بعد مرور شهر كامل على دخول قوات الاحتلال الامريكي البريطاني العاصمة العراقيةبغداد واسقاط نظام صدام حسين ما زال الغموض يحيط بالهدف الحقيقي لشن الولاياتالمتحدة مدعومة من بريطانيا الحرب على العراق ويتساءل الناس عما اذا كان العراقيون قد تحرروا فعلا . ففي الوقت الذي تصر واشنطن على انها جاءت للقضاء على اسلحة الدمار الشامل التي يرفض نظام صدام تدميرها وتحرير العراقيين من بطشه يرى عدد كبير من الزعماء السياسيين والاقتصاديين حتى داخل الولاياتالمتحدة نفسها ان الهدف هو احتلال العراق والسيطرة على موارده الاقتصادية وبصفة خاصة ثروته النفطية التي تشكل ثاني اكبر مخزون نفطي معروف في العالم. وان العراقيين الذين تحرروا من نظام صدام وجدوا انفسهم رهن قيود احتلال لا يعرفون متى وكيف الانفكاك منها. ويقود هذا التوجه الاوروبيون الذين خسروا سوقا تجاريا واستثماريا كبيرا بعد الحرب وقد اكد هذا المفهوم المفوض الاوروبي لشؤون التنمية والمساعدات الانسانية بول نيلسون امس الجمعة في بغداد عندما قال ان الولاياتالمتحدة وضعت يدها على النفط العراقي واضاف متهكما في حديث للتليفزيون الدنماركي العام (دي آر 1): اعتقد ان الولاياتالمتحدة ستصبح عضوا في اوبك (منظمة الدول المصدرة للنفط). لقد وضعت يدها على النفط العراقي ومن الصعب جدا التوصل الى استنتاج منطقي حول وجهة نظر اخرى. بل مضى المفوض الاوروبي لابعد من ذلك قائلا انه يشكك بنوايا الامريكيين فيما يتعلق بمستقبل العراق، معتبرا ان وعود الولاياتالمتحدة بالانسحاب من هذا البلد سريعا ليست واقعية جدا. وفي الحقيقة الممارسات الامريكية في العراق وفي المنتديات الدولية تثير اكثر من هذه الشكوك اذ تتعدى المخاوف حدود العراق الجغرافية الى دول المنطقة. قائد القوات البرية الامريكية في العراق اعلن يوم الخميس ان القوات الامريكية -البريطانية هي السلطة الوحيدة في هذا البلد. وتأكيدا لذلك قال الجنرال تومي فرانكس قائد القيادة المركزية التي تشرف على العمليات العسكرية في العراق إن الجيش الامريكي ليست لديه خطط لخفض عدد القوات الامريكية في العراق حاليا. ورغم مرور شهر كامل على الاحتلال مازالت الفوضى ضاربة اطنابها في العراق ويعيش الناس حالة انفلات امني وصحي واسع ويعيشون فراغا سياسيا تحت الاحتلال وعمليات اطلاق النار والسلب والنهب تحدث بشكل متكرر. وتزداد شقة عدم الثقة بين المواطنين وقوات الاحتلال. وانتقد امس خبراء امريكيون ودوليون في مجال الصحة والمساعدات السلطات الامريكية لوضعها عمليات الاغاثة الصحية في العراق تحت امرة قائد عسكري امريكي وهي خطوة يقولون انها تعرقل جهود الاغاثة. وقال مسؤول من اللجنة الدولية للانقاذ ان تقارير افادت بان النظام الصحي العراقي على وشك الانهيار وان وكالات الاغاثة التي ترفع تقاريرها عادة الى وزارة الخارجية الامريكية اضطرت لرفع تقريرها لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون). ولكنه اضاف ان البنتاجون لا يمتلك الخبرة اللازمة للتكيف مع الوضع الانساني بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة. وقال ريتشارد بيرنان مدير الصحة في جماعة الاغاثة العالمية (البنتاجون) وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد انتزع بشكل اساسي الانشطة الانسانية من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية يواس ايد).