي الى نمو اقتصادي في الخليج لكن السؤال هو هل تريد هذه الدول مكاسب آنية ام علاقات على المدى البعيد وفق تعبيره. وقلل عبدالله من المخاوف حيال هبوط اسعار النفط بشدة اذا ما عاد العراق لكامل طاقته الانتاجية قائلا ان ما تريده اميركا هو ضمان انسياب النفط وتدفقه باسعار معقولة وفق تعبيره. واعتبر المحلل الاقتصادي البحريني ابراهيم شريف ان المخاوف المثارة حول نية الاميركيين تخفيض اسعار النفط تنطوي على خلط بين هدف السيطرة على منابع النفط، وبين ضمان تدفق امداداته للولايات المتحدة باعتبارها اكبر مستهلك لهذه السلعة الاستراتيجية. وقال شريف ان السيطرة على منابع النفط هدف استراتيجي للامريكيين لا يقتضي بالضرورة على تخفيض اسعاره لان الشركات الاميركية ستتضرر ايضا في هذه الحالة مضيفا ان الامريكيين يريدون ضمان تدفق امدادات النفط باسعار معقولة اما اعادة تأهيل منشآت النفط العراقية فيستغرق مابين7 الى10سنوات ويحتاج لاستثمارات ضخمة. وتابع على المدى القصير تبدو المخاوف من تأثيرات ارتفاع الانتاج العراقي في غير محلها مشيرا الى ان نهاية التوتر هي التي ستحدد اسعار النفط على المدى القصير معتبرا انه ليس بالضرورة ان اقتصاديات دول الخليج ستتضرر. وبعد ان اكد ان سوق النفط تصعب السيطرة عليه، أشار شريف الى ان الخيار المعقول امام دول الخليج هو تقوية منظمة اوبك وارجاع العراق للمنظمة مشيرا الى ان الامريكيين قد لا يريدون عودة العراق الى اوبك.