الرجل الخليجي.. حر اسما ومسلوب الحرية فعلا!! والدليل أكثر مراجعي العيادات النفسية للاستفسار عن التوتر والقلق والانهيارات العصبية هم الرجال وذلك بشهادة عياداتنا النفسية. (اللهم لا شماته) وهذا هو التعليق المثالي المفترض صدوره من أفواه النساء فلا يغرهن تغطرس الرجال وبالذات أزواجهن والعنترية الفارغة التي يدعونها. فالرجل قلق على رزقة ورزق زوجته وعياله وخائف من مكائد الأصدقاء قبل الأعداء ويخشى التفنيش ويعتقد جازما أن عليه المجاملة والنفاق حتى يأمن جانب رؤسائه وإذا كان يعمل في الأعمال الحرة فهو مقيد بمخاوفه من تقلبات السوق وتغير الأحوال ولهذا فالرجل - عموما - أكثر ميلا للانتحار وهو أقل عمرا من النساء والرجال أيضا أكثر ادعاء للقوة والبأس وأكثر مكابرة وجهادا لاخفاء نقاط ضعفهم. وما أكثرها؟! تقول القاعدة العلمية المنطقية: (إن فاقد الشيء لا يعطيه).. ويقول المثل: (إن كل إناء بما فيه ينضح) وهذا ما يطرح السؤال عن مدى قدرة الرجل على منح الحرية لغيره وهو فاقدها والحرية بالمناسبة تنتزع ولا تمنح. فالرجل يعود إلى منزله فيجد أطفاله يمارسون حرية الاختلاف والمشاجرة والصياح وتمارس زوجته حرية البكاء والشكوى والصراخ أيضا وقد يقمعها بنجاح لكنها تحاول.. أما هو فيعتصم بالصمت والصبر وكظم الغيظ الذي قد يؤدي به إلى أمراض القلب والروح. مسكين وتعبان يعتقد علي حسين البخيتان أن الرجل في مجتمعنا مسكين وتعبان وليس لديه الوقت حتى ليرفع عقاله عن رأسه وهو يعتبر أن الرجل تحول إلى آلة تشبه (الروبوت) والرجل مطالب بأن يظل يعمل ويكد من المهد إلى اللحد ويضيف قائلا: فهو المسئول الأول عن الأعباء المادية للأسرة فتصبح اهتماماته الأولى والأساسية موجهة لمزيد من العمل بل عليه أن يقبل بالمعروض عليه حتى يستطيع توفير احتياجات الأسرة في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها وقلة الفرص الوظيفية. ويذكر البخيتان أن قسما كبيرا من النساء يعملن لتحقيق الذات أو كنوع من الرفاهية وإثبات الوجود ولكننا لا يمكن أن نجد حتى ولو رجلا واحدا يقوم في الصباح الباكر ليكتشف أنه يعمل في مكان لا يروق له فيقرر ألا يذهب هذا اليوم أو باقي الأيام مثلا فمطالب الحياة كثيرة واحتياجات الأسرة أكثر. قيود تدريجية ويجزم محمد حسين الكعيو أن الرجل العربي عموما والخليجي خصوصا مسلوب الحرية مهما بلغ منصبه ومكانته.. يقول: ان سلب الحرية يتم بعدة أشكال يأتي أولها من المنزل (ومن خلال الزوجة التي تفرض عليه قيودا تدريجية لا يشعر بها في بداية الأمر ولكنه مع مرور السنين يجد أنه أسير أول قيد تخطط له معظم النساء وهو قيد الأولاد) ويفسر ذلك بالقول: إن المرأة تظن أن زوجها قد يتخلى ولكنه لن يتخلى عن أولاده فتحاول الحصول على هذا (الكارت) بأسرع ما يمكن ليكون واحدا من أوراق الضغط إذا فكر زوجها في (اللعب بذيله) .. ويضيف قائلا: إن البطاقة الثانية هي الاحتياج فالزوج المحتاج ماديا هو المشغول بتوفير احتياجاته وينحصر تفكيره في منزله والعمل الذي يوفر