اتخذ سعر البترول في الآونة الاخيرة مسارا تراجعيا في بورصة البترول العالمية متخليا عن أعلى مستوياته في غضون عامين، في الوقت الذي بدأت فية بعض الاصوات في دول الاتحاد الأوروبي بالارتفاع ضد الموقف الامريكي والبريطاني الداعي لشن حرب ضد العراق، متناسبا ذلك مع تحرك للشارع العالمي والاوروبي بشكل خاص مطالبا منع وقوع هجوم عسكري ضد العراق، الا ان محللين مازالوا يعتقدون أن احتمال شن حرب على العراق قائم رغم الانقسام والاحتجاجات المناهضة للحرب. أوبك والأزمة في هذه الأثناء قال مصدر بأوبك إن المنظمة قد توقف العمل بحصص الإنتاج بشكل مؤقت وتسمح للأعضاء بالإنتاج دون قيود إذا أدى هجوم على العراق إلى توقف صادرات بغداد. ولا تملك أي من دول أوبك طاقة إنتاجية فائضة سوى المملكة والإمارات نظرا لأن المنظمة رفعت إنتاجها مرتين هذا العام، وهو ما يحد من فرص ضخ المزيد من الخام في الأسواق. لكن المصدر يؤكد إن أوبك ستعود للالتزام بسقف الإنتاج الحالي البالغ 24.5 مليون برميل يوميا بعد انتهاء الحرب. من جانبه طالب وزير النفط الإيراني بيجن زنغانه منظمة أوبك بخفض الإنتاج بين ثلاثة وأربعة ملايين برميل يوميا عقب انتهاء الأزمة في العراق، مشيرا الى أن الطلب على النفط يبدأ عادة في الانخفاض في نهاية فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وعزا زنغانه ارتفاع الأسعار في الوقت الحالي إلى استمرار الغموض بشأن العراق، مضيفا أن الأسعار قد تنخفض بشدة إذا كانت الحرب في العراق قصيرة. ومن جانبها ذكرت نشرة (ميدل ايست ايكونوميك سيرفي) (ميس) المتخصصة ان انتاج منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) ارتفع بنسبة 2.2 بالمائة في يناير مقارنة بشهر ديسمبر ليبلغ 25 مليونا و663 الف برميل يوميا وذلك بالرغم من اضراب عمال النفط في فنزويلا. وسجل انتاج الدول الاعضاء العشر في اوبك (دون احتساب العراق الذي لا يخضع الى نظام الحصص بسبب الحظر الدولي) زيادة بنسبة 2.1 بالمائة اي 263 الف برميل يوميا ليبلغ 23 مليونا و11 الف برميل يوميا، مقابل 22 مليونا و85 الف برميل يوميا في ديسمبر. قفزات بالاسعار وقال محللون نفطيون ان اسعار النفط المرتفعة فعلا ربما تقفز بنسبة 25% اخرى لتصل الى اكثر من 40 دولارا للبرميل قبل ان تسحب الدول الغنية من مخزوناتها النفطية الطارئة الضخمة لتهدئة هذا الصعود الحاد. وقفزت اسعار النفط فعلا بنسبة 45% خلال ثلاثة اشهر لتدور حول 35 دولارا للبرميل بتأثير مزيج من العوامل القوية من مخاوف اندلاع حرب ضد العراق والاضراب العام الذي اصاب قطاع النفط الفنزويلي بالشلل وموجة البرد الشديد في اوروبا والولاياتالمتحدة. وحتى الآن لاتزال الدول الغربية محجمة عن السحب من مخزوناتها النفطية الطارئة واثقة في منظمة اوبك أن تتدخل في الاسواق لسد العجز في امدادات المعروض. الا ان محللين قالوا انه قد يتعين السحب من تلك المخزونات للحيلولة دون تخطي الاسعار نطاق الاربعينيات لتصل الى مستوى الخمسين دولارا اذا اندلعت الحرب ضد العراق ثامن اكبر مصدر للنفط في العالم في غضون شهر. وقال ادم سيمينسكي من مصرف دويتش بنك اذا قررت الولاياتالمتحدة وبريطانيا ان الامر يقتضي القيام بعملية عسكرية فان السؤال الرئيسي سيتمثل فيما اذا كان سيتزامن مع هذا الامر اعلان انه سيجري استغلال الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الاميركي. وتابع اعتقد ان هذا الامر سيحدث. وانه من المنتظر ان يحول دون قفزة الاسعار الى اكثر من 40 دولارا بكثير. وسعى الاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي الى التهوين من شأن التكهنات بقيامه بالسحب من المخزون الطاريء معربا عن ثقته في امكانية ان تغطي اوبك النقص في الاسواق اذا تضررت الامدادات النفطية العراقية. وقال متحدث تتمثل وجهة نظر المفوضية الاوروبية في انه لا يوجد اليوم خطر تعطل المعروض ونحن واثقون من اضطلاع الدول المنتجة بمسئوليتها. واوضح مايك روثمان المحلل النفطي في بنك الاستثمار ميريل لينش انه رفع الحد الاقصى لتوقعاته لاسعار النفط خلال 30 يوما الى 41 دولارا للبرميل بالنسبة للخام الاميركي. وقال امس الاول في ضوء اي هبوط مؤقت في الصادرات العراقية في حالة نشوب حرب واضطرار اوبك الى تخطي حصصها الانتاجية لتعويض هذا الهبوط الانتاجي فانه يصبح من الواضح ان اي تعطل انتاجي آخر سيزيد مخاطر صعود الاسعار على المدى القريب وهو الامر الذي يتعين مواجهته باستغلال المخزونات الطارئة.