أضن أن تدني الوعي لدى المرأة من أبرز الأسباب لمعاناتها. فانشغالها بإدارة المنزل وتربية الأبناء والاهتمام بالزوج أبعدها عن الاهتمام بجوانب الحياة الثقافية، وبلوغ الوعي الذي يؤهلها إلى فهم حقوقها والظلم الواقع عليها. فكثيرا ما أدى العيش بين جدران المنزل لفترات طويلة إلى شيء من البلادة لدى بعض النساء، إذ يغرقن في عالم صغير جدا لا يتعدى الحديث عن الطعام واللباس وغيره. وهذا يؤدي إلى استغرابهن ودهشتهن واستهجانهن أحيانا، عندما حاولت نساء أخريات فتح آفاق جديدة للوصول إلى وضع إنساني أفضل. وللأسف، إن هذا يجد التشجيع من قبل أزواجهن لإبقاء الزوجة بعيدا عن الدور الصحيح الذي يجب أن تأخذه. فهم يفضلون امرأة بسيطة وغير مثقفة على امرأة منفتحة تريد العيش كإنسان متكامل وتطلب معاملة الند للند مع الرجل. إن الكثيرين يلتزمون جانب المثل الشعبي القائل: "ابعد عن الشر وغنّي له"، وكأن حرية المرأة هي الشر؛ لأنهم في قرارة أنفسهم غير مؤمنين بها حقا، فيستغلون خضوع المرأة غير آبهين إن كانوا عادلين أم لا، متوازنين مع ما يحفظونه من نصوص حول حرية المرأة أم لا، ومخلصين لدفع عجلة التطور ببلادهم أم لا، مع علمهم أن النساء يشكلن نصف المجتمع الذي لا يمكن تجاوزه عندما يراد الحديث عن تطور ونهوض اجتماعيين. إن هذا الوضع وجد أرضية خصبة لفكرة مفادها أن المرأة تخلق السعادة، وهي المسؤولة الوحيدة عنها. فيجب عليها تحمّل حتى ما لا يطاق، وكأنها مخلوقة خارقة أو حجرية، وكأن السعادة هي فقط الخضوع حتى الموت، والاستمرار في الحياة بمنزل لا تفاهم ولا انسجام فيه. وبهذه الفكرة تحلل الرجل من مسؤوليته كإنسان يسهم في الحياة الزوجية ونجاحها أو فشلها. فأين العدل والرحمة؟! أخيرا أقول: إنني لا أشن حربا ضد الرجل أبدا، فالرجل سر جمال المرأة وحنانها الخلاق، كما هي سر قوته وعطائه، ولكن أقول: إذا بقي وضع المرأة في مجتمعنا بهذا الشكل، وبقيت المرأة راضية بدائرة التخلف متقية شر النفوس التي ترى حرية المرأة عيبا، وترى إنسانية المرأة قفزا على التقاليد، والتخلف هو الأصالة. إذا بقيت المرأة العربية تراقب غيرها من النساء اللاتي حاولن شق طريقهن نحو الحرية والنور بإبداعهن وثقافتهن وقوة إرادتهن، وتلوكهن بلسانها وتضفي طابع الخسّة على كلمة الحرية وإبعادها عن أهدافها النبيلة والإنسانية. إذا بقي كل هذا، فلن يجد السياسيون والمثقفون وعلماء الاقتصاد والقانون والأدباء، وجميع من يهمهم أمر التطور الاجتماعي انتصارا لقضية المرأة وقضية الرجل معا.