التركيز على تنمية الاستثمارات السياحية في الفترة المقبلة , هو احد التحديات التي تواجه كافة الأجهزة والمؤسسات المعنية بالاستثمار بشكل عام والاستثمار في قطاع السياحة على نحو خاص , خصوصا إذا ما اخذنا في الاعتبار ان ( تنويع مصادر الدخل الوطني) أصبح ضرورة وطنية وخيارا استراتيجيا لا بديل عنه , لتطوير القدرات التنافسية لاقتصادنا الوطني مع تزايد المتغيرات السريعة والمتلاحقة على المستويين الدولي والإقليمي. ولا شك ان الامكانات والمقومات التي تمتلكها المملكة لتأسيس ( صناعة للسياحة) متقدمة ومتفوقة في المنطقة العربية وعلى المستوى العالمي هي امكانات ومقومات عديدة ومتنوعة يجب ان نحسن استغلالها لتعظيم العائد الاقتصادي في هذا المجال. وهنا يجب ان نتوقف كثيرا أمام ضرورة تنشيط السياحة الداخلية , اولا لإيقاف الكثير من عملية النزح وخروج الأموال السعودية الى الخارج حيث ينفق السعوديون المليارات كل عام في أشهر الصيف في الكثير من دول العالم خصوصا والولايات المتحدةالأمريكية والدول الأوربية والآسيوية , وثانيا لتشجيع التنمية السياحية في داخل مناطق الممكلة ومحافظاتها المختلفة , خصوصا في القطاع السياحي , الأمر الذي يفرض علينا أن نشجع هذه التنمية ونعمل على تطويرها , بما يؤدي الى تشجيع السياحة الداخلية , وازدهارها. في الإطار يجب أن ننظر الى التقرير الأخير لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية حول القطاع السياحي الى التصريحات الأخيرة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الأمين العام للهيئة العليا للسياحة , حيث قدم مجموعة من الإرقام التي تعكس واقع القطاع السياحي بالمملكة . كما كشف عن الإمكانات والموارد التي يمكن أن يوفرها الاستثمار في هذا القطاع خلال الفترة المقبلة , وهي أرقام ذات دلالات واشارات مهمة. ان وصول حجم الاستثمارات المتوقعة في القطاع السياحي بالمملكة الى (80) مليار ريال وفقا لتقرير مجلس الغرف التجارية الصناعية يعكس اهتماما حكوميا كبيرا بتنشيط السياحة الداخلية , كما يعكس قدرا كبيرا من التفاؤل بإمكانات السياحة الداخلية وضرورة تعظيم عوائدها الاقتصادية ومن هنا يجب الربط بين قراءة تقرير مجلس الغرف , وقراءة التصريحات الأخيرة لصاحب السمو الملكي الأمين العام للهيئة العليا للسياحة , حيث أشار الى عدد من الحقائق ومجموعة من الأرقام أبرزها ومن أهمها ما ذكره سموه حول طلب الهيئة ميزانية قدرها 1.3 مليار ريال للانفاق على مشروعاتها واستراتيجاتها خلال السنوات الخمس المقبلة , وتوقعاته بان يصل العائد من هذا الانفاق الى (12) مليار ريال , بالإضافة الى توفير (2.3) مليون وظيفة جديدة للشباب السعودي كحد أقصى وبحيث لا تقل الوظائف عن 1,6 مليون وظيفة. ومن هنا يجب أن ننظر الى تنمية الاستثماراات السياحية في المرحلة القادمة في ضوء هذه الأرقام التي لا تعني تنشيط القطاع السياحي فحسب , بل تعني انتعاشا في بقية قطاعات الاقتصاد الوطني نظرا لارتباط الكثير من هذه القطاعات بحركة هذا القطاع , وعلى سبيل المثال قطاع المقاولات الذي يمكن أن يشهد طفرة كبيرة يتغلب بها على الركود الذي ساد هذه التوقعات فهو ما يرتبط بزيادة الفرص الوظيفية للشباب السعودي وتوفير هذا العدد الكبير من الوظائف يعني بلا شك تطورا كبيرا في سوق العمالة الوطنية , كما يعني من ناحية اخرى مزيدا من الانتعاش الاقتصادي. وبهذا المعنى فإن الاستثمارات السياحية يمكن ان تمثل بحق إحدى قاطرات الاقتصاد الوطني نحو مزيد من من النمو , الأمر الذي يتطلب مزيدا من العمل من المستثمرين لدفع هذا التوجه , مع تركيز على دور القطاع الخاص في استراتيجية التنمية السياحية خلال الفترة القادمة , وهو واجب وطني لا بديل عن القيام به بكل صدق واخلاص.