احتياجاته الضرورية. تروس في عجلة الحياة ويؤكد علي معتوق العبد اللطيف أنه لا يوجد إنسان حر بمعنى الكلمة وأن كل فرد رجلا كان أم امرأة يأخذ مكانه (كالترس) في عجلة تدور بلا توقف تدعى عجلة الحياة مع قيود وقوانين المجتمع (ويخالف العبد اللطيف القائلين: ان المرأة مسكينة ومسلوبة الحرية ويقول: إن الرجل هو أول وآخر المبتلين بهذه المسألة وإن المرأة تتمتع بكامل حريتها المطلقة مقارنة به). الموت جوعا ويقول بدر حبيب الصالح: إذا جاء وقت أقول فيه أنني سأستغني عن عملي لأنه لا يعجبني أو لأن قوانينه وطبيعته لا تتماشى مع مزاجي الخاص ورغباتي فعلي حينها أن أختار بين أحد أمرين: الموت جوعا وعائلتي أو الموت جوعا وعائلتي! ويضيف: صعوبة الإقدام على هذا القرار وتحمل نتائجه توازي وتساوي صعوبة حصول الرجل في مجتمعاتنا على حريته.. مخطئون من يعتقدون بأن سيف العادات والتقاليد غير مسلط على رقاب الرجال كما هو حال النساء فالرجال في مجتمعنا يعانون تماما كالنساء من سلب الحرية الشخصية. تنهيدة طويلة ويقول عيسى محمد الناصر: إن المجتمع والعرف والتقاليد والقيم الاجتماعية ترفض ضعف الرجل وتنكر عليه حقه في تنهيدة طويلة مغسولة بالدموع يخرج فيها النيران والأحزان والعذابات المكبوتة في صدره ويتساءل عيسى: أليس هذا الرجل بشرا أيضا ومن حقه أن يضعف ويحزن ويشعر بالألم ويعبر عنه. البعد عن المشاكل وينقل علي ناصر الملفي وهو مسئول في إحدى الشركات التي تعمل في مجال النفط والتنقيب في البحر, عن بعض الدراسات الاجتماعية لعينة من عدد من الموظفين بالشركة حيث أفادت الدراسات: المشكلات التي يتعرض لها الرجل من خلال علاقاته بزوجته تؤثر تأثيرا مباشرا على مستوى أدائه عمله وأن 45% من إصابات العمال بين هؤلاء العمال كانت ترتبط ارتباطا مباشرا بالتعاسة العائلية ويشير إلى أن تطلع الزوج إلى تحقيق مستوى مادي أكبر يجعله مهموما وأنه قد يعمل في أكثر من وظيفة فيصاب بالإرهاق ويضعف أداؤه العام فتزداد معاناته ويستطرد قائلا: هل توجد مساحة لو ضئيلة جدا يستمتع فيها الرجل بحريته؟ إنني أعرف رجالا لا يحلمون بالاستمتاع بحريتهم بقدر ما يحلمون بالبعد ولو ساعة واحدة عن المشكلات. إحساس بالحرية ويقول عبد الله أحمد الكاظم: إن من حق الرجل الاستمتاع بجزء ولو بسيط من الخصوصية والاحتفاظ بالأسرار الخاصة الشخصية وهذا يعطيه إحساسا كبيرا بالحرية. وبما أن الرجل لا يعيش هذا الإحساس الجميل ولو ليوم واحد من أيام حياته فهو قطعا غير حر. حرية نص ونص ويصف أحمد عايش البصرة نفسه بأنه حر نص ونص... يقول: أن مسئولية كبت حرية الرجل تقع على العمل والأسرة الصغيرة أيضا؟ وعلى العائلة ككل فلكي تكون بارا بوالديك يجب أن تتحمل مشكلاتهما. ويعتقد البصرة أن من أكثر أشكال سلب الحرية في مجتمعنا اعتماد المرأة عليه سواء أكانت زوجة أو أما أو أختا.. يقول: ان اتكال المرأة على الرجل قد لا يسبب مشكلة كبيرة إذا أخذت شكلا ماديا معيشيا لكنها تتحول إلى كارثة إذا أخذت الشكل الذي نراه كل يوم في مجتمعنا.