جولة سريعة في حائل/ المدينة.. تكفي لتأخذك فيها الروعة, ويسلبك فيها الجمال الطبيعي.. هذه السفوح المنهلة بالسكون الساحر, هذه الشواطئ الجبلية الرقيقة.. بين أجا وسلمى مجرى من الحب.. والكرم.. والروعة.. والاصالة.. وانت تسبح في شوارعها الفسيحة الانيقة.. ترمق الاراضي الشاسعة المائجة على سواحلها البرية.. تشعر ان المدينة متوثبة للعبور على قنطرة التطوير الذي ينتظرها, حيث حظيت بهيئة عليا للتطوير, يدفع شراعها ربانها الطموح أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الامير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز, الذي يقيس كل طموحاته البناءة العملاقة بمقاييس العلم والدراسات الناضجة, ليرسخ مشروعاته, ويبني احلامه بوسائل العلم الحديثة, ويستمع الى آراء من حوله بإنصات ناجح, ليرسخ سياسة الباب المفتوح, ويثير ابداعات جلسائه, ليقطف ثمرات من عقولهم المتوقدة لصالح تقدم منطقته التي يقود زمام ادارتها. ومن خلال رؤيتي الخاصة احس بأن هذه المدينة بما تحمل من عناصر جمالية/ خام, وبما يعيشه اهلها الكرماء طبعا وتاريخا, وطابعا شرعيا محافظا, وما يمر عليها من جو ربيعي خلاب, يمكن ان تقدم للمملكة مدينة سياحية متكاملة الامكانات, مناسبة الاجواء للاسرة السعودية المحافظة.. وان تكسب رضا السائح الداخلي, لتكون بديلا مرضيا له يجعله يستثمر البند الترفيهي من امواله في خزانة وطنه. على اني اذكر ارباب فن السياحة هناك ان الجذب السياحي ليس في اقامة المشاريع الترفيهية القائمة على الالعاب الحديدية فقط, فهذا متوافر في كل مكان, ولكنه قائم على صناعة المناظر الخلابة في جو بديع مثل جو حائل, ولعل منتزه السمراء الجديد, وشرافاته العلوية الرائعة المطلة على المدينة كلها, وشلالاته التي توهمك بأنها طبيعية.. انموذج متميز, يستحق الاشادة. كما ان السائح يريد السكن المريح المناسب في سعره, فان بعض المناطق السياحية في بلادنا بدأت تفقد مرتاديها بسبب الغلاء الفاحش, في مقار سكنية عادية. واما عن النادي المستضيف, فليست هذه المرة الاولى التي اشرف فيها بدعوة نادي حائل الادبي, ولكن, وللحق وحده اقول: ان هناك تطورا واضحا وجليا حدث خلال هذه الفترة التي قد تكون بضع سنين, فقد اصدر النادي عشرات الابداعات, والكتب النقدية, ومجموعة من الاصدارات المنوعة في فنون مختلفة, ومن خلال الحديث الودي شعرت بأن هناك حرصا اكيدا من المسئولين فيه على دفع عجلة الابداع (الفصيح) في المنطقة التي يكثر فيها الاتجاه الى الشعر العامي, فالنادي يرعى المبدعين الشباب بايمان عميق ان هذا هو السبيل الصحيح لبناء مستقبل ادبي واع, وقد قدم انموذجا جيدا في الامسية ذاتها هو الشاعر فهد الحمد, الذي يحمل تجربة شعرية متشعبة الاحاسيس والاتجاهات, والذي نرجو منه مزيدا من النجاح والتألق. نبضة.. بل نبضات كان اول من صافحته في حائل وجها احسائيا رائع الرجولة.. شامخ التواضع.. مفخرة الاخلاق في عصر المادة.. اللواء عبدالله السهيل.. كما ان صوته الحميمي الهادئ في عزم.. المتسلل من القلب الى القلب.. كان آخر صوت اتلقاه يودعني.. وانا على متن الطائرة قبل ان استجيب لنداء قائدها باقفال الهاتف.. وبين الاطلالة والتوديع كانت الرفقة الثنائية تجعل للرحلة طعما آخر.. هنيئا لحائل بمثله..